بجو مِلؤُهُ الفرح والابتهاج استقبلَ ابناءُ رعية الجالية العربية لكنيسة القديس يوسف الامريكية في بومونا الزائر الكبير، رئيس الاساقفة بيرباتيستا بيتسابالا، الذي كان قداسة البابا فرنسيس قد عينه مدبرا رسوليا للبطريركية اللاتينية، وذلك بعد تقديم البطريرك السابق فؤاد الطوال استقالته لبلوغة سن الخامسة والسبعين من العمر، حسبما هو العُرف المُتبع في الكنيسة اللاتينية. وسيبقى سيادته في هذا المنصب الى ان يتم تعيين بطريركًا جديدًا للكرسي الرسولي في القدس.

وتأتي زيارة رئيس الاساقفة هذه في اطار الزيارات الراعوية الاولى التي يقوم بها سيادته لسائر رعايا البطريركية اللاتينية في الاردن، فلسطين، اسرائيل، قبرص وامريكا الشمالية. وتشمل جولته في امريكا الشمالية كنائس الجاليات العربية الكاثوليكية التالية: كنيسة القديس يوسف في بومونا، جنوب كاليفورنيا، كنيسة القديس توماس مور، سان فرانسيسكو، شمال كاليفورنيا، وكنيسة الراعي الصالح في يانكورز، نيويورك.

واثناء زيارته للجالية العربية لكنيسة القديس يوسف العربية في بومونا، ترأس سيادته يوم السبت 6 من ايار، الاحتفال بالقداس الإلهي الذي اقيم مساء يوم السبت الموافق السادس من شهر ايار. وقد تخلل الاحتفال منح سر المناولة الاولى وسر الميرون المقدس (التثبيت) لعدد من ابناء الرعية. وقد حضر الاحتفال جمعٌ غفير من ابناء الرعية، كما حضر الاحتفال عدد كبير من فرسان وسيدات القبر المقدس، الذي جاءوا للمشاركة بهذه المناسبة خصيصا من سائر ضواحي جنوب كاليفورنيا، نظرا لأن سيادة رئيس الاساقفة كان يشغل منصب "حارس الاراضي المقدسة" في القدس لمدة خمسة وعشرين عاما على التوالي. والمعروف ان فرسان وسيدات القبر المقدس يتبعون لجمعيةٍ تُكَرِّسُ جهودَها لدعم الكنائس والمدارس التابعة للبطريركية الكاثوليكية اللاتينية في الاراضي المقدسة في فلسطين والاردن، حيث تعتمد البطريركية الكاثوليكية في القدس على الدعم المالي المقدم من جمعية فرسان وسيدات القبر المقدس بشكل كبير جدا.

وبعد انتهاء المراسيم الدينية توجه الجميع الى قاعة الكنيسة وهم يرتلون احدى تراتيل الفصح المجيد حيث قدم الجميع التلهاني لأهالي من نالوا الاسرار المقدسة واستمعتعوا بتناول وجبة خفيفة مع المرطبات والحلويات التي اعدت احتفاء بهذه المناسبة السعيدة. ثم سلم سيادة رئيس الاساقفة شهادات التثبيت والمناولة الاولى لمن نالوا الاسرار، ثم اصطف الاطفال واهاليهم لالتقاط الصور التذكارية بهذه المناسبة المقدسة السعيدة والغالية على قلوب المشاركين ووالديهم.

وخلال الحفل ألقى السيد ناصر عنابي (ابو اياد)، كبير ابناء رعية الجالية العربية لكنيسة القديس يوسف الامريكية، كلمة ترحيب بسيادة الضيف العزيز، استهلها باللغة الانجليزية قائلا: "مباركٌ الآتي باسم الرب"، وشكره على زيارته للرعية. ثم توجه للحضور وشكر كل من ساهم بالتحضير لهذا الحدث المهم وانجاحه، ثم شكر كل من شارك بحضور هذا الاحتفال المهيب، وخصوصا فرسان جمعية القبر المقدس. ثم استرسل كلمته باللغة العربية قائلا:

"بعيداً بعيداً وراء القيافي والقفار، وراء المحيطات والبحار، ومن اروشليم الارضية، حيث لأسقُفِنا وصحبه مَقَارْ وحُسْنَ جِوار، رَفْرَفَ طائرُ السعدِ ثم حلَّق وطار، فابتدأ المشوار: أسقُفُنا يؤم هذي الديار، لوس انجلوس، له فيا بنون صغارٌ وكِبَارْ، يزفُّ لهم البشارةَ وأسْعَدَ الأخْبار. فحلَّ بيننا بعزةٍ ووقار. فلمَّا أطَلَّ بِتُّ أتساءَلُ، لمِا في مُحَيَّاهُ مِنْ أنوار: أوَجْهُكَ سَيِّدي هذا، أم الأقمارْ؟ وَبَعْدَ تَأَمُّلٍ وأفكارْ، قُلتُ بدون إحتيار: ظلَمْتُكَ إذْ شَبَّهْتُكَ بالأقْمَار. فَمَا البَدْرُ إلَّا جَمَادٌ لَيْسَ لهُ إختيارْ، يَنْقُلُ النُّورَ مِنَ الشَمْسِ، وَليْسَ لَهُ القرارْ، والشَّمْسُ جَمَادٌ آخَرٌ يُضِيُء لنَا النَّهَار. وهو لا حِسٌ لَهُ ولا إدراكٌ ولا قرارْ، أرساهُ اللهُ في كَبَدِ السَّمَاءِ وبأمره يُدَارْ. أمَّا نُورُكَ سَيِّدي فَمَنْبَعُهُ أبو الأنوار، خَالِقُ الكونَ ومَا فيهِ مِنْ أسْرَارْ. نَلْقَاكَ اليومَ بِبِهْجَةٍ وافتِخَار، فقدْ جَعَلْتَ في القُدْسِ رَمْزَ فَخَارْ، مُتَوَّجَاً إكْليلَ غَارْ، لمَّا سَيَّرْتَ الأمٌورَ في عَمَّانْ خَيْرَ مَسَارْ، حَمَاَكَ اللهُ في الإقْبَالِ والإدْبَارْ، وأبْقَاَكَ لنَا وللبطريركية مَنَار". وانهى السيد ناصر عنابي كلمته بثلاث ابيات شعرية قال فيها: خليفةُ الربِّ للأمجادِ مُنْصَرِفٌ فكَـــمْ أنْعُمَــاَ قَــدْ أصْبَحْــــــــتَ تُولِـــيهَا، فلا فـَـضِيـلــةٌ إلا أنتَ لابِسُهَا ولا رَعِــيَّـــــةً إلا أنـــــتَ راعـِـــيهَــــــا، ألا ارفعْ صَلِيبَــاً لنَا وَبـَارِكْنَا فَفِي الصَّليِبِ مِنْ قَبَسٍ إلى الرَعِيَّةِ يُهْدِيهَا.

والجدير بالذكر ان سيادة رئيس الاساقفة كان قد وصل الى مطار لوس انجلوس يوم الجمعة الموافق 5 ايار وكان يرافقه في رحلته هذه سكرتيره الخاص قدس الاب جورج ايوب، من كهنة البطريركة اللاتينية، وكان في استقبالهما في المطار ثلةٌ من ابناء الرعية وعلى رأسهم قدس الاب ريك فان دي ووتر كاهن الرعية المحبوب.

وتوجه سيادته بعد ذلك الى الابرشية الكاثوليكية في لوس انجلوس، حيث عقد اجتماع مع سيادة رئيس الاساقفة الاسقف خوزيه جوميز وعدد من الاساقفة والمسؤولين في الابرشية، وتناول الاجتماع البحث في المواضيع ذات الاهتمام المشترك.

وفي صبيحة اليوم التالي، السبت، قام سيادته بزيارة إلى كنيسة قلب يسوع الاقدس في ريدلاندز، الكنيسة الشقيقة لكنيسة القديس يوسف في بومونا، حيث استقبله عدد من ابناء الجالية العربية الكاثوليكية هناك، واجاب على اسئلتهم حول اوضاع الكنيسة الكاثولكية الام في القدس والاردن، واطلعهم على بعض التفاصيل بخصوص موضوع جامعة مادبا الامريكية، والبرامج المستقبلية للكنيسة.

بعد ذلك توجه سيادته الى منزل الدكتور شارلي الصباح وعقيلته، وهما عضوان في جمعية فرسان القبر المقدس، اللذين كان لهما الشرف استضافته في منزلهما في ريدلاندز. وقد أقاما مأدبة غذاء على شرف سيادته، دُعي اليها، بمعية رئيس الأساقفة ومرافقيه، جمعٌ من فرسان القبر المقدس وأصدقاء وأقرباء الدكتور وعقيلته، وعدد من أبناء رعية الجالية العربية الكاثوليكية في جنوب كاليفونيا وعلى رأسهم كاهن الرعية الأب ريك فان دي وتر.