موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٧ مايو / أيار ٢٠١٩
الراعي: لعيش ’الحضارة القربانية‘ في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة

بيروت – أبونا :

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في كنيسة سيدة الانتقال في الصرح البطريركي في بلدة بكركي، شمال بيروت، شدد خلاله بأننا "مدعوون ومرسلون لنعيش حضارة القربان التي يحتاجها عالمنا في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة".

العظة

وألقى البطريرك الراعي عظة، جاء فيها: "ترائي يسوع لتلاميذه في أحد قيامته، وهم كهنة العهد الجديد ونواة الكنيسة الناشئة، يتصف بالطابع القرباني. ففيه عناصر القداس الخمسة الذي تحتفل به الجماعة المؤمنة مع كاهنها في يوم الأحد. هذه العناصر هي:

1. ليتورجية الكلمة: يسوع يلقي على التلاميذ كلمته التي جاءت في "توراة موسى والأنبياء والمزامير، وقيلت كلها عنه" (الآية 44). ثم "فتح أذهانهم ليفهموا الكتب" (الآية 45). في القداس نسمع كلمة الله في القراءات والعظة والأناشيد والمزامير والصلوات. في كل ذلك هو المسيح يكلمنا ويفتح أذهاننا بأنوار الروح القدس لنفهم كلامه.

2. ليتورجية القرابين: في النص الإنجيلي قدم التلاميذ ليسوع سمكا مشويا وشهد عسل، ونحن في القداس نقدم من ثمار الأرض الخبز والخمر اللذين يحولهما الرب إلى جسده ودمه، ونقدم معها ذواتنا وأعمالنا الصالحة وأتعابنا وأفراحنا وآلامنا من أجل تقديسها.

3. الذبيحة القربانية: في القداس تتحقق الآن وهنا ذبيحة الصليب لفدائنا وفداء العالم، وهي ذبيحة سرية حقيقية، غير دموية، تحت شكلي الخبز والخمر المحولين إلى جوهر جسد المسيح ودمه. أما في ترائي يسوع للتلاميذ، فكان هو هذه الذبيحة الدائمة، إذ "أراهم يديه ورجليه" الحاملة أثر الصلب والفداء.

4. الوليمة السرية: في القداس الإلهي نتناول جسد الرب ودمه للحياة الجديدة والاتحاد الكامل بالمسيح. أما في الترائي فقد أعطى يسوع ذاته لتلاميذه بحضوره معهم ولهم، وبقوله: "السلام لكم". لأن هذا السلام هو المسيح إياه، على ما يقول بولس الرسول (راجع أفسس 14:2).

5. الإرسال: في ختام ترائي الرب يسوع للتلاميذ، أرسلهم "ليكرزوا باسمه بالتوبة لمغفرة الخطايا، في جميع الأمم، ابتداء من أورشليم، وجعلهم شهودا لموته وقيامته" (راجع الآية 48). هكذا نحن عندما نعود إلى بيوتنا ومكان عملنا وممارسة مسؤوليتنا بعد القداس الإلهي، إنما "يبدأ قداسنا" كما كان يقول للمؤمنين القديس فيليب نيري في ختام قداسه: "إذهبوا! إنتهى قداس يسوع والكنيسة، وبدأ قداسكم".

وأضاف: "إننا مدعوون ومرسلون لنعيش حضارة القربان التي يحتاجها عالمنا في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. وهي حضارة العيش والعمل في نور كلمة الله، وحضارة البذل والتفاني في سبيل الخير، وحضارة هبة الذات المجانية مع الوقت والإمكانيات والمواهب والعلم. هذه الحضارة القربانية، إذا تحلى بها رجال السياسة عندنا وعاشوها، إستطاعوا عندئذ جعل الخير العام ودولة القانون والمؤسسات فوق كل اعتبار؛ وتمكنوا من حل خلافاتهم السياسية، وإقرار موازنة تكون أساسًا للنهوض الاقتصادي والاستقرار المالي؛ وعملوا جديا على محاربة الفساد ولو كان على حساب بعضهم؛ وأخلصوا الولاء للوطن اللبناني أرضًا وشعبًا ومؤسسات".