موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ مايو / أيار ٢٠١٩
البطريرك لويس روفائيل ساكو يكتب: الكنيسة تسير ولا تتوقف!

البطريرك لويس روفائيل ساكو :

1. الكنيسة ليست مجرد جسم مؤسساتي وقانوني، بل هي قبل كل شيء، سرٌ حضور المسيح القائم والفاعل في وسط المؤمنين به. وقيامته تملأهم بهجة وشكرًا وثقة ورجاءً. فالمسيح أساس وجودها، وهو رأسها وهو الشخص المركزي لكل نشاطها. ويؤّمن هذا الحضور الروحُ القدس المعطى لهم في العَنصرة، والذي يرافقهم في الرسالة والشهادة: "ومتى جاء روحُ الحقِ، أرشدكم الى الحقِّ كلِّه" (يوحنا 16: 13).

الكنيسة جماعة حيّة ملتفة حول المسيح، لها مواهبها ورسالتها من أجل الحضور ونقل البشارة.. كنيسة تنمّي العلاقات والمشاركة والشركة بمسؤولية والتزام وثبات رغم الاختلافات والصعوبات. وسلطة الكنيسة هي للمحبة والخدمة الراعوية التي لا ينبغي أن تتحول الى استبداد اكليروساني: يقول يسوع لسمعان ثلاث مرات: "يا سمعان اتبعني.. وأرع خرافي" (يوحنا 21: 15-18).

ابحث عن المزيد من المعرفة

2. لا يمكن ان تكون الكنيسة جامدة ومتشددة، بل الكنيسة تبقى حرة وتتحرك حيث "يهب الروح" (يوحنا 3: 8) وتتجد وتمشي ولا تتوقف. من المؤسف أن من بين الإكليروس والعلمانيين، راديكاليون ومحافظون يحنّون إلى الماضي وتقاليده وأساليبه وطقوسه، ومسلكيون يؤكدون على الحرفية وليس على "الروح- المعنى" ولا يريدون التأقلم مع الواقع الجديد ومتطلباته، ناسين أن الانغلاق سجن، وأن الإنجيليين الاربعة وبولس متنوعون ومتميزون في شهادتهم! الانتماء إلى الكنيسة يتطلب نضوجًا، أي عقلاً يقظًا ومنفتحًا، وقلبًا محبًا وسخيًا، وإرادة مطواعة وهداية دائمة وصفاء.

ابحث عن المزيد من المعرفة

3. الصفة الأساسية للكنيسة هي الشمولية – المسكونية، أي ليست لقوم معين وجنس معين، ولغة معينة وجغرافية معينة، إنها منفتحة على الكل: "اذهبوا إلى العالم كله واعلنوا البشارة إلى الخلق اجمعين" (مرقس 16: 16).

لا بدّ للكنيسة أن تتعلم من التاريخ وتتقدم في الحوار والبحث المستدام وتمتلئ من الحكمة والمعرفة، لتتكلم بجرأة إزاء التحديات التي تواجهها والمواضيع اللاهوتية والأخلاقية والاجتماعية والتشريعية، وأن تقوم بتأوينها وتعيد صياغتها لتتلاءم مع الثقافة والعقلية المعاصرة وتجعلها نعمة… الكنيسة ينبغي أن تذوب كالملح لإضفاء الطعم (التغيير)! الانتماء الاجتماعي إلى المسيحية لا ينفع، بل الإيمان الشخصي والواعي والحرّ. لذا يتعيين على الكنيسة اليوم أن تجد لغة مفهمومة تتحدث بها مع الناس عن إيمانها بطريقة مختلفة، خاصة مع الشباب.

ابحث عن المزيد من المعرفة

4. في الإنجيل نرى أن المسيح والرسل يمشون، وفي أعمال الرسل ورسائل بولس الكنيسة تمشي إلى الأمام بإيمان ورجاء وثقة. عند مرقس الإشارة إلى السفينة أو البحر يذكرّ بصيد الناس (4: 35-41) بالتبشير، والبيت في عرف الكنيسة الاولى هو بيت بطرس، أي الكنيسة التي تصلي وتتأمل وتكسر الخبز – الافخارستيا وتتعلم وتذهب للبشارة.. هذه ملاحظة مهمة ومؤثرة. الكنيسة لا تتوقف…

سؤال: ونحن ماذا نفعل في كنائسنا، هل نحمل همّ الرسالة والرعاية الأبوية والروحية والإنسانية؟ بأية لغة نخاطب ناسنا وشبابنا؟ التقليد جيد، لكن لا يمكن أن يغدو تراثًا، بل أن يتواصل ويستمر… ماذا أقول عن بعض التراتيل التي لا تقول شيئًا وعن الموعظة الطويلة المملة التي لا تشدّ، وعن بعض الممارسات التي لا علاقة لها بلاهوتنا وليتورجيتنا، بل هي من التقليد الروماني وقد تركتها الكنيسة اللاتينية وبعض كنائسنا لا تزال متمسكة بها؟ هذا ما لاحظته في الأسبوع المقدس!