موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
التمكين والريادة المجتمعية

د. محمد طالب عبيدات :

تشرّفت بحضور إطلاق وإشهار جمعية التمكين والريادة المجتمعية، والتي ترنو لإبتكار حلول خلّاقة لمعالجة البطالة بين صفوف الشباب في وطننا الغالي، حيث معضلة مثلث التعليم وسوق العمل والتمكين والريادة تشكّل هاجساً للجميع مؤسسات وأفراد، كما أن مسألة التمكين الإقتصادي هي الأولوية القصوى لباكورة هذا العمل، إذ أن شباب الوطن جميعاً يتطلعون لفرص العمل بعيونهم الثاقبة بعد تأهيلهم وتدريبهم لهذه الغاية.

تطلعات ورؤى ورسالة وقيم الجمعية وأهدافها الإستراتيجية تعد بحق مشروعاً وطنياً يحتاج لتكاتف الجهود للمضي قُدماً صوب التشارك والتشبيك في العمل بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، لأن في ذلك تظافر للجهود الوطنية صوب التشبيك والتمكين الإقتصادي الذي يحقق للشباب فرص العمل المطلوبة.

تركّز التطلعات لهذا العمل الوطني الكبير على توفير فرص العمل لكل شاب مؤهل للعمل، كما ستمكّن كل شخص متعطّل عن العمل ولا يمتلك المهارات اللازمة لسوق العمل وفق قدراته وميوله، وستقوم بالبرامج التدريبية اللازمة للمواءمة بين فرص العمل المتوفرة وقدرات وميول الشباب، وهذا بالطبع يحتاج لتوظيف طاقات المدربين أولاً والإستثمار في الطاقات الشبابية بعد ذلك، لنخلق حالة من تدريب الشباب للشباب لغايات الإستدامة.

التشبيك المؤسساتي مع القطاع العام والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني الناجحة هو ديدن عمل الجمعية لغايات التمكين والتدريب وخلق فرص العمل، وبالتالي هي تشكّل حالة من توفير فرص العمل الصغيرة والمتوسطة والتي تستخدم لكبح جماح البطالة وتساهم في توظيف الإمكانات لمساعدة الجهات المعنية في الأمن المجتمعي المستقر والآمن.

وكما يعلم الجميع بأن سوق العمل لا يحتاج لشهادات هذه الأيام بل لمهارات ناعمة وخشنة، والمطلوب أن يمتلك الشباب هذه المهارات من خلال التشبيك مع قطاعات الإنتاج والعمل لمعرفة حاجاته الرئيسة، ولذلك فتكاملية العمل بين مؤسسات التعليم وجهات أرباب العمل يجب أن تتكامل من خلال معرفة الحاجات الحقيقية كل من الآخر، ولهذا فتغيير الخطط الدراسية الجامعية ومراجعتها واجب وكذلك أساليب التدريس كي لا تركّز على التلقين بل على توظيف المهارات التي يمتلكها الشباب في المديدانية والبحث والتحقق وتقديم الدراسات وبناء الشخصية الطالبية ومهارات الإتصال وما هو مفيد.

الثقافة المجتمعية لإختيار التخصصات المطلوبة للعمل لدى الشباب، وثقافة العيب، وعقليات شباب اليوم بحاجة للعمل عليها لغايات نجاح رؤى هكذا جمعية، والمطلوب من كل الناس والأسر كافة المساهمة في تجاوز هذه التحديات وتحويلها لفرص، فزمن التركيز على التخصصات الراكدة والمشبعة ولّى إلى غير رجعة حيث الناس بحاجة للعمل وليس للشهادة والشوفيّة.

التوعية والتثقيف بأهمية العمل المهني والتقني جلّ مهم على كافة الأصعدة، ولا يمكن عمل أو تهيئة المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة دون إيلاء هذا الجانب كل الإهتمام، وهالك ضرورة لتطبيق ما جاء في توصيات اللجنة الملكية للموارد البشرية من حيث التركيز على قلب الهرم التعليمي صوب التعليم المهني والتقني ليصبح نسبته 45 % وأكثر وليس كما هو الآن حوالي 12 %.

الجانب التمويلي لهكذا مشروع طموح يحتاج لجهد وطني كبير أيضاً سواء من جهات تمويلية أو مشاريع إستثمارية لإستدامة عمل الجمعية، ولذلك سنجد الشباب وقتها يركّز على صناديق التنمية والتشغيل والريادة وغيرها بدلاً من صندوق التنمية الإجتماعية.

مصفوفة الإحتياجات التدريبية للشباب الباحث عن الفرص التشغيلية يجب توافقها مع حاجات سوق العمل وبتأشير من أرباب العمل، وهذا الموضوع جلّ مهم لغايات ضبط إيقاع عملية التكاملية بين ضخ الشهادات ومتطلبات سوق العمل ولكبح جماح البطالة المقنّعة وغيرها.

وأخيراً، فإن التمكين والريادة المجتمعية هما الأساس في تهيئة وإعداد الشباب لسوق العمل، وهذا هو الطريق الأسلم للقضاء على البطالة بين الشباب حديثي التخرج أو المتعطلين عن العمل، والمطلوب مواجهة هذا التحدي ليكون في ميزان حسنات ووطنية القائمين على هكذا جمعيات تشكّل قصص نجاح ونماذج وطنية فاعلة، ونتطلع لليوم الذي يؤمن فيه الشباب والأهل بهكذا توجهات.

(الدستور)