موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٩ فبراير / شباط ٢٠١٩
الشدائد تصنع الإنسان

د.حسان ابوعرقوب :

يمرّ الإنسان خلال حياته باليسر والعسر، بالرخاء والشدة، بالفرح والحزن، وهكذا يتقلب بين هذه المتناقضات حتى تنتهي الحياة. هذه هي طبيعة الدنيا، وهذا ما يلقاه الإنسان فيها، وما من عجب في ذلك. لكن لا شكّ أن العسر والشّدّة تجارب تحمل المرارة لصاحبها، وهي تحتاج إلى الصبر كي لا يقع الإنسان فريسة للهزيمة، والصبر مرّ طعمه وليس حلوا، وما كل الناس يقدر عليه، لذلك كان الصبر من الدرجات الرفيعات، التي تقرب الإنسان لمحبة الله تعالى ورضاه؛ والله يحبّ الصابرين.

الشدائد لا تصيب الإنسان عبثا، فهي امتحان وابتلاء من الله تعالى، والله يختبر عباده بما يشاء وكيف يشاء، مع وافر اللطف والرحمة، كي ينضج هذا العبد ويستوي ولا يحترق، فمع كل ابتلاء ينزل الصبر، وما على الإنسان إلا أن يلتقط الصبر كما احتضن البلاء والشدة، ليتجاوز المحنة، فتنقلب إلى منحة، فيكون من الفائزين المفلحين.

يعاني الإنسان من ألم البلاء والشدّة، وربما توجّع أو بكى؛ لكن عليه ألا ينسى أنّ الألم نعمة من الله تعالى، فلولاه ما استدل على وجود المرض، وما طلب الشفاء منه، لتخلص منه ومن آلامه المصاحبة له. وهكذا ألم البلاء يحثنا على طلب الشفاء والخلاص، ولا طريق للإنسان يسلكه قبل طريق خالقه ومولاه، فهذه الشدة تحمله على التوجه إلى الله تعالى، معلنا ضعفه وعجزه أمام قوة الله وقدرته، فتكون هذه الساعات من ساعات القرب إلى الله تعالى، ومن خلالها ترفع الدرجات، وتزال السيئات.

ومن خلال توجه العبد لمولاه ينتظر الفرج والتيسير، وانتظار الفرج عبادة، وهو خلال هذا الانتظار يكثر من الدعاء، والدعاء مخّ العبادة، وهكذا تنقلب حالة الشدة والضيق، إلى صلة يتصل العبد من خلالها بمولاه عز وجل، فيعظم أجره في الآخرة. وبعد انجلاء الهم والغم، وانقشاع سحابة الشدة والبلاء، يخرج الإنسان بروح جديدة، وقلب جديد، وخبرة جديدة في الحياة. فعلى الإنسان أن يقاوم ويقاوم كل شدة مع صدق التوكل على الله، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

(الدستور الأردنية)