موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الثلاثاء، ٢١ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠
العنف السياسي ضد المراة

الدكتورة هبة حدادين :

المرأة هي عصب أساسي في الشراكة مع الرجل وفي الحياة وفي جميع المجالات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية والإعلامية. المرأة ليست عدو في ساحة معركة، بل هي شريكة لتكاملية الأدوار في الحياة، لكن للأسف في الآوانة الأخيرة شهد الوطن العربي لا بل العالم العنف ضد المرأة سياسيًا وإنسحابها من المشاركة السياسة كتهديدات والتشهير والتحرش الجنسي والمقاطعة الاجتماعية والإكراه والقتل والاغتصاب والإختطاف والضرب، وأصبح تمثيل مشاركة المرأة سياسيًا في الانتخابات النيابية، المجالس البلدي، المحافظة والوزارة والأحزاب السياسية، دون الطموح علمًا بأنها تمثل نصف المجتمع.

في هذا المقال سأسلط الضوء على هذه الظاهرة للحد منها.

يعرف العنف السياسي ضد المرأة: هو شكل من أشكال العنف الذي يمارس ضدها، عنف ممنهج وموجه، تُسلب المرأة حقها في التعبير عن رأيها السياسي؛ كالترشح في البرلمان، أو المجالس البلديّة أو في الأحزاب السياسية تتمثل في عدة أشكاله النفسية والجسدية والجنسية والاقتصادية والإعلامية في السياسة مما يؤثر على إستعدادها وقدرتها لإنخراط في الحياة السياسية ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان والعنف أساسه التمييز القائم على الجنس.

أمثلة على العنف السياسي ضد المراة داخل الأسرة

تساهم العلاقات العائلية في تدني مستوى المشاركة السياسية للمرأة، إذ يمنع بعض الأقارب الذكور قريباتهم من المشاركة السياسية وهو حق دستوري كفله الدستور للمرأة بالإنتخاب، عندما تمنع الأسرة المرأة من الترشح للعملية الانتخابية لاعتبار هذا المنصب منوط فقط بالرجل، أو بإجبارها على التصويت لمرشح ترغب العائلة في فوزه. ويمارس البعض ضغوطًا عليهن باتجاه عدم الترشيح في الانتخابات العامة، ويمارس بعض الأزواج والآباء ضغوطًا على زوجاتهم وبناتهم باتجاه منح صوتهم لمرشح معين دون آخر، مما يحول المشاركة السياسية للمرأة إلى مجرد تعبئة سياسية وليس مشاركة حقيقية فاعلة.

أمثلة على العنف السياسي ضد المرأة داخل المجتمع المدني، كالأحزاب السياسية والنقابات والعمالية والمهنية والمستقلة والاتحادات بوضع قيود أمام النساء للوصول للمناصب القيادية لصنع القرار، وعدم تقديم العون والمساعدة لها، وبامتناع الأحزاب عن ترشيح المرأة على قوائمها الانتخابية إلا حشوة بالقائمة ونشهد حالات عزوف عن ترشح النساء في العديد من الدوائر الانتخابيةأ ذلك لأن هناك خوف من عدم قدرتها على المنافسة وخسارتها للمقاعد البرلمانية علاوة على أن الثقافة السياسية والاجتماعية بيئة غير آمنة للنساء.

عمل الأردن على إدماج المرأة في الحياة العامة من خلال البرامج والخطط والإستيراتيجات وقد نص الدستور الأردني على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إذ جاء في المادة السادسة منه: (الأردنيون أمام القانون إن اختلفوا في سواء لا يميز بينهم في الحقوق والواجبات وا العرق أو اللغة أو الدين). وكلمة أردني في القانون تعني كل شخص يحمل الجنسية الأردنية ذكرا وانثى. والنص الدستوري كفل المساواة للمرأة والرجل في المساواة لكن الخلل في آلية تفعيل هذا القانون على أرض الواقع. وأيضا سلطت أهداف التنمية المستدامة الهدف الخامس الذي نص على المساواة بين الجنسين ضمانة مشاركة المرأة الكاملة والفعالة للعدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص في صنع القرار وتوسيع مساحة الحوار وجعل مساحة سياسية آمنة للمرأة.

من أكبرالتحديات التي تواجه المرأة سياسيًا قلة مشاركتها وممارستها وتمثيلها سياسيًا. أمثلة النظام الأبوي التقليدي والثقافة الذكورية والقوالب التمطية والمعتقدات المغلوطة أن المرأة غير مؤهلة للعمل في المناصب القيادية السياسية. أن المراة كائن ضعيق والرجل اقدر على تحمل الأعباء .وأيضا الخوف من خوضها لعملية الانتخابية، فالحملات الانتخابية مكلفة تحتاج إلى تمويل. نجدر للانتباه أن العنف الانتخابي التي تتعرض خلال الحملات الانتخابية ان كان في الشارع او اللقاءات الجماهيرية وإن تربعت في قبة البرلمان تتعرض للتنمر على المواقع شبكات التواصل الاجتماعي وهي عرضة اكثر من الرجل والتهديدات والتشهير والتحرش الجنسي والإكراه والقتل والاغتصاب والخوف من التعبير عن رأيها ومواقفها، مما يترتب انسحابها من الحياة السياسية ويوثر سلبا، والنظام الكوتا في الوقت الراهن هي ميزة ايجابية للمرأة لكن على المدى البعيد لا يحقق العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص.

وأشار أن منتدى الاستراتيجات الأردني أن مؤشر الفجوة الجندرية والذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي على اساس سنوي الذي يقيس مؤشر الفجوة الجندرية بين الرجال والنساء على أربعة محاور الصحة والتعليم والمشاركة وفرص الاقتصادي والتمكين السياسي. ولاحظ تقدم في قطاعين الصحة والتعليم وتراجع في قطاع الاقتصادي والسياسي وهنا علينا الوقوف لإيجاد الحلول للحد من هذا التراجع والسير قدمًا من أجل عجلة التنمية والتقدم والإزدهار. لا بد من تغيير نظرة المجتمع للمرأة، ولا بد من وضع خطط واستراتيجيات للنهوض بالواقع الاقتصادي والسياسي للمرأة، ولا بد من تغيير التشريعات والقوانين الغير منصفة للمراة التي تسهم في ضمان حقوق المرأة في الحصول على فرص متكافئة وتجعل الأردن في مقدمة الدول التي تسد الفجوة الجندرية.