موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٤ سبتمبر / أيلول ٢٠١٧
البطريرك الراعي: دماء الشهداء بذار الكنيسة والأوطان

بيروت - وطنية :

اختتم البطريرك الماروني الكاردينال بشاره بطرس الراعي نشاطات صيف 2017 في حديقة البطاركة التي نظمتها رابطة قنوبين للرسالة والتراث. وكان ممثل الرئيس اللبناني النائب أبي رميا قد وصل الى الصرح البطريركي، والتقى البطريرك الراعي وانتقلا معا الى حديقة البطاركة.

ثم كانت إزاحة الستائر عن تماثيل البطاركة الجديدة داخل الحديقة. فأزاح البطريرك الراعي وأبي رميا والنحات نايف علوان الستارة عن تمثال البطريرك دانيال الحدشيتي، كذلك أزاحا الستارة عن تمثال البطريرك جبرايل حجولا، وتمثال البطريرك موسى العكاري.

وختم البطريرك الراعي الاحتفال بكلمة قال فيها: "أريد أن أشكر رابطة قنوبين للرسالة والتراث التي أحيت سنة الشهادة والشهداء والتي بدأناها وكما تعرفون جميعكم في عيد مار مارون في 9 شباط الماضي وتنتهي في 2 آذار عيد مار يوحنا مارون. أريد ان أشكرهم على ما سمعناه خلال إحياء الاحتفال، ليس فقط من خلال تماثيل البطاركة ولكن من خلال الإوبريت التي سمعناها والفيلم الذي شاهدناه، وأنا معكم أريد أن أشكر الأستاذ جورج عرب على هذه الكلمات التي وضعها، وأريد أن أشكر أيضا البروفسور فؤاد فاضل على الألحان وتوزيع الموسيقى، وأشكر الذين أنشدوا هذا الإنشاد المنفرد، مايا قصيفي مع حفظ الألقاب وطوني بركات وهادي شلالا. ونشكر أيضا استوديو المهندس جاد أبو زيد الذي تم فيه كل هذا العمل، وأحيي جوقة حصرون وحدشيت العزيزة".

وأضاف: "سمعنا كلمات ونحن هنا في مسرح الوادي المقدس الذي أقامه أنطوان بخعازي وعائلته حيث تعودنا في كل سنة ان نختم هنا اللقاء. سمعنا الكلمة الشهيرة "ما في موت بيمحي الصوت" صحيح لأن الكلمة أزلية وهي كلمة الله ولكن يوجد كلمتان نريد ان نزيدها عليها، ونحن جميعنا نعرفهما، الكلمة الأولى تضاف الى معنى الثانية وهي كيماب المسيحيين، دماء الشهداء ودار المسيحيين، أي ولا مرة. هذه كلمة للآباء. لولا دم المسيح لم تكن الكنيسة الملآنة في العالم ولولا دم الشهداء لم تكبر الكنيسة ولم تنتشر. لنتكلم عن كنيستنا المارونية. لولا دم شهدائنا الأوائل ال350 تلميذا لمار مارون الذين لولاهم لم تكبر الكنيسة المارونية وتنتشر على مستوى العالم والوضع نفسه على المستوى الوطني دم شهدائنا الذي هدر في الحرب ودم شهدائنا الذين سقطوا في معركة فجر الجرود، دم كل شهيد يسقط على مذبح الوطن علامة على أن الوطن يسير الى الأمام، ولكن هذا يقتضي منا، نحن الأحياء، وهذه الكلمة الثالثة "ماتوا لنحيا"، ليس لنحيا بطرق مبتذلة ولكن لنحيا بقيمة هذا الدم الذي أريق. وليس مسموحا أن نعيش في حالة مزرية في الوقت الذي ندرك فيه ان ثمن حياتنا دم غال من دم المسيح، من دم شهداء كنيستنا، ودم شهداء وطننا الى دم البطريرك حدشيتي ودم البطريرك حجولا. هكذا نكمل هذه الطريق. لأننا في لبنان وفي حياتنا بحاجة الى تحسين الحياة الروحية والدينية والأخلاقية والسياسية والوطنية، والحياة الزوجية والعائلية، لأن الشهداء دفعوا الدم الغالي عنا، إذ إنهم ماتوا لنحيا".

وتابع: "هذه مفاهيم سنة الشهادة والشهداء، وقد كان لدى البابا يوحنا الثاني حس كبير لموضوع الشهداء، وطلب منا حينها أن نستذكر شهداءنا ونأخذ أسماءهم شهداء الإيمان. ولكي يشجعنا على هذا الموضوع، أصدر دراسات وكتابين عن أسماء شهداء الإيمان الذي ماتوا في أحداث حياتنا ماضيا وحياتنا حاليا عندما انشأ أبرشيتنا في المكسيك وسماها أبرشية سيدة شهداء لبنان، لذا علينا ان نكون على هذا المستوى. لقد تشجعنا كثيرا من خلال هذا الاحتفال لأن الدنيا لا تنتهي بالموت، بل تبدأ، وإن الصوت لا يموت بموت الإنسان، والحقيقة تبقى فوق الجميع. كشفنا أيضا الستارة عن بطريرك لم يكن شهيدا، ولكن كان شهيدا حيا هو البطريرك موسى العكاري الذي قاد هذه المسيرة الصعبة من خلال بطركيته في 43 سنة بحياته، ولذلك ثمة شهداء ماتوا وشهداء أحياء، أي شهادة الدم والشهادة المعنوية، فحياتنا لا تقوم دون تضحيات ولا تقوم دون بذل ولا دون عطاء".

وشكر "فخامة رئيس الجمهورية الذي أوفد النائب سيمون أبي رميا، وسنحملك رسالة الى الرئيس، أولا أن تقول له إننا على مشارف وادي القديسين تذكرنا البطاركة، ولا فصل بين البطريركية وكرسي رئاسة الجمهورية التي تستند الى صلاة البطاركة ماضيا وحاضرا. وقل له من هنا من وادي القديسين لا تزال الصلاة مستمرة والقيادة التي كانت بقيادة البطريرك أصبحت اليوم بيده. قبل أن يكون لدينا رئاسة جمهورية في 1 أيلول 1920 كان الرئيس الزمني والكنسي البطريرك الماروني، فلذلك كانوا يعيشون حينا في رأس الجبل، وحينا يلجأون الى الوادي وحينا في السهول، كانوا يتنقلون من مكان الى آخر كي يحافظوا على الأغليين، إيمانهم الكاثوليكي واستقلاليتهم. هذه المسيرة الطويلة قادها بطاركتنا الى درجة أنهم يقولون عن البطاركة الموارنة عروشهم على ظهوهم أي أنه لا يوجد مكان يستقرون فيه، لكنهم كانوا يسيرون باستمرار ليحافظوا على الوديعة. هذا نصيبنا في هذا الشرق، هذا نصيبنا في هذه الرسالة التي نريد ان نعيشها. لقد رأينا كيف قتلوا البطريركين، فالدواعش موجودون منذ زمن، الدواعش الذين قتلوا المسيح موجودون، الدواعش الذين قتلوا الرسل موجودون، فعندما يفقد الإنسان إنسانيته يصبح وحشا لأخيه الإنسان، أي يصبح أكثر من الوحش، الوحش ليس لديه هذا الفن ليتفنن في القتل والدمار، واليوم الوحوش الجدد هم هذه الدول التي تبتكر الأسلحة الفتاكة التي يستعملونها في العراق وسوريا واليمن وفلسطين، وقسم منها جرب في لبنان، ويا للأسف هذه مأساة الشعوب، وما دام الإنسان لا يتصل بالله فقد أصبح هذا الإنسان وحشا لأخيه الإنسان، والثقافة التي تدعم الإنسان ليسمو الى فوق لمعرفة الحقيقة والثقافة والعلم بدون الإيمان، تجعل الإنسان يخلق وسيلة لدمار ذاته بذاته. من هنا رسالتنا مهمة ورسالتنا كبيرة ونحن كمسيحيين في هذا الشرق اليوم أكثر من أي وقت مضى أكان في لبنان أو كان في الشرق الأوسط الذي ولدت فيه المسيحية منذ ألفي سنة، وكانت ثقافة الشرق كلها ثقافة مسيحية قبل ظهور الإسلام بستمئة سنة، نريد أن نقول هذا مكاننا وهذه رسالتنا وهنا سيبقى الصوت الذي بموت المسيح لم يمت وبقي من خلالنا".

وختم الراعي: "أحيي كل أبنائنا وأهلنا وأبناء وطننا المنتشرين في العالم الذين حققوا ذاتهم، لكن قلبهم هنا. أريد أن أحيي الذين معنا من عالم الانتشار، الذين يساعدون أهلهم وكل الذين ساهموا في إقامة ما شاهدناه اليوم من ابنية واعمال ثقافية فنية من سمبوديوم الوادي المقدس، ويساعدون ايضا في بناء كنائس وأندية وقاعات راعوية وإنشاء مشاريع إنمائية، أحييهم جميعا وأقول لشعبنا هنا: نحن مدعوون لنستمر ونكمل الرسالة. هذا دور الكنيسة الذي نحمله يوميا. أشكرهم على هذا اللقاء وهذا المفهوم الروحي، ولا بد ان نحمل هذه الرسالة معنا، ولا ننسى الكلمات الثلاث "ما في موت بيمحي الصوت" "ماتوا لنحيا". دماء الشهداء بذار المسيحيين وبذار الأوطان".