موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
التسامح الانساني في رسالات الاديان

زينب السيد علي الأمين :

التسامح الإنساني فضيلة ذات قيمة أخلاقية عالية حثت عليها الرسالات الدينية على اختلاف مسمياتها حيث الدعوة الى التعايش بمحبة وسلام بين الناس على إختلاف إنتماءاتهم ومعتقداتهم . ودعت إلى إحترام بعضهم للبعض الآخر ونبذ الفرقة والعصبية والإبتعاد عن الصراعات التي تفتك بالجسم الإنساني في جميع مجالات وميادين الحياة.

التسامح في الأديان يقوم على أساس تقبل الآخر وإحترام معتقده وحرية رأيه الفكري ولعلّ من أجمل ما قيل حول دعوة التسامح في الأدبيات قول محيي الدين بن عربي:
لقد كنتُ قبلَ اليوم أنكِرُ صاحبي.....
إذا لم يكنْ ديني إلى دينِه داني ......
لقد صار قلبي قابلاً كلّ صورةٍ فمرعى لغزلان وديرٌ لرهبان ...
وبيتٌ لأوثان وكعبةُ طائفٍ وألواح توراة ومصحفُ قرآنِ .....
أدين بدين الحبِّ أنّى توجّهــت ركائبه فالحبُّ ديني وإيماني ...

وهذا من أشد ما نحتاجه في وقتنا الحالي في مجتمعاتنا التسامح والتعايش بين جميع الأديان والثقافات والحضارات ونبذ التطرّف حتّى يستطيع جميع أفراد المجتمع من العيش في جو من الإلفة والمحبّة ، قال الله تعالى في كتابه العزيز : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ

يعتبر الإسلام أن التسامح شرطاً أساسيّاً لتحقيق السلام في المجتمعات الإنسانية، كما أنزل سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8].

واذا نظرنا في آيات الانجيل نجد أيضا دعوة واضحة الى مبادئ التسامح وهذا ما يدل على وحدة الأديان السماوية في الدعوة الى المحبة ونبذ الفرقة والبغضاء ...

"سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. ومنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْن"

علينا تعزيز واثراء ثقافة التسامح والاحترام المتبادل والحوار والاستفادة من التنوع الفكري بين مختلف الأمم والشعوب والأديان لتحقيق مجتمعات سليمة من آفات الصراعات البغيضة.

إن التسامح بصيغته الإنسانية والدينية لهو كنز يمتلكه الانسان فيجب عليه الإستفادة من هذه الثروة التي أودعها الله في قلبه وأن لا يحولها الى نقمة عليه وعلى الآخرين وبعد ذلك كيف لا ندعو الى التسامح وقد أرادته الحكمة الإلهية لنا خيراً يفيض خيراً ..

ويحضرني في هذا المقام بعض أبيات من الشعر للعلامة السيد علي الأمين يعرض من خلالها بيان قيمة الحب والتسامح والتعايش حيث يقول :

معاً عشنا بأر ضِ الشرقِ دهراً نصارى إخوةً للمسلمينا ..

ونحنُ على خُطى الأجدادِ نمضي بإيمانٍ وعزمٍ لن يلينا ..

ونبقى الأوفياءَ لما وَرِثْنَا بِسِلْمٍ وَاعْتِدالٍ مؤمنينا ..

نصونُ بذاك عهدَ العيشِ أهلاً ..

ولن نرضى بغيرِ الحبّ دينا ..

أختم مقالتي بهذا على أمل أن نصل ذات يوم الى تجسيد هذه القيم الإنسانية والدينية النبيلة .

(اللواء)