موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
الكاردينال بارولين في عنكاوا: دمكم وشهادة إيمانكم كنز للكنيسة

عنكاوا – الفاتيكان نيوز :

توجه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين مساء الأربعاء 26 كانون الأول إلى إقليم كردستان حيث تم استقباله في مطار أربيل ثم توجه إلى البطريركية الكلدانية في عنكاوا. وعقب عدد من اللقاءات التي أجراها صباح الخميس مع كبار مسؤولي الإقليم وزيارة المؤسسات الكاثوليكية احتفل أمين السر بالقداس الإلهي مساء الخميس في كاتدرائية مار يوسف للكلدان في عنكاوا وذلك في ذكرى استشهاد أطفال بيت لحم.

وبدأ عظته موجها التحية للجميع وذلك أيضا باسم البابا فرنسيس الذي كلفه بحمل بركته الرسولية وتأكيد قربه وتذكره اليومي في الصلاة. ثم تابع الكاردينال بارولين متحدا عن تذكره فور وصوله أربيل، وعنكاوا تحديدا، استقبال الأعداد الكبيرة من الأخوة والأخوات القادمين من الموصل وسهل نينوى ومناطق أخرى، وأكد تذكُّر تلك المشاهد المأساوية من صيف عام 2014 للنزوح الإجباري لكثيرين قرعوا أبواب هذه المدينة ليجدوا ضيافة رائعة، ودعا هنا إلى تذكر كلمات يسوع "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه" (راجع متى 25، 40). وأشار أمين السر إلى مواجهة العنف والتعصب بالتضامن والقرب حيث قدم الكثير من الأشخاص هنا ومن الكنيسة الجامعة الدعم للمسيحين وغيرهم من العراقيين المتألمين، وذلك بالصلاة والمساعدات الملموسة وأيضا إرسال المتطوعين

وواصل الكاردينال بارولين مشيرا إلى أن تلك الأحداث تذكِّرنا بحديث الكتاب المقدس عن شاول السائر إلى دمشق، حين سمع صوتا يسأله "شاول، شاول، لماذا تضطهدني" (رسل 9، 4)، فأجاب متسائلا "مَن أنت يارب" (9، 5) وتلَقى الإجابة "أنا يسوع الذي أنت تضطهده" (9، 5). وقال أمين السر بالتالي إننا حين نتحدث عن الاضطهاد فإننا نتحدث عن علاقة تماثُل يسوع مع تلاميذه، فمَن يفعل شرا ضد جسد المسيح الذي هو الكنيسة يفعله ضد يسوع نفسه، فقد أراد الرب أن يتحد بنا. وفي الميلاد نحتفل بهذا السر، قال الكاردينال بارولين، سر محبة الله الذي أصبح واحدا منا، هذه هي البشرى السارة التي تتردد أصداؤها في الكنائس كافة: "الكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا" (يو 1، 14). لقد جاء إلى العالم النور الحقيقي الذي يهزم الظلام وينير كل إنسان. وذكّر الكاردينال بارولين في هذا السياق بكلمات البابا القديس بولس السادس في الرسالة إلى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد سنة 1967، حين تحدث عن كون مجيء المسيح ينبوع فرح حقيقي وعظيم، والرجاء، والخلاص الذي يتوق إليه الإنسان.

توقف الكاردينال بارولين في عظته بعد ذلك عند استشهاد أطفال بيت لحم الذين قتلهم هيرودس، فقال إنهم استشهدوا في سبيل اسم المسيح قبل أن يعرفوه، وقدّموا دمهم من أجله واعترفوا به قبل أن يتمكنوا من الكلام. وتابع أمين السر أننا نبقى بلا كلمات أمام سر المعاناة والألم، إلا أنه في هذا السر تظهر بشرى انتصار يسوع السارة، انتصار الخير على الشر. وأضاف أننا بتأمل ابن الله، الطفل الأعزل في المذود، يمكننا أن نجد الإجابة على تساؤلاتنا العميقة حول الشر والموت. وتابع مؤكدا أن الكلمة الأخيرة في التاريخ أو في حياتنا ليست للشر، بل هي لمحبة الله التي تهزم الشر. وواصل مذكرا بالأعداد الكبيرة ممن بذلوا حياتهم من أجل المسيح عبر التاريخ والذين يحدثنا عنهم سفر الرؤيا حين يتحدث عن المختارين في السماء.

ووجه الكاردينال بارولين حديثه إلى المؤمنين قائلا: "أنتم كنيسة شهداء، ودم شهدائكم وشهادة إيمان الكثير من أخوتكم وأخواتكم هي كنز للكنيسة وبذرة حيوية جديدة". وتابع داعيا الجميع في نور مَثل هؤلاء الشهداء إلى مواصلة عيش الإيمان بفرح وشكر، والاستمرار في إظهار المحبة للجميع والمغفرة، ليكونوا صانعي شركة مبعِدين الانقسامات والخلافات فيصبحون صانعي مصالحة وسلام في عالم مفكك، متذكرين أن "الكنيسة هي في المسيح بمثابة السرّ، أيّ العلامة والأداة في الاتّحاد الصّميم بالله ووحدة الجنس البشريّ برمتّه" (راجع الوثيقة المجمعية الدستور العقائدي في الكنيسة "نور الأمم" 1)، وسيتمكنون هكذا، تابع الكاردينال بارولين، من تقديم إسهام أساسي في بناء المجتمع والبلاد مع المواطنين الآخرين.

وفي ختام عظته، أعرب أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عن فرحه لعودة الكثير من العائلات إلى بلداتها وأكد أن دعم هذه العودة هي مسؤولية الجميع. ثم شدد على كون رسالة الميلاد الحقيقية رسالة سلام وخير للجميع ومحبة للقريب، وتمنى للحضور وللعراق بكامله عطايا الوحدة والمصالحة والوئام، وتضرع كي يجدد ميلاد المسيح القلوب ويحفز الرغبة في بناء مستقبل أكثر أخوّة وتضامنا، ويحمل للجميع الفرح والرجاء. وختم طالبا مرافقة مريم، أمنا وأم الكنيسة، الجميع بحنانها وأن تدعمهم في الرجاء.