موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ٦ مارس / آذار ٢٠١٩
الخبر السارّ هو خبر المسيحي حصريًا!

بغداد - الأب ألبير هشام نعّوم :

كنتُ أشرح لطلاب معهد التثقيف المسيحي في بغداد، في مادة مبادئ وسائل الإعلام، ما هي المعايير التي تصنع من حدثٍ ما خبرًا يُنشر عبر وسائل الإعلام. وتوقفنا عند إحدى هذه المعايير وهي أن يكون الحدث حصريًا، أي أن تنقله إحدى الوسائل الإعلامية فتنال به سبقًا صحفيًا، ويصبح الحدث بالتالي خبرًا.

وعندما أصل عند هذه النقطة من مادّتي، أعطي مثلاً عن الرهبان المرسلين لمجمع انتشار الإيمان في الفاتيكان، الذين ينشرون أخبارهم عبر وكالة فيدس (Fides)، وللوكالة اليوم موقع على الانترنت يصدر بثمان لغات بضمنها العربية، ويهدف إلى نشر الاخبار حول "تبشير الشعوب" وكل الجوانب المتعلقة بهذا الهدف. وتنشر هذه الوكالة أخبارًا "حصرية"؛ لأن المرسلين يعملون في أماكن بعيدة لا يصلها الإعلام، ولا ينقل أخبارًا عنها لأنّه لا يهتمّ بما يحدث فيها، فتنفرد الوكالة بنشر أخبار الأحوال الاجتماعية والظروف الإنسانية في تلك المناطق النائية. فالأخبار التي تُنشر على وكالة فيدس غير متداولة عبر وسائل الإعلام الأخرى، فهي أخبار "حصرية".

يقدّم المرسلون من خلال أخبارهم هذه، نموذجًا لرسالة المسيحية التي تترك التسعة وتسعين في الجبال وتمضي في طلب الضالّ (راجع متّى 18/12)، وتعكس في الوقت ذاته اهتمام وسائل الإعلام الذي ينحصر على مراكز السلطة ومضارباتها السياسية وتنسى واجبها الإنساني!

وواحدة من الأخبار الحصرية التي نقلتها الكنيسة مؤخرًا هي إحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد أربع راهبات من مرسلات المحبة للأم تريزا في دار للمسنين والعجزة في مدينة عدن الساحلية جنوب اليمن، ومعهن 12 بريئًا من المسنين والمعوقين العجز، يوم 4 آذار 2016. وذكر موقع "أبونا" في نقله لخبر القداس الذي أقامه النائب الرسولي بهذه الذكرى: "إنهنّ مثال على الشهادة المتفانية، فعلى الرغم من تلقيهن التهديدات، إلا أنهن استمررن في مواصلة رسالتهن في خدمة الآخرين، حتى على حساب حياتهن الخاصة".

لم يهتمّ الإعلام بأخبار هذه المرسلات وبخدمتهنّ لأضعف الناس، فهنّ لا يصنعن خبرًا على الشاشات الفضائية، ولكنهنّ بالنسبة للمسيحيين خبر حصري بل معيار لصنع الأخبار، ومن يكتب عنهنّ خبرًا فلكي يجعل من هذا الحدث نموذجًا لعيش الإيمان بيسوع المسيح.

وهنا أختم بكلمات الأب مارتين لازارتي الساليزياني من رسالةٍ كتبها عام 2013 ووجهها لجريدة نيويورك تايمز الامريكية بكل جرأة وشجاعة: "لا يهمّنا أن نصبح خبرًا، ما يهمّنا فقط هو أن نحمل الخبر السارّ، هذه البشرى التي بدأت ليلة الفصح دون ضجيج. فشجرة تسقط تخلق ضجيجًا أكبر من غابة تنمو". والخبر السارّ، نشر الإنجيل، هو خبر المسيحي حصريًا!