موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩
البطريرك الراعي يأمل بتشكيل حكومة وفقًا لانتظارات الشعب

بيروت – الوكالة الوطنية :

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان بولس الصياح وانطوان عوكر وأمين سر البطريرك الاب شربل عبيد، في حضور النائب نعمة افرام وعدد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "إسمه يوحنا" (لو 63:1) قال فيها: "عندما ولدت إليصابات ابنها، وجاءوا بعد ثمانية أيام ليختنوه بحسب الشريعة، وكان أبوه زكريا ما زال أبكم، أشاروا إليه ماذا يريد أن يسميه، فكتب على لوح: "إسمه يوحنا" (لو63:1). وهو الإسم الذي أوحاه له الملاك، وهو بالعبرية "يهوه حنان" أي "الله رحوم". وقد شاء الله إعلان رحمته بشخص يوحنا الذي يسبق كالفجر طلوع شمس المسيح، رحمة الله المتجسدة. فكان للرحمة الإلهية إسم في التاريخ البشري هو يسوع المسيح".

أضاف: "يتزامن تذكار مولد يوحنا في زمن الميلاد، هذا العام، مع عيد سيدة الحبل بلا دنس. إنه عيد أمنا مريم العذراء التي "في اللحظة الأولى من الحبل بها في حشا أمها حنه زوجة يواكيم، بنعمة وإنعام خاصين من الله الكلي القدرة، واستباقا لاستحقاقات من سيتجسد منها بالروح القدس، يسوع المسيح مخلص العالم، وهو ابن الله منذ الأزل، حفظت بريئة من دنس الخطيئة الأصلية، التي يولد فيها كل إنسان، والموروثة من خطيئة أبوينا الأولين (راجع كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 491). هذه العقيدة الإيمانية أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. وأيدتها السيدة العذراء في ظهوراتها للصبية برناديت في لورد بعد أربع سنوات، أي سنة 1858. فلما سألتها برناديت: "ما إسمك؟" أجابت: "أنا الحبل بلا دنس". فإحياء لهذه العقيدة أنشأ المكرم البطريرك الياس الحويك مع القصادة الرسولية آنذاك مزار سيدة لبنان سنة 1904 إحتفالا بيوبيلها الذهبي".

وتابع: "إليها نلتجىء بصلاة المسبحة مع جميع المؤمنين كل مساء، في لبنان وخارجه، عبر وسائل التواصل. والآن في هذه الذبيحة الإلهية، وعند المساء بصلاة المسبحة، نصلي ملتمسين نجاح الاستشارات النيابية المحددة غدا الاثنين. فتؤديها الكتل النيابية بروح المسؤولية الوطنية والدستور، مدركين المخاطر التي تتهدد وطننا، وواضعين خير الدولة بكيانها وشعبها ومؤسساتها الدستورية فوق كل اعتبار. ونلتمس من الله نجاح تكليف رئيس للحكومة الجديدة، وتشكيلها بأسرع ما يمكن وفقا لانتظارات الشعب اللبناني التي يعبر عنها في الحراك المدني منذ اثنين وخمسين يوما، وفي الصحف وسائر وسائل الاتصال الاجتماعي. فنردد أيضا وأيضا للمسؤولين السياسيين: "لا تزدروا بالحراك المدني وثورة الشباب التي تريد بناء لبنان الحضاري الجديد لا هدمه. لا يوجد قوة أقوى من الشعب! فلا تهملوه ولا تخيبوا آماله، لئلا يعود إلى قطع الطرق، فتكونون أنتم لا هو المسؤولين عن خراب لبنان أمام المجتمع الدولي. ثورة الشعب كالمطر الجارف الذي شهدناه في الأسبوع المنصرم. فلا تقفوا في وجهه من أجل خيركم وسلامة لبنان. الحراك المدني يطلب حكومة نظيفة لم يتلوث وزراؤها بالفساد وسرقة مال الدولة. حكومة قادرة على تحقيق النهوض الاقتصادي والمالي والمعيشي. حكومة تعيد إلى خزينة الدولة مالها المنهوب الذي هو مال الشعب الذي يؤدي الضرائب والرسوم. حكومة توقف التدخل السياسي في الإدارة والقضاء".

وقال: "إسمه يوحنا" (لو 63:1). يذكرنا هذا الاسم أن الله رحوم بطبيعته. فرحمته تنبع من أحشائه، لأنه خلقنا وافتدانا بابنه الوحيد، ووضعنا في سفينة الكنيسة التي جعلها أداة الخلاص الشامل، ففيها إستودع كلمته الهادية في الإنجيل والكتب المقدسة، ونعمة أسراره الخلاصية، وهبة الروح القدس الذي يحقق فينا ثمار الفداء، ويهدينا إلى طريق الحقيقة والمحبة. خلقنا الله على صورته، لكي نكون شهودا لرحمته. وطوب الرب يسوع ممارسي الرحمة قائلا: "طوبى للرحماء فإنهم يرحمون" (متى 7:5). نحيي كل الذين بالخفاء أو بالعلن يعيشون هذه الرحمة تجاه كل محتاج. نحيي الأشخاص والجماعات والمؤسسات المدنية والكنسية وكل الذين يقومون بمبادرات محبة وتضامن مع الفقراء والعائلات المعوزة في كل المناطق. إنها ردة الفعل الراقية والرحومة على مأساة الذين بكل أسف وأسى، وضعوا حدا لحياتهم لأسباب مادية، مثل المأسوف عليهم ناجي الفليطي في عرسال وداني أبي حيدر في النبعة وأنطونيو طنوس في عكار، وآخرين حاولوا الانتحار. فنظموا مبادرات محبة تجاه عائلاتهم وأمثالها. وهذه ذروة الثقافة اللبنانية ولب ثورة الشباب والشعب الراقية والبناءة عندنا. فلا يمكن إهمالها والحط من قيمتها".

أضاف: "الرحمة هي حاجة عصرنا بوجه عقلية تسعى إلى القضاء على فكرة الرحمة. فمن واجب الكنيسة المناداة بالرحمة الإلهية، المعلنة في المسيح المصلوب والقائم من الموت، من أجل انتصار المحبة على كل شر، والرحمة على كل ظلم، والحقيقة على الكذب، والمغفرة على الإساءة. إن الكنيسة، بمؤسساتها، مدعوة اليوم، كما في الأمس بل أكثر، لتشهد للرحمة تجاه المحتاجين الذين فيهم تتواصل آلام المسيح ماديا وروحيا ومعنويا. أما الحاجة الأساسية التي تعنى بها مؤسسات الكنيسة التربوية والاستشفائية والاجتماعية، فهي تنمية الشخص البشري روحيا وعلميا وصحيا، ليتمكن من تحقيق ذاته ومقدراته، ولكي يكون مؤهلا لتلبية نداء الله له ولدعوته الخاصة في المجتمع والكنيسة. فالله يحقق تاريخ الخلاص بالتعاون مع كل إنسان. وأكثر ما تعنى به الكنيسة كأم، حماية القاصرين من التحرش الجنسي والاتجار بهم. إن ما سمعناه بالأمس ولأول مرة من تحرش وتعنيف في جمعية "رسالة حياة" صاحبة الوصاية على الأحداث واللقط، لم نكن شخصيا على علم به. لذا أنشأنا على الفور لجنة تحقيق في حقيقة هذه الأمور، كما توجب القوانين الكنسية. لكننا نطالب بالاحترام المتبادل لصلاحيات كل من القضاء العدلي والقضاء الكنسي".

وتابع: "هذا ما نفهمه من قول الشعب عن يوحنا: "ما عسى هذا الطفل أن يكون؟" ومن إضافة لوقا الإنجيلي: "وكانت يد الرب معه" (لو 66:1). تبلورت رسالة يوحنا المعمدان وقام بها خير قيام. فهو أول من أعلن اقتراب الملكوت بشخص المسيح، ودعا لدخوله بالتوبة (راجع متى3: 1-2)". إن يد الرب مع كل إنسان لصنع الخير والبناء والترقي. فهو لا يريد أن تجعل الحال الاقتصادية والمعيشية من شعب لبنان جماعة فقراء في أكثر من ثلثهم، وأربعين في المئة عاطلين عن العمل، بالإضافة إلى 160.000 موظف صرفوا من عملهم بسبب الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة".

وختم الراعي: "نصلي لكي يتاح لكل إنسان أن تكون يد الرب معه، فتتحقق مقاصد الله، ويجد الإنسان كرامته، ويتمجد الله الواحد والثالوث".