موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٢ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩
الطهارة من مشاعر الكراهية

د. حسان ابوعرقوب :

فريق من الناس يعيش وفي صدره بئر من الحقد والكراهية، حتى لا تكاد تجد فيه للحبّ موضعًا، فهو يكره كلَّ من يخالفه أو يختلف معه، وإذا عرفنا أنّ الناس قلما يتشابهون أو يتفقون سنعلمُ أنّ هذا الفريقَ البشريَّ لا محبّة له لأحد، حتى تصل كراهيته لأبويه، وأولاده، وزوجته، وجيرانه، لذلك نجد منهم من يدخل في عداوة وصراع مع هؤلاء المقرّبين الذين يتفق غالب العقلاء على محبتهم.

أجهلُ سبب هذه الحال التي تُخرج الإنسان عن طبيعته، وتُدخله في حلبات صراع الكراهية والبغض، حتى يتفجّرَ كرهًا وحقدًا، يكره مَن حوله، وما حوله، ويرى كلّ شيء قبيحًا، وكلّ الألوان على جمالها سوداء، إنه يعيش حالة من الاكتئاب المزمن، الذي لا شكّ أنه يحتاج إلى علاج فوري.

هل اختلافنا عن غيرنا أو مع غيرنا يلزم منه كرهنا لهم؟ أبدا، فالكون كله مبني على الاختلاف والتنوع، في الأشكال والألوان والأعراق واللغات والأديان والأفكار والمعتقدات والآراء، هذا هو الكون، جملة من الاختلافات تشكل صورته وحقيقته، ومَن تصوّر غيرَ ذلك فقد أساء فهم تركيبة الكون، وطلب ما لا سبيل للوصول إليه.

وماذا بعد هذه الكراهية، هل ستحلّ مشاكلنا؟ لن تزيدنا الكراهية من الآخرين إلا بعدًا عن المعاني الإنسانية، بل ربّما قادتنا إلى الاقتتال والاحتراب، فالدّمار والخراب، وسفك الدماء، وهتك الأعراض ونهب الأموال، هي النتيجة الطبيعية لمشاعر الكراهية والحقد عبرَ الأزمان، وفي مختلف البلدان.

الحلّ أن نتعلّم أنّ الاختلاف سنة كونية، لا سبيل للخلاص منها فعلينا أن نحسنَ التعاملَ معها، كما علينا أن نتقبّلَ المختلفَ عنا ومعنا، وأن نحصرَ نقاشَنا معه في عالم الأفكار فقط، وألاّ نجعله يزحف إلى عالم الأشخاص، فالمهم هو الفكر بغضّ الطرف عن قائلها، وبذلك نطهّرُ صدورَنا من كلِّ حقد وغِلٍّ وكراهية تُجاه المختلِف معنا، وتظلُّ قلوبُنا بيضاءَ طاهرة نقية، ويكون التعاونُ والتكاملُ السبيلَ الذي نسلكه مع الآخرين، لنقومَ بوظيفتنا في عمارة هذا الكون، على أسس الحقِّ والعدالة والمساواة بين البشر.

(الدستور الأردنية)