موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٦ مايو / أيار ٢٠١٨
البابا للمكرسين: الصلاة والفقر والصبر لتجنب ’القتل الرحيم‘ الروحي

بقلم: سلفاتوري سيرنوزيو ، ترجمة: منير بيوك :

"الصلاة، والفقر، والصبر. في هذا "الضباب الدنيوي"، وخلال هذه "الأوقات الأليمة" للإنسانية التي تتميز "بالاستفزازات وروح الحرب"، يقدم البابا فرنسيس للمكرسين هذه "المعايير التي تتميز بالأصالة، وهي الثلاثة لإرشادهم في حسن التمييز". تحدث برغوليو لأكثر من ساعة مع المشاركين في المؤتمر الدولي بعنوان "تكريس المشورات الإنجيلية والفصل بينها. تأملات، وأسئلة، ومسارات محتملة"، ينظمه مجمع الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية.

بدأ حديته بالقول: لقد فكرت في إلقاء كلمة جميلة وجيدة التعبير، لكن بعد ذلك فكرت في الحديث مرتجلاً، وأن أتحدث بالأمور التي تناسب هذه اللحظة. "إنه الوقت الذي توجد فيه أشكال جديدة للحياة المكرسة وكاريزما جديدة. "إن الروح القدس كارثي لأنه لا يتعب أبدًا من الإبداع!"، هذا ما قاله البابا وسط ضحكات الحضور. وأضاف: "السؤال الذي ينبغي طرحه هو: ما هي الأشياء التي يريدها الروح القدس ليظل قويًا بها في الحياة المكرسة؟"، "كنت دائمًا أفكر في اليوم الذي ذهبت فيه إلى سان جيوفاني روتوندو: لا أعرف لماذا، لكني رأيت هناك العديد من الرجال والنساء المكرسين الذين يعملون... وقد فكرت في ما قلته هناك، حول "الأمور الثلاثة: هذه هي الأسس التي ستبقى دائمًا، فهي دائمة في حياة التكريس: إنها الصلاة والفقر والصبر".

وقال: فالصلاة تعني "العودة دائمًا إلى الدعوة الأولى، العودة إلى ذلك الشخص الذي دعاني وقال لي: تعال، اترك كل شيء وتعال. الجميع يعرف ما الذي تركوه وراءهم: تركوا أمهاتم، وأباءهم، وأسرهم، وعملهم. صحيح القول أن هناك من يبحث عن سيرة حياة من ’الداخل‘، لكن هذا ليس بالأمر الجيد". لذلك، من الجيد أن نصلي لأن ذلك يضمن "أن أعمل من للرب، ولا لمصالي الشخصية أو للمؤسسة التي أعمل بها، ليس أبدًا، إنما للرب".

وبهذا المعنى، نحتاج إلى أن نكون "متجذّرين"، وهي كلمة أساسية "حتى لو كانت مفرطة بالاستخدام وفقدت بعض قوتها". ومع ذلك، فإنها تلخص بشكل جيد أول اندفاعة: "أترك كل شيء من أجلك!. إنها ابتسامة الخطوات الأولى... ثم تصل الكثير من المشاكل التي عايشناها جميعًا، لكنها دائمًا تعتمد على العودة إلى الرب. كما أن الصلاة في الحياة المكرسة هي الهواء الذي يجعلنا نتنفّس تلك الدعوة، والذي يجدّد تلك الدعوة. ويحذر بيرغوليو قائلاً: "من دون هذا الهواء لن نتمكّن أبدًا من أن نكون مكرسيّن صالحين؛ نعم، لربما نكون أناس طيبين، مسيحيين، وكاثوليك يعملون في العديد من النشاطات الكنسية، لكنه ليس الشيء نفسه".

يقول البابا في إطار حوار وهمي مع شخص مكرس: "لكنني مشغول، مشغول جدًا، ولدي الكثير من الأشياء التي يجب القيام بها... لكن عملي محفوف بالمخاطر وليس لدي وقت خلال اليوم... حسنٌ، لكن "هذا أكثر أهمية. إذهب للصلاة كما فعلت الأم تريزا، التي ذهبت ’للبحث عن المتاعب‘، لأنها كانت مثل الآلة التي تبحث عن المشاكل، لأنها وضعت نفسها هنا وهناك... ولكن لا يمكن لأحد أخذها بعيدًا عن ساعتها المخصصة للصلاة أمام القربان المقدس". ويستمر البابا في حديثه: "آه، إنها الأم تريزا العظيمة! افعلوا كما فعلت، افعلوا نفس الشيء. ابحثوا عن ربكم الذي دعاكم. صلوا. ليس فقط في الصباح... يجب على الجميع البحث عن كيفية القيام بذلك، وأين يفعل ذلك، ومتى يفعل ذلك. لكن افعلوها دائمًا، صلوا. ليس من الممكن عيش الحياة المكرسة، وليس من الممكن تمييز ما يحدث من دون التحدث مع الرب".

وتابع: لا يمكن للفرد أن يعيش حياة مكرسة خارج الفقر. يقول القديس إغناطيوس دي لويولا لنا نحن اليسوعيين في القوانين "الفقر هو الأم، وهو الحصن الذي يحمي الحياة المكرسة". ويضيف: "إنه لأمر مثير للاهتمام؛ فهو لا يقول العفّة، والتي كما نعرف ترتبط أكثر بالأمومة والأبوّة. لا بل يقول الفقر هو أم، لأنه من دون الفقر لا توجد ثمار في الحياة المكرسة". إن الفقر هو ’حصن‘ لأنه "يدافع عنك من روح العالم. نحن نعلم أن الشيطان يأتي من خلال الجيوب. نحن نعلم ذلك كلنا. والإغراءات الصغيرة ضد الفقر هي جروح تعود إلى جسد المكرس".

ويضيف البابا فرنسيس: هناك ثلاثة درجات لننتقل من التكرّس الرهباني إلى حياة العالم الرهبانيّة، الأولى هي المال أي غياب الفقر، الثانية هي الغرور الذي يأخذنا إلى أقصى درجة من التبجّح، والثالثة الكبرياء. ومن هنا تأتي جميع الرذائل الأخرى. ويؤكد قائلاً: "إذا كنت حريصًا على عدم التعلق بالثروة، فلن تلي الرذائل الأخرى. ثم طلب البابا من المشاركين أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي: ماذا يبدو فقري؟"، ثم أن ينظروا إلى "الأدراج: في أدراج أرواحكم".

"وبمجرد أن يتم إصلاح ذلك، فمن الضروري الإهتمام بالصبر. قد يسألني أحدكم: "لكن، يا أبتي، ما هي علاقة الصبر بهذا؟ الصبر مهم، مهم جدًا". يوضح بيرغوليو: "الدخول في الصبر هو موقف كل تكرّس، وهو يبدأ من أمور الحياة الجماعية الصغيرة اليومية التي يعيشها كل فرد منا في هذا التنوّع الذي يصنعه الروح القدس. وبالتالي علينا أن ندخل في الصبر تمامًا كما دخل يسوع ليحقق الفداء. إنه نقطة أساسية ليس فقط لتحاشي المشاكل الداخلية والتي هي سبب عثرة، وإنما لكي يكون المرء مكرسًا حقيقيًا ويعرف كيف يميِّز".

وختم البابا فرنسيس حديثه بتقديم النصيحة قائلاً: يجب أن نتنبّه لهذه الأمور الثلاثة: الصلاة والفقر والصبر، وأعتقد أن الرب يحب الخيارات الجذريّة المتعلِّقة بها إن كانت فرديّة أو جماعيّة". وقال: "أشكركم على صبركم في الإصغاء وأتمنى لكم الخصوبة. لا أحد يعرف ما هي الدروب التي تمر بها خصوبته، ولكن إن كنت تصلّي وكنت فقيرًا وصبورًا فتأكّد أنّك ستكون خصبًا. كيف؟ سيريك الرب كيف وستكون أبًا وستكونين أمًا. الخصوبة هذا ما أتمناه للحياة الرهبانيّة، أتمنى لكم جميعًا أن تكونوا أخصابًا".