موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠١٩
الكاهن الكلداني العراقي ربوار باسا يتحدث عن معنى الاستشهاد

الفاتيكان نيوز :

في أعقاب هجمات يوم عيد الفصح في سريلانكا، عادت الكنيسة لتتأمل بمعنى الاستشهاد المسيحي الذي خبرته وما تزال تختبره مختلف الجماعات المسيحية حول العالم. وهي تدرك تمامًا أن دماء الشهداء تشكل شهادة سامية لحمل صليب المسيح وصولا إلى حد التضحية بالذات.

وقد صلى العديد من هؤلاء الشهداء من أجل قاتليهم أيضًا وقدموا الشجاعة للعديد من أخوتهم وأخواتهم المسيحيين الذين يعيشون ضمن بيئات ثقافية، تاريخية وجيوسياسية مختلفة، وما يزالون عرضة للاضطهاد الديني بشتى أنواعه.

وفي مقابلة مع موقع الفاتيكان نيوز، قال الكاهن العراقي الكلداني ربوار باسا، الذي كان شاهدًا على مصرع العديد من أخوته الكهنة في الموصل وبغداد، وهو يخدم حالياً الجالية الكلدانية في ألمانيا، أن من ذهبوا ضحية الاعتداءات الإرهابية الأخيرة في سريلانكا ينبغي اعتبارهم شهداء، لأن كلمة شهيد تعني في الواقع شاهد.

ولفت إلى أن هؤلاء المؤمنين توجهوا إلى الكنائس من أجل الاحتفال بالقداس لمناسبة عيد الفصح ولكي يشهدوا لقيامة الرب من بين الأموات. وقد قُتلوا في ذلك اليوم، وهم بالتالي شهداء، كما ينبغي التذكير بأن الشهيد المسيحي هو الشخص الذي ينحاز إلى جانب الله، وإلى جانب الخير لا الشر، لأن من يرتكب الأعمال الشريرة ويُقتل هو في الواقع شهيد مزيّف! أما الشهيد الحقيقي فهو من يقوم بأعمال الخير ويضحي بذاته يوميا ويقبل بالموت من أجل الآخرين.

كما أكد الكاهن باسا أن كلمة شهيد غالبًا ما تُستخدم بطريقة خاطئة في مختلف البيئات الاجتماعية والدينية. أما المسيحي فيدرك تمامًا أن الاستشهاد يعني اتّباع المسيح، الذي غفر للآخرين ومات على الصليب من أجل خلاص العالم. هذا هو معنى الاستشهاد الحقيقي.

وفي سياق خبرته الشخصية، روى الكاهن الكلداني العراقي أن المسيحيين طُردوا من مدينة الموصل بعد أن سيطر عليها تنظيم داعش. وكانت توجد في المدينة مختلف الكنائس الشرقية: كنيسة السريان الكاثوليك، والسريان الأرثوذكس والكلدان. وقال إنه في العام 2006 عندما اختطف مسلحون الكاهن السرياني الأرثوذكسي بولس إسكندر وقتلوه بطريقة وحشية، شارك الكاهن رغيد كني في مراسم تشييعه، وعندما عاد إلى منزله في اليوم نفسه كتب صلاة جميلة تطرق فيها إلى موضوع "مسكونية الدم".

وتابع الكاهن باسا: لقد أعطى هذا الكاهن الشهيد الذي ينتمي إلى كنيسة السريان الأرثوذكس قوة كبيرة لرغيد كنّي والذي قُتل بدوره بعد ستة أشهر. وقد أعطى كنّي باستشهاده القوة نفسها للمطران بولس فرج رحو الذي تابع عمله وخدم أبرشيته وصولا إلى حد التضحية بالذات. وهذا الأمر يشكل مثالاً رائعًا على اتحاد الشهداء مع بعضهم البعض. ولفت إلى أن ما حصل في سريلانكا يوم الأحد الفائت يحملنا على أن نكون أكثر اتحادًا، خصوصًا عندما يهاجمنا العدو لأننا مسيحيون، ليس لكوننا كاثوليك أو أرثوذكس أو بروتستانت. وهذا الأمر بذات يشجع جميع المسيحيين على تحقيق مزيد من التقارب فيما بينهم وعلى تخطّي كل الاختلافات الثانوية.

وخلص الكاهن العراقي حديثه لموقع الفاتيكان نيوز مشيرًا إلى أن المسيحيين في الغرب يعيشون وضعًا من الرخاء، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يعيشون حياة هنيئة لا يثمّنون الحرية التي يتنعمون بها مع أن الحرية لم تأت بشكل عرضي في أوروبا والمجتمعات الغربية الأخرى لأنها تطلبت كمًا هائلا من التضحيات. لذا ينبغي ألا ينسى الغرب تاريخه، وعليه أن يسعى جاهدًا إلى الحفاظ على هذه العطايا وعلى إيمانه بالرب الذي وهبه الحياة والحرية.