موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
البطريرك الراعي: أيها المسؤولون والسياسيون لا تخيبوا آمال شعبنا

صربا - وطنية :

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذبيحة الإلهية في كنيسة مار جرجس في صربا، بمناسبة السنة اليوبيلية المئة والخمسين لتشييد الكنيسة، ولإعادة قراءة الماضي والتخطيط لنظرة مستقبلية للعمل الرسولي في الرعية.

وألقى الراعي عظة بعنوان "أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" (متى 18:16) قال فيها "في قيصرية فيليبس، أعلن سمعان بن يونا إيمانه بيسوع أنه المسيح ابن الله الحي. فحول الرب إسمه إلى صخرة، وعلى صخرة إيمانه بنى كنيسته التي لن تقوى عليها قوى الشر مهما طغت. وعلى شاطئ بحيرية طبرية، أعلن بطرس حبه للمسيح حبًا شديدًا. وهو حب يعرفه الرب الذي يسبر أعماق الإنسان، فسلمه يسوع رعاية خرافه، النفوس التي افتداها بدمه، وهي البشرية جمعاء (راجع يو21: 15-17). هكذا يتجلى سر الكنيسة: الإيمان بالمسيح هو أساسها، وتجسيد محبة المسيح رسالتها لدى جميع الناس. الإيمان والمحبة هما ركنا المسيحية وثقافتها ومصدر علاقتها مع الله ومع جميع الناس. في كنيسة الرعية الحجرية نلتقي لنعلن إيماننا ونثقفه وننضجه بواسطة الكرازة الإنجيلية والتعليم؛ ولنجدد محبتنا لله الذي أحبنا حتى جاد بابنه الوحيد، الذي افتدانا بذبيحة ذاته، وغذانا بوليمة جسده ودمه؛ ولنلتزم بشد روابط الأخوة مع جميع الناس، ونجسد محبة الله في أفعالنا وفي مؤسساتنا التربوية والاستشفائية والاجتماعية على تنوعها".

وأضاف: "الإيمان والمحبة هما ركنان لحسن استعمال السلطة في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. وإليهما يرمز "سلطان الحل والربط" الذي سلمه الرب يسوع لسمعان بطرس وللكنيسة. عندما قال لتلاميذه: "من أراد أن يكون الأول فليكن خادما للجميع" وشجب في الوقت عينه "تسلط أسياد الأمم على شعوبهم" (مر43:10)، أراد القول إن السلطة هي لخدمة الناس، لا لاستغلالهم، والتسلط عليهم، وإهمال حقوقهم. هذا المفهوم للسلطة يفترض عند الرؤساء والمسؤولين الكثير من التجرد والتواضع والتحرر من الأنانية التي هي أصل الفساد الذي تعاني منه مؤسسات الدولة وإداراتها، والذي يحميه أصحاب النفوذ ممن هم في السلطة، إذ يغطون فساد جماعتهم. يعلنون وجوب مكافحة الفساد، وعندما يحاول القضاة القيام بهذا الواجب، يتدخلون في عملهم عن غير وجه حق، ويأمرون بالحد من ممارسة صلاحياتهم، وهم بذلك يخالفون أصول المحاكمات بالإفراط في استعمال سلطتهم. إنهم بذلك يقوضون القاعدة الجوهرية لقيام الدول: "العدل أساس الملك".

وقال: "الشباب اللبناني الذي قام بالحراك الحضاري، الرافض للفساد لدى الجماعة السياسية، والمطالب بحكومة جديدة توحي الثقة، وتحقق الإصلاحات اللازمة في الهيكليات والقطاعات، والنهوض الاقتصادي والمالي، والعدالة الاجتماعية، وتضمن مستقبله في وطنه، لا يقبل بأنصاف الحلول، ولا يصدق بعد الآن الوعود. وقد قال بالفم الملآن المعتصمون في جميع المناطق اللبنانية بشبابهم وكبارهم، أن لا ثقة لهم بالسياسيين. فلم يجرؤ أحد من هؤلاء على الانضمام إليهم. الشعب يطالب بحكومة حيادية مصغرة من شخصيات لبنانية معروفة بقيمها الأخلاقية وإنجازاتها الكبيرة، وبتحررها من الروح المذهبية والطائفية والانتماء الحزبي والسياسي. فتباشر للحال في تنفيذ الورقة الإصلاحية. فيا أيها المسؤولون والسياسيون لا تخيبوا مرة أخرى آمال شعبنا، ولا ترغموهم على العودة من جديد إلى الشوارع والساحات، من بعد أن حييتم حراكهم ورأيتم فيه دفعًا أساسيًا باتجاه وضع الورقة الإصلاحية. وأنتم، أيها الشباب والكبار الذين اعتصمتم كمواطنين موحدين تحت راية الوطن، ومتجاوزين كل انتماء طائفي ومذهبي وحزبي، لا تخسروا هذا المكسب الكبير. أرفضوا كل اصطفاف ينال من وحدتكم، وتصرفوا بحكمة وفطنة تجاه كل من يستدرجكم للعودة إلى الانقسامات الفئوية. فمطالبكم والقضية اللبنانية توحدكم، ولبنان يعلو فوق كل اعتبار، لأنه بدولته القادرة يؤمن الخير للجميع، والخير الفائض. كلهم يخشون نهاية مصالحهم، أما أنتم فتخشون القضاء على بلدكم ووطنكم".