موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٨ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧
الفيليبين: تحرير الكاهن الرهينة لدى الجهاديين في مراوي

بقلم: باولو أفاتاتو ، ترجمة: منير بيوك :

استيقظت الكنيسة الفلبينية صباح هذا اليوم لتتلقى بعض الأخبار الطيبة. لقد نال الأب تشيتو حريته. ففي فجر يوم الأحد 17 أيلول، تمكن الجيش الفلبيني من انتزاع أسقف مراوي تيريسيتو سوغانوب ورهينة آخر من أيدي الجهاديين الذين يقاتلون في وسط مراوي، وهي المدينة التي تقع في جزيرة مينداناو المحتله منذ 23 أيار. وفى حين تم التأكيد على أن الكاهن بصحة جيدة، أعلن المتحدث باسم الرئاسة لعملية السلام، جيسس دوريزا، أن العمليات العسكرية فة مراوي تتصاعد رامية إلى وضع حد لأعمال العنف التي تقوم به جماعة "موات" المسلحة، التي أعلنت ولاءها للدولة الإسلامية.

سيعود أسقف مراوي إدوين دي لا بينا على إيقاع الأخبار السارة في طريق عودته إلى الفلبين بعد حضور اجتماع عقدته في روما جماعة "سانت إيجيديو" الكاثوليكية. وقبل مغادرته إيطاليا، قال الأسقف في مقابلة مع الفاتيكان إنسايدر "إن الله يعلم حتى كيف يخرج الخير من الشر. هذه هو تجربتنا اليوم، فقد تغلب اليوم المسيحيون والمسلمون على إجحافهم ومارسوا "الإنسانية المشتركة". كما شكلت القصة الحزينة لتدمير مراوي فرصة لتطوير الشفقة والرحمة المتبادلتين.

نجا الأسقف من الاختطاف بمعجزة. فخلال زيارة رعوية إلى أبرشية خارج المدينة، تأخر للاحتفال بإقامة الإحتفالات الخاصة بمراسيم العماد والتثبيت، وبالتالي تأخر وصوله إلى الكاتدرائية التي اقتحمها الجهاديون في هذا الأثناء وقاموا باختطاف الأب تشيتو وغيره.

أمام تدمير كاتدرائية ومدينة، قدم تفسيره لما حدث مستدركًا قوله: "اليوم يشبه حلب، يد من أعلى تسير التاريخ، حتى في أكثر اللحظات حلكة وألمًا". وبينما يستمر حصار مراوي، يروي الأسقف دي لا بينا قصص غير اعتيادية عن التضامن بين الأديان، فيقول: "إن المسلمين ينقذون المسيحيين. ومن أجل حمايتهم من الإرهابيين، فإنهم يعرضون حياتهم للخطر. رحب المسيحيون في المنطقة المجاورة لمراوي بالمسلمين اللاجئين الذين ينزحون من مدينة يسكنها مسلمون بنسبة 90 بالمئة. سيستمر هذا الموقف في المستقبل. فهذا الحدث الذي وقع في مراوي، سيولد من رماد المأساوي مجتمعًا جديدًا يتميز بالرحمة".

على الرغم من كل ما حدث، فإن الأمل في التوصل إلى نتيجة إيجابيه صار أكثر واقعية. "لدينا أخبار مشجعة. أكد لنا الجيش أنه لن يتم التعامل مع الرهائن على أنهم ‘مسببي أضرارًا جسيمة’ وأنه سيتم القيام بكل ما يلزم لإنقاذهم. قال الرئيس دوتيرت أنه لن يتعرض المسجد الذي يتواجد فيه المتمردون الآن للقصف. في هذه المرحلة تتسم العمليات العسكرية بكونها جراحية، ونحن راضون عن هذا النهج. فقصف مكان عبادة إسلامية يولد الكراهية وقد يستغل الراديكاليون المسلمون الوضع بسهولة".

إننا نواصل الصلاة والأمل. "فالمؤمنون المختطفون يمتلكون قوة كبيرة في قلوبهم تعززهم. أنها الإيمان ونعمة الله". كما يشير دي لا بينا إلى "حسن نية القادة المسلمين مثل رؤساء جبهة تحرير مورو الإسلامية. نحن نعمل معًا: هذا يحسن علاقاتنا ويشجع الجميع. إنها علامة جيدة لمستقبل مراوي، فهي تصدر من كل من القادة ومن عامة الناس. إن تجربتنا الطويلة في المشاركة والتضامن تقدم الأمل بالمستقبل".

أمام أنقاض هذه الكاتدرائية، لن يسمح لليأس أن ينتصر. يقول: "لم أقم بعد بزيارة الكنيسة لأنه على الرغم من أنها آمنة إلا أنها لا تزال في "المنطقة الحمراء" كما تقع تحت الحصار. سنعيد بناءها بمساعدة المسيحيين والمسلمين والعديد من المانحين الدوليين. إننا على ثقة في ذلك، وستكون أكثر جمالاً مما كانت عليه في الماضي".

الكاردينال أورلاندو كيفيدو مقتنع أيضًا بذلك، علمًا أنه قد شارك في التوقيع على إعلان بعنوان "صرخة السلام من أجل مينداناو"، التي شجعت التوصل إليها جماعة "سانت إيجيديو" الكاثوليكية. في حديثه إلى الفاتيكان إنسايدر، بقول: "يتطلب مستقبل السلام إقرار قانون بانغاسامورو الأساسي"، الذي يعين منطقة حكم ذاتي جديدة في مينداناو للمسلمين. وبوصفنا أعضاء في الكنيسة، فإننا نؤيده، كما نأمل أن يمرر الكونغرس القانون، علمًا أن الرئيس رودريغو دوتيرت قد وعد بالتزامه الشخصي به.

وفيما يتعلق بالتطرف المسلح الذي ينتشر في جنوبي الفلبين، يقول كيفيدو: "إن قضية مراوي قد أبرزت الصلة بين عمليات تجنيد الجماعات الجهادية والإتجار بالمخدرات. فالإيديولوجية الراديكالية سائدة لأن الشبان المسلمين، الذين يعيشون ظروف الفقر والتهميش، يجذبهم المال الذي تقدمه الجماعات الجهادية بفضل الأرباح التي يجنوها من الاتجار بالمخدرات".

"علاوة على ذلك، يشعر الشبان بالإحباط بسبب إقرار منطقة الحكم الذاتي: فهذا هي خطوة حاسمة لسرقة الأرض من الدعاية المتمثلة بالخلافة وببناء سلام دائم. ينبغي أيضًا الأخذ بعين الإعتبار أنه ما تزال أيديولوجية الخلافة، المرتبطة بالأمجاد السالفة، تقدم قدرًا من الإنبهار مبني على أسطورة. سيكون إقرار منطقة حكم ذاتي خطوة حاسمة بإقناع الشبان المسلمين في بناء مستقبلهم بعيدًا عن الأسلحة والإرهاب".