موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٩ أغسطس / آب ٢٠١٩
البطريرك الراعي: الخروج من الذات والانطلاق نحو الآخر، حاجة للعيش معًا

الديمان – أبونا :

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في الصرح البطريركي في الديمان، حيث شدد في عظته على ضرورة "الخروج من الذات، والانطلاق نحو الآخر، لكي يُصار إلى رؤية موحدة وإلى حقيقة موضوعية تجمع وتحرر".

وقال البطريرك الراعي: "الخروج من الذّات، والانطلاق نحو الآخر، حاجةٌ من أجل الحوار والعيش معًا في الحياة العائليّة والاجتماعيّة والوطنيّة. فالحوار والعيش معًا يقتضيان الخروج من الحكم المسبق والرّأي والنّظرة، لكي يُصار إلى رؤيةٍ موحَّدة وإلى حقيقةٍ موضوعيّةٍ تَجمع وتُحرّر".

وأوضح بأن "العائلة تتأزّم عندما يعيش كلُّ زوجٍ وزوجةٍ أسير عالمه وأنانيّته ومتطلّباته، ولا يخرج من ذاته، ويخطو خطوةً نحو الآخر ولو بكلمة. والحياة الاجتماعيّة تتفكّك فيها العلاقات عندما ينغلق كلُّ مكوِّنٍ من مكوّناتها على ذاته، وتتباعد العائلات، وتتنافر الانتماءات الحزبيّة والسياسيّة. والحياة الوطنيّة تتعثّر وتكثر فيها العداوات، عندما يعتقد كلُّ فريقٍ أنّه على حقّ، والفريق الآخر على خطأ؛ وعندما يرفض الأفرقاء الجلوس وجهًا لوجهٍ إلى طاولة الحوار الصّريح للبحث بمسؤوليّةٍ عن سبل الخروج من الأزمة السّياسيّة التي تصيب الدّولة من جرّاء طريقة الحكم والإدارة؛ وعندما يستعملون بالأحرى لغة التّخاطب الاتّهاميّ مع إساءاتٍ عبر وسائل الإعلام والتّواصل الاجتماعيّ، من دون طرح أيّ مشروعٍ إنقاذي".

ولفت البطريرك الماروني إلى أن "الله اعتمد لغة الحوار مع البشر، إذ ’كلّمهم منذ القديم بأنواع كثيرة وأشباهٍ شتّى. وفي الأيّام الأخيرة كلّمهم بابنه، الذي هو ضياء مجده، وصورة جوهره، وضابط الكلّ بقوّة كلمته‘ (عبرا 1: 1-3). والمسيح، ابن الله المتجسّد كلَّمَنا، إذ عايشَنَا، وتشبَّهَ بنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. علَّمَنا وكلَّمَنا بشخصه وتعليمه وأفعاله وآياته. لقد اعتمد حوار المحبّة والصّبر والسّماع والتّوجيه والتّصحيح مع كلّ الذين التقاهم، كما نقرأ في الإنجيل. حاور وزرع الحقيقة والمحبّة في القلوب".

وأضاف: "نحن كمسيحيّين ولبنانيّين مؤتمنون على نشر لغة الحوار: حوار السّلام ومشاريع النّهوض الاقتصاديّ والإنمائيّ والاجتماعيّ والماليّ والمعيشيّ. لقد سئم اللّبنانيّون لغة الحرب والتّحريض والخلافات. نحن مؤتمنون على نشر لغة العدالة في الحقيقة، بعيدًا عن الظلم والإرغام بالضرب والتعذيب على أداء شهادة زور، وبالوشاية على أبرياء. نحن مؤتمنون على حماية حوار العيش معًا، حوارًا حياتيًا وثقافيًا ومصيريًا، على أساس الميثاق الوطني المتجدد في وثيقة الوفاق الوطني والدستور، وعلى أساس التعددية الدينية والثقافية التي تميز لبنان".