موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٦ ابريل / نيسان ٢٠١٩
البطريرك ساكو: نحتاج أن نعامل كعراقيين ومواطنين

البطريرك لويس روفائيل ساكو :

<p dir="RTL">منذ &rsquo;استيراد&lsquo; أنماط غريبة من التعبير، تحت غطاء الديمقراطية، لمسنا إفساح المجال للتعبير والتظاهر والاعتصام، من أجل استخدامه كواجهة إعلامية فقط، بدون تحريك أي ساكن. الرجاء ان يؤخذ ما أكتبه الآن على محمل الجد، فمن موقعي الرسمي الكنسي، محليًا وعالميًا، لم يعد بإمكاني السكوت أمام معاناة المسيحيين في العراق. هذا ما سأعرضه أدناه، بشكل صريح ومسؤول.</p><p dir="RTL"><strong>معاناة المسيحيين</strong></p><p dir="RTL">إن معاناة المسيحين بعد دحر داعش، لا تزال مستمرة في عدة جوانب وبقوة، حيث الإرهاب بحقهم لم ينتهِ بعد، والحكومة العراقية لم تتحرك لحد الآن لمعالجة الانتهاكات التي يتعرضون لها من هدم بيوتهم وسرقة ممتلكاتهم، وتزويرها بأسماء آخرين. مما خلق عندهم حالة من الصدمة، والقلق والخوف من المستقبل، وأجبرهم على التفكير بالهجرة: &quot;مهاجرين مؤجلين&quot;، خصوصًا أن هذه الاعتداءات لم تكن متوقعة إطلاقاً!</p><p dir="RTL"><strong>خطابات المجاملة</strong></p><p dir="RTL">زارني مسؤول بمناسبة عيد القيامة، فقال لي العبارة التي بتنا نسمعها بنحو مستمر: أنتم أصل البلاد، فقلت له: &quot;وما الفائدة&quot;!</p><p dir="RTL">أجل، المسيحيون لا يحتاجون إلى المجاملة، بل إلى تمثيل حقيقي وفعّال لدى الدولة في أمور عديدة، فالكنيسة لا تتمكن أن تتحمل وحدها كل هذا العبء، خصوصًا في مواجهة الأصولية الدينية، والاستحواذ على ممتلكاتهم، وإقصائهم من الدرجات الوظيفية، بسبب المحاصصة، والعقلية الحزبية، والعشائرية والمليشياوية! ولدينا أمثلة موثقة. هذه التجاوزات مستمرة وبنحو متزايد، ولم تعمل الحكومات المتتالية شيئًا بخصوص ملاحقة المتجاوزين ومقاضاتهم. أذكر على سبيل المثال لا الحصر مقتل الطبيب والطبيبة وحماته في المشتل قبل أكثر من عام!</p><p dir="RTL"><strong>استبعاد الكفاءات المسيحية من مناصبها</strong></p><p dir="RTL">ثمة موظفون في الدولة يُستبعدون لأنهم مسيحيون، ولنا حالات عديدة. في إنتخاب رئيس جامعة الحمدانية،&nbsp; فُضِّل غير المسيحي رغم تفوّق المسيحي بالدرجة العلمية والكفاءة، ونفس الكلام ينطبق على مدير عام يُستَبعد ليأخذ منصبه شخص آخر غير مسيحي. والذريعة هي: لأن هذه المديرية هي حصة المكوَّن الفلاني والكتلة الفلانية. والغُبن بحق المسيحيين لا يَستَثني الترقيات رغم استحقاقهم. وفي مجال التعيين، حدِّث ولا حَرَج، بضمنها الوظائف الشاغرة التي أخلاها مسيحيون ممن اُجبروا على اختيار الهجرة. ولا بأس من الاشارة هنا إلى أننا طلبنا من إحدى الوزارات توظيف ستة شباب على تلك الدرجات الشاغرة والمتوفرة، وهمَّشَ الوزير على الطلب، مشكورًا قبل سنتين، لكن تبّين عند المتابعة، أن أحد المدراء العامين، رفض تعيينهم وتساءل متهجِّمًا، وهل بقي مسيحيون للعمل؟ كما يُنقل موظفون مسيحيون من دوائرهم لانهم يرفضون سرقة المال العام!</p><p dir="RTL"><strong>التطرف الديني</strong></p><p dir="RTL">بالرغم من كل الجهود التي تبذلها الكنيسة والمرجعيات الدينية المعتدلة الشيعية والسنية لا تزال ثمة خطابات أو مواقف تبث الكراهية تجاه غير المسلمين، ولم تتخذ الحكومة إجراء بحقهم. الأفكار الأصولية التي بثَّها تنظيم داعش منتشرة ولها بيئة حاضنة. أذكر على سبيل المثال: أن أحد الأساتذة في إحدى كليات بغداد، يستهزئ بالطالبة المسيحية الوحيدة في المرحلة لأنها غير محجبة ويُسمِعهما كلامًا جارحًا عن ديانتها. ولقد أكد عدد من طلبة كليات جامعة الموصل من المكوَّن المسيحي أنهم اُضطرّوا للدوام خلال يومي عيد القيامة (الأحد والاثنين) بسبب الامتحانات التي تم تحديدها في هذين اليومين. ثم لماذا لا يعتبر عيد الميلاد والقيامة عيدين رسميَين اُسوةً &quot;بحزمة سخية&quot; لأعياد الآخرين.</p><p dir="RTL">نحن نسكن في حي المنصور، حيث نَصَب أحد الحرّاس في المنطقة مكبرًا للصوت &quot;بوقًا&quot; يبث، خارج أوقات الآذان، وبصوت عالٍ نصوصًا من القرآن وأغانٍ، فمن يحاسبه؟</p><p dir="RTL">القوانين المجحفة بحق المسيحيين كـ&quot;أسلمة القاصرين&quot; إجبارًا عندما يُشهر أحد الوالدين إسلامه بسبب الزواج. والأحوال الشخصية لغير المسيحيين تطبَّق عليهم! وماذا أقول عن مناهج التربية! هذا كله يهدد مستقبلهم، وهو نوع من أنواع كريستيانوفوبيا؟ لكل هذه الأسباب نجد أن عدد المسيحيين في العراق كان مليونًا ونصف المليون قبل 2003، لكن لم يتبقَ منهم سوى نصف مليون.</p><p dir="RTL"><strong>التمثيل المسيحي</strong></p><p dir="RTL">نحن مغيَّبون، ومن الأفضل ألّا تكون لنا كوتا مسيحية، لأنها مُختَطَفة، فمن يدّعون أنهم ممثلون عن المكوَّن المسيحي (الكوتا) لم يقدموا شيئًا بسبب مَنْ دَعَمَهم في التصويت، &quot;من خارج المكوَّن المسيحي&quot;. كما أن الوزير المسيحي &quot;الوحيد&quot; في هذه الكابينة الوزارية، غير معروف من قبل المكوَّن المسيحي والمرجعيات الدينية، وهو نسيب نائب من الكوتا، في حين اُستبعد مسيحيون تكنوقراط صامدون ومتمسكون بهويتهم؟</p><p dir="RTL">كما أن ديوان وقف الديانات المسيحية والصابئة والإيزيدية، شبه معطَّل، بسبب عدم تخصيص ميزانية مناسبة له، وعليه فليس بإمكانه تقديم شيء ملموس لهذه المكوّنات؟ وهناك جهات تقوم بتعطيل الموافقات ذات الصلة، رغم المراجعات والوعود.</p><p dir="RTL"><strong>الموقف الحكومي</strong></p><p dir="RTL">في ظل الصمت الحكومي عن الانتهاكات المتفاقمة بحق المكوَّن المسيحي، فإن أول ما نطالب به في هذا المقال هو: أن يكون لنا مستشارون حقيقيون لدى الرئاسات الثلاث، وكنتُ قد طلبتُ ذلك من دولة رئيس الوزراء، لكن بدون جدوى! وهنا لا بدّ أن اُشيد بإهتمام فخامة رئيس الجمهورية، الدكتور برهم صالح بمعاناة المسيحيين.</p><p dir="RTL">نحتاج إلى قنوات اتصال لمتابعة شؤون المسيحيين ومطالبهم، كتشكيل &quot;خلية أزمة&quot; يُرشَّح لها أعضاء من المسيحيين المستقلين عن الأحزاب السياسية. لا يكفي أن يُقال لنا أنتم المواطنون الأصليون، بل نحتاج أن نُعامل كعراقيين ومواطنين بكل معنى الكلمة. فالهنود الحمر، السكان الاصيليون في الامريكتين، لهم حقوق خاصة! ونحن أبعد من أن نصل إلى حقوق مواطن عادي. وحتى المليون دينار الذي كانت وزارة الهجرة والمهجَّرين قد خصصته للعائلات المُهجَّرة لم تستلمه معظم العائلات المسيحية!</p>