موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الجمعة، ٦ يوليو / تموز ٢٠١٨
البابا والشرق الأوسط.. ’دعوة للعودة إلى الضمير‘

بقلم: إياكوبو سكاراموزي ، ترجمة: منير بيوك :

سيكون اللقاء مع رؤساء الكنائس المسيحية في الشرق الأوسط، المنعقد من قبل البابا فرنسيس في باري يوم السبت المقبل، سيكون دعوة "للعودة إلى الضمير" موجهة إلى الدول القوية في العالم لوضع حد للعنف، وذلك بحسب رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري الذي تحدث عن المناسبة التي ستتم في السابع من تموز، مستذكرًا أن الإرهاب يوقع ضحايا من المسلمين والمسيحيين، ومن مختلف أقليات المنطقة، فيما أشار رئيس مجلس تعزيز وحدة المسيحيين الكاردينال كورت كوخ، إلى أن نسبة المسيحيين قد انحدرت في الشرق الأوسط من 20 بالمئة إلى 4 بالمئة من إجمالي عدد السكان خلال قرن من الزمان.

وسيصل جورجي ماريو برغوليو إلى باري على متن طائرة هليكوبتر، حيث سيتم الترحيب به في الساعة الثامنة والربع من طرف الأسقف فرانشيسكو كاكوتشي والسلطات المدنية. ثم سيتوجه إلى بازيليك القديس نيقولا حيث سيتوجه برفقة البطاركة إلى القبو ليصلي عند ذخائر القديس نيقولا، وبعد ذلك سيتوجه الجميع بالحافلة إلى "الدوار" الواقع عند الواجهة البحرية.

أوضح الكاردينال ساندري أن صباح السابع من تموز "سيشمل حدثين رئيسيين هما الصلاة على الواجهة البحرية مع المؤمنين الذين يرغبون في المشاركة شخصيًا أو مراقبة بثه حيًا على التلفزيون، إضافة إلى لحظة تأمل واستماع وحديث متبادل بين البابا ورؤساء الكنائس في الشرق الأوسط بحيث يقدم كل منهم وجهة نظره وملاحظاته ومقترحاته. وسيتبع ذلك تقرير تمهيدي يعهد به إلى المدبر الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس المونسنيور بييرباتيستا بيتسابالا، يتبعه فترة حديث غير محددة من الوقت. ومن المتوقع أن يتحدث الأب الأقدس في بداية الصلاة العامة وفي نهاية الاجتماع عندما يعاد فتح أبواب بازيليك القديس نيقولا. ثم سيذهب البابا برفقة الآخرين إلى المنطقة المغلقة أمام البازيليك ويطلقون حمائم تم تقديمها لهم من طرف بعض الأطفال". بعد الصباح، سيتناول البابا والبطاركة الطعام سويًا. وسيغادر فرنسيس قرابة الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر ثم يعود إلى الفاتيكان.

وأوضح الكاردينال الإيطالي الأرجنتيني أنه لن يكون هناك "بيان مشترك" في الختام "لكن كلمات البابا، خاصة في نهاية الاجتماع، تستطيع أن تكون مصدر إرشاد واستجداء يتعلق بوضع المسيحيين المضطهدين وبعدم توفر السلام. إن عنوان هذا الاجتماع في باري هو "ليكن السلام لك! المسيحيون معًا من أجل الشرق الأوسط". لن يتم اتخاذ قرار ملموس، لكننا نأمل أن يتمكن المسؤولون عن الوضع في العالم، بخاصة في هذه المنطقة، من الإصغاء. إن هذه دعوة غير مباشره للعودة إلى الضمير ليس من أجل البحث عممن تتم الإساءة لهم ولمن يتعرضوا للعنف، إنما من أجل إيجاد حل سياسي".

ولم يستبعد ساندري إمكانية عقد اجتماع في المستقبل حول الشرق الأوسط يضم أيضًا ممثلين مسلمين ويهود. لكنه أكد أن الهدف "في هذه الحالة هو التأكيد على التضامن بين المسيحيين فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، وأن ذلك "لا يعني استبعاد الآخرين غير المسيحيين في السعي نحو تحقيق السلام". وأضاف: من جهة ثانية "نعلم جميعًا أن ضحايا الإرهاب والعنف ليسوا ضحايا مختارين. إنهم جميعًا يسقطون عندما يكون هناك لغة الكراهية والعنف هذه، عندما يتم تدنيس اسم الله الذي هو سلام. فهناك العديد من الضحايا حتى بين المؤمنين المسلمين، والمسيحيين، والأيزيديين، ومن مختلف الانتماءات. تحدثت زيارة البابا إلى الأزهر في مصر مجلدات عن هذا الانتماء المشترك للبشر، وعن الطبيعة البشرية، وعن المعاناة المشتركة، وعن الضرر الذي أصاب كرامة الإنسان نتيجة الهجمات التي أصابت المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

من ناحيته، قال رئيس مجلس تعزيز الوحدة بين المسيحيين الكاردينال كورت كوخ إن منطقة الشرق الأوسط هي "أرض الجذور، وهي أيضًا إحدى المناطق في العالم حيث يعيش المسيحيون وضعًا هو الأكثر خطورة. فبسبب الحروب والاضطهاد، تخلى العديد من العائلات عن وطنهم التاريخي بحثًا عن الأمن وعن مستقبل أفضل".

وأضاف: "انخفضت نسبة المسيحيين في الشرق الأوسط بشكل دراماتيكي خلال قرن من الزمان. ففي حين كانوا يمثلون عشرين بالمئة من سكان الشرق الأوسط قبل الحرب العالمية الأولى، فإنهم الآن يشكلون أربعة بالمئة فقط. إن الشرق الأوسط، المنطقة الشهيدة، هي مكان تكون فيه كذلك العلاقات المسكونية أكثر قوة وواعدة بخاصة بين الأرثوذكس والكاثوليك.

وذكر ثلاثة أبعاد مسكونسة رئيسية وهي: مسكونية الحياة، أي ’المسكونية البينة التي عاشها المسيحيون في الشرق الأوسط‘، ومسكونية القداسة، وأعني بالقول أن ’الوضع الصعب في الشرق الأوسط هي دعوة إلى القداسة والعهد بتحقيق الوحدة‘، وأخيرًا، المفهوم الغالي الذي أطلقه جورجي ماريو برغوليو منذ بداية حبريته وهو ’مسكونية الدم‘: ’إن أولئك الذين يقتلون المسيحيين ويضطهدونهم بسبب الكراهية لا يسألون إن كانوا أرثوذكس أو كاثوليك. إنهم مسيحيون. دماء المسيحيين هي نفسها‘". كان ذلك على حد قول البابا في كنيسة القيامة بالقدس الذي نقله الكاردينال السويسري حيث أشار إلى أن هذا المفهوم قد تم تبنيه على مر السنين من خلال التصريحات المشتركة المختلفة التي وقعها فرنسيس مع البطريرك المسكوني برثلماوس (2014)، وكاثوليكوس الأرمن كاريكين (2016)، والبطريرك الروسي كيريل (2016) وبطريرك الأقباط تواضروس (2017).

واختتم كوخ كلمته بالتذكير بأربعة "مبادئ" أساسية. أولاً: "سيبقى المسيحيون في المنطقة فقط إذا تم استعادة السلام. ولهذا هو السبب دعت الكنيسة الكاثوليكيه منذ بداية الأزمه بلا كلل لاستعادة السلام من خلال البحث عن حل سياسي قبل كل شيء". ثانيًا: "ليس من الممكن تخيل شرق أوسط بدون مسيحيين. ولا ينسحب ذلك فقط على أسباب دينية، ولكن لأسباب سياسية واجتماعية أيضًا لأن المسيحيين عنصر أساسي في توازن المنطقة". المبدأ الثالث هو أن "المسيحيين لا يريدون أن يكونوا ’أقلية محمية‘ تعيش المسامحة بصورة جيدة. إنهم يريدون أن يكونوا مواطنين يتم الدفاع عن حقوقهم وضمانها مع حقوق جميع المواطنين الآخرين". هذا ما قاله الكاردينال نقلاً عن أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين. وأخيرًا "هناك حاجة ملحة لمواصلة الحوار بين الأديان".

وسيشارك في هذا اليوم من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس، والمتروبوليت هيلاريون ممثلاً للبطريرك الروسي كيريل، وبطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس ثيودوروس الثاني، ورئيس الأساقفة نكتاريوس ممثلاً لبطريرك القدس للروم الأرثوذكس، والمتروبوليت فاسيليوس ممثلاً لرئيس أساقفة قبرص. ويشارك كذلك بابا الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني، وبطريرك أنطاكيا للسريان الأرثوذكس أفرام الثاني، والمطران هوفاكيم ممثلاً لكاثوليكوس عموم الأرمن كاريكين الثاني، وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس أرام الأول، بالإضافة إلى بطريرك الكنيسة الأشورية المشرقية جوارجيوس الثاني.

وبالنسبة للكنائس الكاثوليكية الشرقية، فسيكون متواجد بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك إبراهيم اسحق، وبطريرك أنطاكية للسريان الكاثوليك إغناطيوس الثالث يونان، والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، ورئيس أساقفة حلب جان كليمنت جانبارت ممثلاً لبطريرك أنطاكية للروم الملكيين، والبطريرك الكلداني الكاردينال لويس ساكو، والبطريرك كيليكيا للأرمن كريكور بيدروس العشرين، والمدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية في القدس رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا. وأخيرًا، سيكون حاضرًا مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأرض المقدسة سني إبراهيم عازر، والأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط ثريا بشعلاني. وطُلب من رئيس مجلس الأساقفة الإيطاليين الكاردينال غالتييرو باسيتي، ومن رئيس مجلس المؤتمرات الأسقفية الأوروبية الكاردينال أنجيلو بنياسكو، إطلاع الرهبانيات الكاثوليكية عن هذا الحدث بصورة جيدة.