موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٣
البطريرك غريغوريوس الثالث: لنقف صفاً واحداً مسيحيين ومسلمين أمام التطرف

بيروت - النهار اللبنانية :

وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث رسالة بمناسبة عيد الميلاد المجيد، قال فيها ان "المسيح يتجلى ويظهر فيه من خلالنا ووجودنا وحياتنا المسيحية ومسلكنا المسيحي وأخلاقنا المسيحية وأعيادنا وعاداتنا وتقاليدنا ومزاراتنا، وظهور الله المحبة، يعني ظهور محبة الله للبشر، ومحبة البشر لبعضهم البعض، كيف يظهر تباع المسيح الإله المحب البشر، الله المحبة؟ إنهم يظهرونه بالمحبة". وأضاف ان "اليوم نحتاج إلى فهم دور الكنيسة ودور أبناء وبنات الكنيسة من خلال هذه الرؤية اللاهوتية الإنسانية والآلهية. وكيف ظهرت الكنيسة في مجتمعنا العربي؟ ظهرت من خلال محبتها وخدمتها ومؤسساتها ومشاريعها".

وقال: "هذا العالم هو عالمنا العربي ذو الأغلبية المسلمة، يحتاج إلى ظهور المسيح فيه من خلالنا. التحدي أمام المسيحي العربي، أن يعتبر ذاته أنه أولا عربي ثم مسيحي. التحدي للمسيحي هو أن يكون مواطنا بكل معنى عبارة المواطنة. التحدي للمسيحي أن تؤمن له حرية العبادة والمعتقد بدون قيود تفرض عليه، ولا تفرض على أخيه المسلم". وشرح "التحدي للمسيحي أن تؤمن له فرصة الدرس والعمل والوظيفة ولقمة العيش مثل أخيه المسلم. التحدي للمسيحي هو ألا يشعر أنه مواطن من الدرجة الثانية لأنه ليس مسلماً".

وقال: "أعطوا المسيحي دورا، فرصة، مكانا، حصة، مشاركة، أضمن لكم حل الكم الأكبر من مشاكل المسيحيين والتحديات التي تواجههم. التحدي للمسيحي هو أن ينجح بأن يشعر المسلم أنه شريك له في الوطن وفي كل مرافق الحياة". وتابع: "التحدي للمسيحي اليوم في العالم العربي أن يشعر بأن العالم العربي والإسلامي بحاجة إليه... التحدي أن يشعر المسيحي أن أمنه من أمن أخيه المسلم. وأن يشعر المسلم أن أمنه من أمن أخيه المسيحي. التحدي للمسيحي في العالم العربي، وفيما يسمى الربيع العربي، أن يكون له دور في تطور الأوضاع في العالم العربي، وفي حل الأزمة في كل بلد عربي. فلا يجوز أن يهمش أو يستثنى أو ينسى أو تداس حقوقه وهويته. فالمسيحي جزء لا يتجزأ من العالم العربي ومن أزماته ومشاكله وتحدياته، كما هو جزء من حلها وبناء المستقبل الأفضل للأجيال الطالعة".

أضاف: "من كبريات التحديات أمام المسيحي في المجتمع العربي ذي الأغلبية المسلمة، هو انقسام العالم العربي. والأكثر خطرا انقسام العالم الإسلامي ونمو الحركات التكفيرية الإسلامية، والحركات الإسلامية التي لا مجال فيها للآخر، للفكر الآخر، للرأي الآخر، ومن كبريات التحديات للمسيحي في مجتمعه العربي هو دمج الدين والدولة والمجتمع في واحد. مما يمهد الطريق لتجاوزات تسيء إلى المواطنين وإلى المساواة وإلى الحريات على أنواعها. وهناك تحد آخر مرتبط بالتحدي السابق هو مفهوم الأمة. هذا المفهوم يمكن أن يلغي فكرة الوطن والمواطنة وتعدد فئات المواطنين والنسيج التعددي والمجتمع التعددي. وما يريح المسيحي هو أن يصير حوار مسلم مسلم حول هذه التحديات التي تواجه المسيحي. وهذا هو غاية هذا المؤتمر".

وتابع: "هذه التحديات على أنواعها، والتعامل معها، والأجوبة عليها مسؤولية مشتركة مسيحية إسلامية، المسيحيون يخافون من نمو وانتشار الحركات التكفيرية المتطرفة. والمسلمون أيضا يخافون منها. وكلنا مسيحييون ومسلمون سنذهب ضحيتها. وهذا ما خبرناه في هاتين السنتين في سوريا ومصر والعراق... كمسيحي عربي أحذر إخوتي المسلمين من مؤامرات تحاك على الإسلام، ومن قبل المسلمين أنفسهم. ومن مصلحة المسلمين أن يحاربوا التكفير والتطرف. ولنقف صفا واحدا مسيحيين ومسلمين أمام هذا التطرف. وإلا فإننا كمسيحيين سنهاجر، ويكون المسلمون سبب هجرتنا، أو بالحري الإسلام المتطرف أو المسلم المتطرف التكفيري".

من جهة أخرى، قال: "حضور مسيحي بدون الالتزام برسالة مسيحية ودور مسيحي لا معنى له، ورسالة مسيحية بدون حضور مسيحي غير ممكنة، ولذلك فإنه مهم جدا أن نربط الحضور المسيحي بالرسالة المسيحية والدور المسيحي... لا تهاجروا، تصبروا، تجلدوا، تعلموا الصبر من إخوتنا المسلمين".

وتابع: "اليوم دموع كثيرة تتفجر في كل مكان في مشرقنا العربي، لاسيما في سوريا الحزينة ومصر والعراق.. وبيروت.. هذه المآسي طالت بعواقبها وأذيالها كل رعايانا وأبرشياتنا في لبنان وسوريا ومصر والعراق. وبعض الشيء في الأردن. ففي سوريا أحرقت ودمرت وتضررت بعض كنائسنا وبخاصة في معلولا التي تعتبر من أقدس وأقدم المواقع المسيحية والتراث المسيحي ومهد المسيحية، وأيضا في حمص والرقة ويبرود وصدد، وكل أنحاء سوريا، وهذا لم تعرفه سوريا في تاريخها. وهو أعمال إجرامية غريبة عن تاريخ بلادنا العربية عموما. كلنا أصبحنا راحيل الباكية الحزينة المفجوعة. ولا يزال الأطفال كما جرى في بيت لحم قبل ألفي سنة، ضحية الحروب والنزاعات. وهم الآن نازحون، مشردون مع أو بدون أهلهم. وقد نشرت إحصائية ذكرت أن هناك مليوني طفل سوري معنف أصيبوا بأمراض نفسية مدمرة. أجل راحيل تبكي بنيها، سورية تبكي بنيها، كل أسرة تبكي بنيها، شهداءها، مخطوفيها، مفقوديها، جرحاها، معوقيها، أطفالها، رجالها، شبابها، نساءها، كهولها، شيوخها، كهنتها، مطارنتها".

وختم غريغوريوس الثالث: "في اجتماع مجلس الكنائس العالمي في جنيف في 18 أيلول دعوت إلى ما يلي: حملة كنسية عالمية محلية، عالمية إقليمية، بالجملة وبكل الطرق ودعوت إلى: لا سلاح، لا عنف، لا حرب، سلام ومصالحة وحوار، الذهاب إلى جنيف، العمل على متابعة العيش المشترك المسيحي الإسلامي في المشرق العربي. هذا هو المستقبل الواعد. هذا هو التوجه الذي يجعل شعلة الأمل دائما مشتعلة في قلوبنا، في سوريا، في المشرق، في العالم كما دعا إليه البابا فرنسيس، وإلى هذا أدعوكم. كما أتى فرنسيس ليحمل معنا في سوريا صليب آلامنا ومعاناتنا، ندعوكم أيها الأصدقاء لتحملوا معنا الصليب وتساعدونا لكي نبلغ إلى فجر القيامة. وأتمنى لكم ميلادا سعيدا وسنة سلام وأمان واستقرار ونجاح. وشكرا لكم ولكل من وقف إلى جانبنا لتخفيف معاناة الناس حولنا. وكل عام وأنتم بخير".