موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٩ يوليو / تموز ٢٠١٦
البابا لشباب العالم: الرحمة تتحلى بوجه فتيّ على الدوام
كراكوفيا – إذاعة الفاتيكان :

رحّب شباب العالم بالبابا فرنسيس في منتزه بونيا في كراكوفيا، مساء الخميس، احتفالا باليوم العالمي الحادي والثلاثين للشباب 2016 في لقاء حمل عنوان: "مدعوون للقداسة". وبعد كلمة رئيس أساقفة كراكوفيا الكاردينال ستانيسلاف دجيفيتش، ألقى البابا كلمة حيّا بها الشباب وشكرهم على شهادة الإيمان التي يقدمونها للعالم.

وقال: "أشكركم على هذا الاستقبال الحار، وفي أرض مولده أريد أن أشكر بشكل خاص القديس يوحنا بولس الثاني الذي حلم بهذه اللقاءات وأعطاها دفعًا، ومن السماء يرافقنا في رؤية العديد الشباب المنتمين للشعوب وثقافات ولغات مختلفة يجمعهم هدف واحد: الاحتفال بيسوع الحي في وسطنا. فما من مناسبة أفضل لتجديد الصداقة مع يسوع إلا من خلال تعزيز الصداقة فيما بينكم. وما من طريقة أفضل لتعزيز صداقتنا مع يسوع إلا من خلال مقاسمتها مع الآخرين! وما من طريقة أفضل لاختبار فرح الإنجيل إلا من خلال نقل البشارة السارة إلى العديد من الأوضاع الأليمة والصعبة".

تابع: "يسوع هو الذي دعانا إلى هذا اليوم العالمي الحادي والثلاثين للشباب؛ ويسوع هو الذي يقول لنا: "طوبى للرحماء، فإنهم يرحمون". طوبى للذين يعرفون كيف يغفرون ويتحلّون بقلب شفوق ويعرفون أن يعطوا أفضل ما عندهم للآخرين. أعزائي الشباب، خلال هذه الأيام سترتدي بولندا حلّة العيد؛ وفي هذه الأيام تريد بولندا أن تكون وجه الرحمة الفتي على الدوام. من هذه الأرض معكم وبالاتحاد مع العديد من الشباب الذين لا يمكنهم أن يكونوا حاضرين هنا ولكنّهم يرافقوننا عبر وسائل الاتصالات العديدة، سنجعل معًا من هذا اليوم عيدًا يوبيليًا حقيقيًا".

أضاف: "لقد تعلّمت خلال سنوات الأسقفيّة التي عشتها أنّه ما من شيء أجمل من التأمّل بالرغبات والالتزام والشغف والطاقة التي من خلالها يعيش الشباب حياتهم. عندما يلمس يسوع قلب شاب أو شابة يصبحان قادرَين على القيام بأعمال عظيمة. إنها لعطيّة من السماء أن نرى العديد منكم يسعون كي تكون الأمور مختلفة. إنه لأمر جميل ويريح قلبي أن أراكم تفيضون بهذا الفرح. إن الكنيسة تنظر اليوم إليكم وتريد أن تتعلّم منكم لتُجدّد ثقتها برحمة الآب وهي لا تتوقّف أبدًا عن دعوتكم للمشاركة في ملكوته. وإذ أعرف الشغف الذي من خلاله تقومون برسالتكم، أتجرأ على تكرار: الرحمة تتحلى بوجه فتيٍّ على الدوام، لأن القلب الرحوم يتحلّى بالشجاعة لترك الرفاهيّة؛ القلب الرحوم يعرف كيف يذهب للقاء الآخرين ويستطيع أن يعانق الجميع. القلب الرحوم يعرف كيف يكون ملجأ لمن لا بيت له ويعرف كيف يخلق إطارًا البيت والعائلة لمن اضطر للهجرة. القلب الرحوم يعرف كيف يتقاسم الخبز مع الجائع، القلب الرحوم ينفتح ليستقبل اللاجئ والمهاجر. وأن أقول رحمة معكم يعني أن نقول فرصة وغد والتزام وثقة وانفتاح واستقبال وشفقة وأحلام".

تابع البابا فرنسيس: "أريد أن أعترف لكم بشيء آخر تعلّمته خلال هذه السنوات. يؤلمني أن ألتقي شبابًا يبدون متقاعدين قبل وقتهم. يقلقني أن أرى شبابًا فقدوا عزيمتهم قبل أن تبدأ المباراة، واستسلموا قبل أن يبدؤوا باللعب. يسيرون بأوجه تعيسة كما ولو أن حياتهم لا قيمة لها. إنهم شباب ضجرون ومملون. ورؤيتك لهؤلاء الشباب تجعلك تفكِّر أنهم يخسرون أجمل سنوات حياتهم وطاقاتهم بالجري وراء أوهام زائفة تسلبكم أفضل ما لديكم. لذلك أيها الأصدقاء الأعزاء: لا نريد أن نُسلب أفضل ما لدينا، ولا نريد أن نسمح بأن يسلبوننا طاقاتنا وفرحنا وأحلامنا بواسطة أوهام زائفة. أسألكم؛ هل تريدون لحياتكم ذاك الاضطراب الذي يقصيكم ويبعدكم أم أنكم تريدون أن تشعروا بالقوة التي تجعلكم أحياء؟ هناك جواب واحد كي تشعروا بهذه القوة المُجدّدة: إنه شخص وهو حي ويُدعى يسوع المسيح. يسوع المسيح هو الذي يعطي شغفًا حقيقيًّا للحياة، يسوع المسيح هو الذي يُسائلنا ويدعونا ويساعدنا لننهض في كل مرّة نشعر فيها بالاستسلام".

أضاف: "خلال الأيام العالمية يريد يسوع أن يدخل بيتنا؛ سيرى اهتماماتنا وانشغالاتنا كما حصل مع مرتا، ولكنّه سينتظر كي نصغي إليه على مثال مريم: فلنتحلّى بشجاعة الاستسلام له وسط جميع انشغالاتنا؛ ولتكن أيام ليسوع، مكرّسة لنصغي إلى بعضنا البعض ونقبله في الأشخاص الذين نتقاسم معهم البيت والطريق والمجموعة والمدرسة. هو يطلب منا إن كنا نريد أن نعيش الحياة بملئها: أتريد أن تعيش الحياة بملئها؟ اسمح لنفسك إذًا بأن تتأثّر! لكي تنبت السعادة وتزهر الرحمة: هذا هو جوابه وهذه هي دعوته وهذا هو التحدي والمغامرة اللذين يقدّمهما: الرحمة! الرحمة تملك على الدوام وجهًا فتيًا".

تابع: "لنطلب جميعنا من الرب: أطلقنا في مغامرة الرحمة؛ أطلقنا في مغامرة بناء الجسور وتحطيم الجدران؛ أطلقنا في مغامرة مساعدة الفقير والوحيد والمتروك والذي لا يجد معنى لحياته. إدفعنا على مثال مريم في بيت عنيا لنصغي إلى الذين لا نفهمهم والقادمين من ثقافات وشعوب أخرى، حتى تلك التي نخاف منها لأننا نعتقد أنهم بإمكانهم أن يؤذوننا. واجعلنا نوجّه أنظارنا، على مثال مريم مع أليصابات، نحو مُسنّينا لنتعلّم من حكمتهم".