موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الخميس، ١٢ ابريل / نيسان ٢٠١٨
التسامح ثقافة تنعكس إيجابا على الشخص نفسه

مجد جابر - الغد :

فترة قطيعة مرت بين الثلاثينية رولا علاء وإحدى صديقاتها التي كانت تعتبرها أختا وأعز صديقة لها، وذلك بعد أن تبين لها أنها على العكس تماما مما توقعت، وتأكدت أنها لا تستحق أن تكون موجودة في حياتها أصلا.

هذا الموضوع شكل لدى رولا صدمة كبيرة، وجعلها تعاني فترة من الزمن من مشاعر مختلطة ما بين الغضب وخيبة الأمل وفقدان الثقة، وفي كل مرة تصادفها تتأجج تلك المشاعر في نفسها أكثر.

كل تلك الأمور جعلت رولا تفكر بالتسامح ونسيان كل ما مر معها، للتخلص من تلك المشاعر التي باتت توترها وتنغص حياتها عندما ترى صديقتها هذه أو تتذكرها أو تمر سيرتها في أي حديث، لكي تحقق التصالح والتوازن في شخصيتها، ولتمحو أي حقد أو كره من قلبها، وبالفعل هذا ما حدث معها.

ورولا ليست وحدها التي توصلت إلى هذه النتيجة في الحياة، فسناء أسعد هي الأخرى من الشخصيات التي تتأثر كثيرا عندما يحدث معها موقف مخيب للآمال خصوصا من قبل أشخاص مقربين لها، فهي تغضب بطريقة مبالغ بها بعض الشيء، بسبب حساسيتها المفرطة وعدم افتراضها سوء النية من أي شخص. وهذا الأمر جعلها تتلقى الكثير من الضربات في حياتها من أشخاص كان وجودهم خطأ في حياتها وخدعت كثيرا بهم، ولم يراعوا أي نوع من الصداقة ولا الزمالة ولا أي معاني أخرى.

وتؤكد سناء أن كل تلك الآثار بقيت بداخلها وتتذكرها في كل مرة يحدث معها شيء محزن، تسترجع كل شيء حصل معها مع كل شخص، وفي النهاية شعرت بأنها خزان من الألم وخيبات الأمل والحزن، وهو الشيء الذي انعكس عليها وعلى نفسيتها بطريقة سلبية جدا، وجعلها تشعر باليأس.

وفكرت سناء بأن أفضل حل لكل ما ترسخ بداخلها، هو مسامحة كل شخص فعل لها شيء، وأن تعتبر الأمر درسا تعلمته من أجل مسيرة حياتها وخبرة جديدة اكتسبتها، مؤكدة أنها بعد اتخاذ هذا القرار شعرت بمدى صحته ولمست أثره على نفسيتها وحياتها بشكل عام.

وفي ذلك يرى الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أن الإنسان المتسامح هو الشخص القوي المتوازن الواثق من نفسه، الذي يؤمن بالأشياء السامية العليا، وبأنه الأفضل كونه لم يستسلم الكراهية ولهذه المشاعر السلبية.

بالإضافة إل أنه شخص لديه من الثقافة والوعي ما يمسح فيه كل المشاعر السلبية التي تركها الشخص والناس لديه من ألم وحزن وكره وخيبات ألم وشعور بالضعف، مبيناً أن الطرف الثاني هو الشخص الذي يعاني من كل هذه الصفات السلبية. ويعتبر مطارنة أن الشخص المسامح يرتاح في حياته، لذلك استطاع أن يسامح وهو إنسان متوازن نفسيا، وإذا عانى من مشكلة معينة لا يسقطها على نفسه، باعتباره شخصا أسمى من هذه الدائرة.

ويشير إلى أن ثقافة التسامح هي دائما موجودة لدى الناس الذين يملكون من الوعي وفلسفة الحياة والإيمان الكثير بأنفسهم، بما لا يمكن أي أحد من أن يهز من هذه القيمة لديهم.

ويرى أنهم أشخاص ينظرون دائما للطرف الثاني بعين الشفقة لا التحدي، فالطرف الثاني هو شخص ضعيف لا يملك أي قدرات على النجاح، لذلك لا بد من تجاوزه وعدم الوقوف عنده، وبالتالي فإن التسامح هي صفة الأشخاص المثاليين والمتاوزنين.