موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٦ فبراير / شباط ٢٠١٩
الشكر والثناء والتقدير.. تحفز الطالب نحو الإنجاز والابداع

ربى الرياحي - الغد :

تؤمن المعلمة في إحدى المدارس هناء هاشم، كثيرا، بالشكر كأسلوب فعال يغير من سلوكيات الطلبة نحو الأفضل، بل ويسهم في تطوير شخصياتهم وصقلها بمزايا إيجابية.

تواجه المعلمة هاشم مواقف عديدة مع الطلبة بحكم احتكاكها الدائم بهم، مما يتطلب أن تكون متنبهة يقظة تعرف جيدا متى ينبغي عليها أن تتدخل، وفق قولها، خصوصا أن هناك سلوكيات مزعجة وسلبية تصدر عن بعض الطلبة تلزمها بتخصيص جزء من الحصة كل يوم لمعالجتها.

استخدام المعلمة هاشم كلمات الشكر والإطراء كان السبب في تغيير سلوك أحد الطلاب. موضحة “جاء ذلك بعد شكاوى كثيرة وصلتني عنه من زملائه، دفعتني لأن أراقب بحذر شديد تصرفاته، فهو وبسبب تدليل أهله الزائد له يعطي نفسه الحق في الاعتداء على أغراض الطلبة الآخرين، إما بالتخريب أو الاستيلاء عليها غير مكتف بذلك فحسب، بل أيضا يتفنن في التوقيع بين زملائه والكذب عليهم”.

وتشير إلى أن حرصها الكبير على أن تعدل سلوك هذا الطالب، وتحمي بقية الطلبة، جعلها تلجأ إلى سرد بعض القصص التي تتضمن السلوكيات الجيدة والثناء على شخوصها.

وتضيف، أن هذه الطريقة أثرت في الطالب كثيرا فأصبح يحترم زملاءه، ويحافظ على ممتلكاتهم، بالإضافة إلى أنه تحول إلى شخص هادئ يحب جدا مساعدة الآخرين، مؤكدة أن تحفيز الطلبة معنويا وتقديم الشكر لهم يشعرانهم حتما بالمسؤولية وبضرورة التمسك بكل ما هو إيجابي.

يحتاج الطالب، كأي شخص آخر، لكلمات الشكر والثناء، فهي وببساطة تؤثر فيه كثيرا وتجعله يفتش عن السمات الإيجابية باستمرار راغبا في التقيد بها وتطبيقها فعليا داخل أسوار المدرسة. شعوره بالاحترام والتقدير بين زملائه يزيد من اندفاعه وحماسه نحو التصرف بإيجابية، كما يخلق عنده حس المسؤولية والإصرار على العطاء ويرفع من ثقته بنفسه.

ولكي يتحقق كل هذا، لا بد من بيئة مدرسية سليمة تهتم بتعزيز كل ما هو إيجابي، وذلك بالاعتماد على الأساليب التحفيزية الفعالة المؤدية لبناء جيل مميز وقوي يتسلح بالمبادئ والقيم العالية.

أما الطالب أيهم سامي الذي تسعده كلمات الشكر وتمنحه الإحساس بقيمته، فيصر دائما على إبراز أفضل ما عنده، ويحاول بشتى الطرق أن يكون مميزا بأخلاقه العالية وثقته الحاضرة في كل المواقف التي يتعرض لها. ومن ذلك حصل معه موقف في الصف الخامس حينما تشاجر مع أحد زملائه، واستدعتهما المديرة لتصلح بينهما.

تقول والدته “إحساسه بخطئه كان دافعا له لكي يعترف بالحقيقة كما هي بعيدا عن الكذب أو حتى إلقاء التهم على الطرف الآخر، الأمر الذي جعل مديرة المدرسة تحييه على شجاعته، وتثني على جرأته في قول الحق، وتحمل جزء من المسؤولية”.

وتضيف الأم “إشادة المديرة بسلوك طفلي ووصفه بالبطل أمام جميع زملائه زادا من تقديره لنفسه، كما أشعراه بحب وإعجاب المعلمين له، وجعلاه ينتبه أكثر على تصرفاته مركزا على تلك السلوكيات التي تخلق روح التعاون والمنافسة بين الطلبة مع الالتزام بتبادل مشاعر الود والاحترام”.

وحول ذلك، يقول اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة “إن التحفيز الإيجابي في زيادة الدافعية، وإن تنفيذه في الغرف الصفية أو في المنزل يمنح الطالب مساحة من السعادة، وبالتالي يصبح عنده دافعية للإنجاز، لذلك لا بد من أن ندرك تماما أنه يجب على المعلم تحفيز الطالب، وأن يقدم له هدية، وأن نشجعه عند الإجابة سواء كانت صحيحة أم لا، مما ينعكس إيجابا على حياته وتطوره في التحصيل الدراسي وسلوكه”.

ويذكر أن تحفيز الأهل له دور كبير في تحسن السلوك لدى الابن وتشجيعه على الإبداع والتقدم، ويوضح أنه يجب أن يكون التحفيز الإيجابي منهجا دائما.

يستخدم الثواب في حياتنا اليومية على نحو واسع لما ينتج عنه من آثار في السلوك، ويكرس الكائن البشري جزءاً من نشاطاته اليومية محاولاً الحصول على الخبرات الثوابية وتجنب الخبرات العقابية لمعرفته الأكيدة بأن السلوك المرغوب متبوع بالتعزيز أو الاستحسان عادة.

ويضيف “يعد التعزيز (الشكر) على درجة كبيرة من الأهمية في بناء شخصية الطفل؛ إذ من خلاله يتم زيادة معدل حدوث السلوك الإيجابي في المستقبل، من خلال إضافة مثيرات إيجابية أو إزالة مثيرات سلبية، ويتم ذلك من خلال وسائل عدة منها التعزيز ببيان الثواب الجزيل المترتب على السلوك الحسن، والتعزيز بالمكافأة المباشرة، والمدح والثناء على الفعل الحسن، وكذلك من وسائل التعزيز إظهار الحب والرضا عن المتعلم والابتسام بوجه الطفل والكلمة الطيبة”.

ويوضح “وللتعزيز بوجه عام شكلان؛ التعزيز الإيجابي الذي يقوم على إضافة أو ظهور مثير بعد السلوك مباشرة، مما يؤدي إلى زيادة احتمال حدوث ذلك السلوك في المستقبل في المواقف المماثلة، والتعزيز السلبي الذي يقوم على تقوية السلوك من خلال إزالة مثير بغيض أو مؤلم بعد حدوث السلوك المرغوب فيه مباشرة”.

ويختم مطارنة “يعد التعزيز وسيلة فعالة لزيادة مشاركة المتعلم في الأنشطة التعليمية المختلفة التي تؤدي إلى زيادة التعلم، كما يساعد التعزيز المتعلم على تقدير ذاته، وزيادة شعوره بالنجاح ويلعب دوراً مهماً في حفظ النظام، وضبط الفصل. كما أن تأثيره لا يقف عند حد سلوك الطالب المعزز وحده، وإنما يتعدى ذلك إلى التأثير في سلوك بقية زملائه من الطلاب”.