موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٣ مارس / آذار ٢٠١٨
التخويف وسيلة تربوية تصنع شخصية عدوانية للطفل

ديما محبوبة - الغد :

العنف والغضب والقسوة والتهديد والحوار والتفاهم، جميعها وسائل متعددة يتبعها الكثير من الأهالي في تربية الأبناء، وذلك في حال مروا بموقف وعجزوا عن حله مع أبنائهم.

ويعتبر خبراء التربية أن التهديد إحدى وسائل العنف والتخويف، التي تستخدم لإكراه الطفل على أمر ما، وهنا يمكن أن يقبل الطفل بهذا التهديد والسير على ما يريده الأهل، خوفا من العقوبة وما هدد به.

ميسر هيثم، وهي أم لطفلين، من بين الأهالي الذين يتبعون النهج ذاته في التربية؛ إذ تبين أنها في كثير من الأحيان تحتار في كيفية التصرف مع طفليها، ولا تجد بدا من استخدام أسلوب التهديد لثنيهما عن سلوكهما.

وتشرح أن ظروفها كامرأة عاملة تجبرها على إرسال طفليها إلى الحضانة، وعندما تعود معهما في المساء إلى البيت لتكمل يومها معهما، تجد أن بعضا من تصرفاتهما غير لائقة، وتحاول جاهدة ثنيهما عن ذلك فلا يتم قبول أوامرها وطلباتها سريعا، فتجد نفسها مهددة لهما.

ميسر تعلم تماما أنها تخطئ وليس عليها أن تتعامل معهما بهذا الأسلوب، وعليها أن تكون أكثر حلما في التعامل معهما وتكون تربيتها أكثر مرونة، إلا أن قلة الوقت وزخم الأحداث تضعها في دائرة التربية السريعة كما وصفتها، وبأنها لا تقوم بالتعنيف الحقيقي كالضرب وأن التهديد مع الطفل من الممكن أن يأتي بالنتيجة المتوقعة وبشكل سريع.

ويوضح التربوي، د. محمد أبو السعود، في حال تعرض الطفل للتهديد، فإنه بالفعل يبتعد عن الأمر الذي سيقوم به، لكنه خوف وليس عن قناعة وفهم، فهو يحاول تجنب العواقب ليس إلا.

ويلفت إلى أن الكثير من الأهالي يستخدمون التهديد كوسيلة تربوية، يحاولون من خلاله ضبط بعض سلوكيات الأبناء، بالتهديد أو بإجبارهم على الطاعة.

ولأن الأهالي لا يريدون إلا الخير لأبنائهم، بحسب أبو السعود، ويريدون أن يكون شخصا مثاليا حسب نظرهم، فيردعون أطفالهم بالأمر، وإن لم يوافقهم هذا الطفل ويغير من ذاته، فيستخدمون العصا السحرية وهي التهديد فيرضخ سريعا ويصبح بنظرهم شخصا مهذبا ويحظى بتربية جيدة.

ويوضح أبو السعود، أن قلة الحوار بين الأهالي وبين الأطفال، خصوصا مع وجود أطفال يحبذون الجدال ومحاولة الإقناع، تدفع الأهالي لاستخدام الطرق السهلة لفرض الرأي.

ويحذر من أسلوب "التهديد"، فالسلوك الحسن يظهر بطريقة سليمة ويستمر، وأما ما جاء بالتهديد فسرعان ما يتوقف، مؤكدا أن التهديد يجعل من الطفل شخصا عنيدا وعدوانيا نتيجة إكراهه من دون إقناعه.

في حين يبين اختصاصي علم النفس، د. موسى مطارنة، أن التهديد الدائم في تعامل الوالدين لأبنائهما يجعل منهم أطفالا عدوانيين سلبيين، وانفعالاتهم أكبر وأكثر عنفا ويلجؤون للقلق والارتباك والكذب أحيانا، أو بإنكار السلوك والظهور بالانضباط أمام الوالدين مع الاحتيال، بفعل ما يريدونه في الخفاء والشعور بعدم الأمان، مما يهز ثقتهم بأنفسهم، ويجعلهم بحاجة دائمة لمن يوجههم ويعلمهم التمييز بين الصواب والخطأ.

ويؤكد مطارنة، أن التهديد يقتل حس المبادرة عند الأبناء، وذلك لخوفهم الشديد من التهديد من العواقب التي تنتظرهم.

وينصح أبو السعود الأهالي، قبل استخدام أسلوب التخويف والعنف، بالعمل كثيرا على السلوك المراد تعديله، وتفهيم الابن لما هو خاطئ، بدون إيذاء نفسي أو تجريح، مما يجعل الأهالي يندمون فيما بعد.

ويتوجب على الأهل كذلك، وفق أبو السعود، الحرص على أن لا تكون أساليب التربية، وخصوصا القاسية منها أمام الناس، لأنها تفقد الطفل القوة وتكسر من شخصيته؛ إذ يجب الاهتمام بنفسية الطفل، وفي حال أخطأ الأهل مع أبنائهم عليهم الاعتذار الحقيقي والصبر للوصول إلى المراد.