موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٧ فبراير / شباط ٢٠١٥
البطريرك الراعي يفتتح مؤتمر "أيقظوا العالم" لمناسبة سنة الحياة المكرسة

بيروت – أبونا ووكالات :

برعاية الكاردينال بشارة الراعي، بطريرك أنطاكية للموارنة، افتتح مكتب الرؤساء العامين والرئيسات العامات في لبنان، وكلية العلوم الدينية والمشرقية التابعة لجامعة الروح القدس، مؤتمر "أيقظوا العالم"، لمناسبة سنة الحياة المكرسة، وذلك في قاعة البابا القديس يوحنا بولس الثاني في مبنى الجامعة.

ويتناول المؤتمر على مدى يومين سبع جلسات عمل تطرح فيها مواضيع: الحياة المكرسة شهادة نبوية تجاه التحديات الكبرى، الحياة المشتركة، الحياة المكرسة رجاء جديد لكنائسنا وللعالم، الحياة المكرسة شهادة للمسيح المنتصر على الموت في شرقنا، الحياة المكرسة شهادة للمسيح المنتصر على الموت في وطننا، آفاق رهبانية لأجل دينامية روحية وإرسالية متجددة.

وقال البطريرك الراعي في كلمته الافتتاحية: أن "قداسة البابا جدد الغاية من الحياة المكرَّسة بأهداف ثلاثة النظر إلى ماضي كل مؤسسة رهبانية بتقدير وامتنان، وعيش الحاضر بتوقد وفقاً لما يقول الروح، والانطلاق نحو المستقبل برجاء ثابت. لكن هذه المحطات الثلاث تحمل في طياتها وقفات وجدانية وتطرح أسئلة مصيرية على الذات وعلى الجماعة، على كيفية الالتزام بجوهر الحياة الرهبانية ورسالتها في الكنيسة، والمحافظة على موهبة المؤسِّسين والمؤسِّسات وتفعيلها في زمننا الحاضر".

وأضاف: "هذه الثلاثة، الماضي والحاضر والمستقبل، مترابطة ومتكاملة. وقد توسع فيها البابا فرنسيس في رسالته الرسولية "إلى جميع المكرسين لمناسبة سنة الحياة المكرسة". فالعودة إلى الماضي، من أبناء وبنات كل جمعية رهبانية، إنما هي دعوة للعودة إلى الجذور، باستحضار البدايات وقراءة نموها التاريخي، انطلاقاً من موهبة كل مؤسس ومؤسسة، وهي كشعلة أضاءها الروح في الكنيسة، لتجسيد الإنجيل بشكل خاص في حياة الأفراد والجماعات الرهبانية، وكحبة زرع أصبحت شجرة مدت أغصانها في كل اتجاه. فلا بد من إعادة تناقل التاريخ الخاص، من أجل حفظ الهوية حية، ومعرفة طرق عيشها من الرعيل الأول وكيفية تخطي الصعاب، انما دائما على قاعدة ثابتة، هي اتباع المسيح في طريق المحبة الكاملة. هذا الماضي الذي تعودون إليه اليوم كان "الحاضر" في زمن المؤسسين والمؤسسات. وسار نحو "المستقبل" الذي هو "حاضركم"، بكل تنوع غناه، بفضل كل الذين عاشوا الأمانة لدعوة الروح لاتباع المسيح، ولقاعدة الإنجيل المطلقة. فأضحت الرهبانيات قلب الكنيسة في لبنان والمشرق العربي وعامود رسالتها، وخادمة المجتمع. وهي تضاهي الدولة وتفوقها بمؤسساتها التربوية والاستشفائية والاجتماعية والإنسانية. ولا يمكن للدولة أن تستغني عنها".

وأشار إلى أن "الحاضر يتطلع إلى المستقبل بنظرة واضحة تستقرأ علامات الأزمنة، وتصغي إلى ما يوحيه الروح وإلى نداءات المجتمع، ولكن بحرارة البدايات، وتجدد الحاضر بالأمانة للدعوة والرسالة من خلال الأمانة للمسيح والإنجيل والكنيسة. ومعروف أن للحاضر مصاعبه الشخصية والجماعية، ومصاعب في المؤسسة الرهبانية نفسها، من مثل الصدمات النفسية والصعوبات الشخصية، وضآلة الدعوات، وكثرة العمل في المؤسسات، والمعضلات الاقتصادية بسبب الأوضاع العامة، وتسرب الروح العلمانية والمادية، وتفشي تيار النسبية والتحرر من القيود والتقاليد وسواها".

وتابع: "عندما تدعونا الكنيسة للتطلع إلى المستقبل وبنائه، إنما تعني بنوع خاص الشبيبة الناشئة التي تدخل مؤسستنا الرهبانية. ينبغي أن تكون هي الحاضر المتجدد بروح البدايات ودينامية المسيرة التاريخية والتقليد الحي، وينبغي أن نبني معها المستقبل من خلال تنشئتها السليمة، روحياً ورهبانياً، إنسانياً وكنسياً، وتربيتها على روح التجدد والخدمة والرسالة، وتحريرها من كل الرواسب السلبية، والمحافظة على ما في قلوبها من زخم وإيمان روحي ورسولي وصل بها إلى هذه الرهبانية والجمعية".

وأضاف البطريرك الراعي: "ان سنة الحياة المكرسة هي سنة النعمة، زمن الله الغني بالنعم وبالتحولات، كما يكتب لكم قداسة البابا فرنسيس في رسالته الرسولية المذكورة التي تقود تأملاتكم طيلة هذه السنة بفصولها الثلاثة: الأهداف، والإنتظارات، والآفاق. ولا بد من أن نذكر معها رسالة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقية، بمناسبة سنة الحياة المكرسة، بتاريخ 15 كانون الثاني 2015. إنها بنقاطها الأربع تفتح أفاقاً جديدة لتأملات هذه السنة المقدسة. ففي واقع مشرقنا المتألم، أنتم أيها المكرسون والمكرسات شهود أصيلون للمسيح المصلوب والقائم من الموت. وفي عالم الانتشار، حيث يتواجد أبناء الكنائس الشرقية، ويتهددهم ضياع هويتهم الكنسية وانتمائهم إلى كنائسهم وتقاليدهم، وخسارة جنسيتهم الوطنية الأصلية، أنتم وأنتن مدعوون للذهاب إليهم ولمساعدتهم من خلال مواهب مؤسساتكم الرهبانية، ورسالتها التي تنفتح أمامها مساحات واسعة ومتنوعة. وفي عالم يبتعد عن الله ومكتف بذاته وفاقد نور كلمته الهادية، أنتم وأنتن الذين دعتكم كلمة الله، وتغتذون منها يومياً، وتحتفلون بها ليتورجيا، وتعيشونها أعمالاً، وتعلنونها تعليماً، هي إياها تدعوكم للمشاركة الفاعلة في الأنجلة الجديدة لجميع الناس، وبخاصة للمسيحيين من اجل إحياء إيمانهم وتنشئته وتفعيله، وذلك بأسلوب جديد، ونهج جديد، ولغة جديدة، وفقا لكلام الله الثابت، ولتعليم الكنيسة الرسمي. وفي عالم متعطش إلى الله، أنتم وأنتن مدعوون لإحياء الحياة النسكية، وخلق مساحات لها بتخصيص أديار، يلجأ إليها المؤمنون والمؤمنات، ليعيشوا حياتهم الداخلية والصلاة، في خلوة مع الله والذات، حيث يجدون رهبانا وراهبات يشعرون هم أيضا بتكريس ذواتهم لهذه الحياة النسكية، ولهداية المؤمنين بروح التوبة والمصالحة والتجدد بالروح القدس. هذه المساحات الديرية النسكية هي التي تسند حياة الكنيسة ورسالة الرهبانية والجمعية".