موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٨ مارس / آذار ٢٠١٧
الله يسمع صلوات المظلومين، وآسيا بيبي تؤمن بذلك

بقلم: باولو افاتاتو ، ترجمة: منير بيوك :

"أيها الرب، ارحمني"، هذا ما قالته آسيا بيبي في صلاتها الصامتة. إنها تكرر ذلك باستمرار، كل ثانية، كل دقيقة، كل ساعة، من أيامها الطويلة في سجن النساء، من مولتان بباكستان. تقبع آسيا في إحدى الزنزانات الأربع الواقعة في منطقة معزولة تمامًا بالسجن. أما الزنزانات الثلاث الأخرى فهي فارغة. يتسم زمنها الأربعيني بالصلاة المستمرة. إنها الصلاة التي تتبع إيقاع التنفس، مثل صلاة الحاج الروسي، فهي "الصلاة الصادرة من القلب". لكن لم يعلمها معلم لاهوتي هذه الصلاة. إنها تقدمة من النعمة وقوة تأتي من فوق تحفظها وتمنحها الراحة في عزلتها.

آسيا بيبي هي سيدة مسيحية تم الحكم عليها بالإعدام بتهمة التجديف، علمًا أنه تم سجنها منذ العام 2009. إنها تصلي بلا انقطاع في زنزانتها أثناء طهيها لطعامها بعد أن تم منحها تصريحًا خاصًا لإعداد طعامها الخاص بنفسها خلال ممارسة المشي يوميًا لوحدها. وقد جرى السماح لها بترك جدرانها الأربع لتسترخي ولتحافظ على لياقتها.

فهي تصلي حين تجلس أمام الله، وتحمل نسخة مهترئة من الكتاب المقدس على ركبتيها، وتدعو للموآساة والخلاص معتمدة على إيمان خالص، وعلى هبة بسيطة خالصة من محاولات لفهم عقلاني لمصيرها... مصير بريئة محكوم عليهم بالإعدام. لا يمكن لآسيا أن تجد السلام إلا من خلال الإيمان، فقط من خلال النظر إلى المسيح نفسه.

في الفترة الأخيرة، أرسلت آسيا رسالة إلى زوجها "عاشق" بمساعدة إحدى حارسات السجن، وهي إمرأة مسيحية مقربة منها بشكل خاص. فقد طلبت إجراء لقاء مما جلب القلق لعائلتها. وقد علم موقع "الفاتيكان إنسايدر" أنه تم عقد اللقاء في السادس من آذار عندما حضر إلى مولتان كل من عشيق مسيح، ونديم يوسف، وهو الوصي على الأسرة والمسؤول عن مؤسسة تعليم النهضة في لاهور التي توفر التعليم لأطفال آسيا وفي الوقت نفسه تغطي الرسوم القانونية الخاصة بها.

أبلغ يوسف نديم موقع "الفاتيكان إنسايدر "أن آسيا في حالة صحية جيدة. إلا أن نظرها قد تدهور وهي بحاجة إلى نظارة. طلبت رؤيتنا لأنها أرادت أن تعرف الوضع السياسي وآفاق استئناف حكمها". أضاف نديم: "في الخريف الماضي أبلغناها بالإستئناف أمام المحكمة العليا، ثم تأجل الأمر في اللحظة الأخيرة عقب استقالة أحد القضاة‘ إلا أننا طلبنا منها أن تبقى ثابتة. سنقدم الطلب في نهاية شهر آذار عند عقد جلسة جديدة أمام المحكمة العليا. نأمل أن يحدث ذلك بحلول شهر نيسان. إن تبرئة آسيا ستكون أفضل هدية بعيد الفصح".

تبدو الظروف السياسية والاجتماعية حاليًا في باكستان مؤاتية، كما أن محاميها المسلم سيف ملوك، رئيس الفريق المسؤول عن الدفاع عن آسيا، ينوي استغلال تلك الظروف. فعلى المستوى السياسي، ينشغل الرأي العام في باكستان بنقاش يخص الشؤون الداخلية للحكومة الباكستانية مثل مكافحة الإرهاب وفضائح الفساد إضافة إلى الشؤون الخارجية مثل علاقتها المعقدة مع جارتيها الهند وأفغانستان.

علاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فريق الدفاع عن آسيا بيبي واثق على نطاق واسع بالمحكمة العليا، كما أنه لا يزال مقتنعًا أنه -بالنظر إلى الأدلة وإعادة النظر بالقضية التي عرضت على القضاة- سيتم تبرأتها. يقول المحامون: "يجب علينا أن نحترم وقت العدالة والمضي قدمًا بصورة تدريجية". على الرغم من ذلك، فإن النظام القضائي لم يعط لحد الآن اثباتًا كافيًا بحياديته ونزاهته فيما يخص قضية آسيا. وبحسب ما يقوله المحامون فإنه "بالنظر إلى محكمة البداية والاستئناف، فإن العملية القضائية لم تنته بعد، وبالإمكان استخلاص الأمور فقط في نهاية المرحلة الثالثة".

بدلاً من ذلك، فإن الأمر الأكثر ضرورة من أي وقت مضى هو تسديد الرسوم القانونية المناسبة للإجراءات الخاصة أمام المحكمة العليا. لهذا السبب يطلق نديم نداءً جديدًا إلى المجموعات والمنظمات الخاصة أو الأفراد المانحين "لتسديد التكاليف القانونية لمحاكمة آسيا بيبي، من خلال تقديم الدعم إلى مؤسسة تعليم النهضة في لاهور.

يقول نديم: "إلى جانب الدعم المادي، يبقى الدعم الروحي ضروريًا. إننا نطلب من المؤمنين ومن جميع الذين يهتمون بقضية آسيا بيبي عدم الانقطاع عن الصلاة". إن آسيا لا تنقطع أبدًا أن تخص نفسها بصورة خاصة في الصلاة إلى الآب الأقدس. وهي على قناعة بأن الرب سوف يسمع صلاتها". فالله يسمع صلوات المظلومين، كما يقول الكتاب المقدس، وآسيا تؤمن بذلك من كل قلبها.