موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٩ فبراير / شباط ٢٠١٧
البابا: لا يوجد دين إرهابي؛ لا إرهاب مسيحي أو يهودي أو إسلامي

بقلم: أوميبيشيو أغاسي ، بقلم: منير بيوك :

إن تجاهل الفقراء هو "عمى أخلاقي." لا يوجد إرهاب مسيحي، أو يهودي أو مسلم. كما لا يوجد شعب يمتهن الإجرام. فالبابا لا يخفف من وطء كلامه في رسالته إلى الحركات الشعبية، المجتمعة على مدى ثلاثة أيام (16 إلى 19 شباط) في موديستو، كاليفورنيا، بغرض التنديد بالنظام الاقتصادي الذي يضع إله المال في محوره الأساسي ويتحامل على ما أطلق عليه الفطرية والأصولية المنتشرة في بعض الدول أو الأديان المعينة.

أشار البابا بأصبع الاتهام بصورة خاصة إلى "النمط المألوف الذي ينظر فيه الفرد إلى الذين يعانون دون أن يساعدهم"، لكنهم يظهرون على شاشات التلفاز في بث حي. كما يتم الحديث عنهم بعبارات ملطفة تحتوي على تسامح واضح. لكن لا يتم فعل شيء ممنهج لتضميد الجراح الاجتماعية أو لمواجهة الأعمال التي تترك الكثير من الإخوة والأخوات في حالة ضياع.

فأسقف روما يندد "عاجلاً أو آجلاً، بالعمى الأخلاقي لهذه اللامبالاة التي تبرز إلى النور مثلما يتبدد السراب". كما يحذر البابا بيرجوليو قائلاً: "فلا يمكن طلي الغرغرينا باللون الأبيض إلى الأبد، لأنه عاجلاً أو آجلاً ستفوح الرائحة بصورة قوية جدًا. وعندما لم يعد بالإمكان إنكارها، فإن القوة التي أدت إلى نشوء هذه الحالة تسعى إلى استغلال الخوف وانعدام الأمن، والنزاعات، وحتى سخط الناس المبرر من أجل تحميل مسؤولية كل هذه العلل على ما هو "غير قريب". وأضاف بأن هذا هو أعظم إغراء يغذي "العملية الاجتماعية والسياسية التي تزدهر في أجزاء كثيرة من العالم، وتشكل خطرًا كبيرًا على البشرية".

وحول العنف الأصولي الجاري في أنحاء العالم، يقول: "لا وجود للإرهاب المسيحي، لا وجود للإرهاب اليهودي، لا وجود للإرهاب الإسلامي، ولا وجود في أي منها. لا يوجد شعب يمتهن الإجرام وليس هناك دين يدعو للإرهاب. لا يوجد شعب يمتهن الإجرام، أو تهريب المخدرات، أو العنف". وأشار البابا قائلاً: "هناك أفراد أصوليون يمارسون العنف في جميع الشعوب والأديان - ومع التعميمات غير المتسامحة يصيرون أقوى لأنهم يتغذون على الكراهية وكراهية الأجانب".

ثم تحدث البابا عن قضايا بيئية قائلاً: "إن الأزمة البيئية حقيقية -مكررًا قوله- كما أن النظام الاقتصادي الذي يضع إله المال في محوره الأساسي ويعمل أحيانًا بوحشية اللصوص، ينزل إصابات بدرجة إجرامية ظلت مهملة لحد الآن".

وأضاف الحبر الأعظم: "إن البطالة حقيقية، والعنف حقيقي، والفساد حقيقي، وأزمة الهوية حقيقية، وذبح الديمقراطيات حقيقي". وبعد هذه القائمة، يشير إلى أن يسوع يعلمنا مسارًا مختلفًا. لا تطلقوا الأوصاف على الآخرين من أجل معرفة من هو الجار ومن هو ليس كذلك. يمكنكم أن تصيروا جيرانًا لمن تجدونه محتاجًا، وستفعلوا ذلك إذا كان لديكم رحمة في قلوبكم، وهذا يعني، إذا كان لديكم القدرة لتعانوا مع شخص آخر. يجب أن تصيروا مثل السامري لأن هنا تقبع جذور الإنسانية الأصيلة التي تقاوم التجرد من الإنسانية والتي ترتدي رداء اللامبالاة، والنفاق، أو عدم التسامح".

وفي حديثه بشكل خاص عن المسيحيين، تحدث البابا فرنسيس بصورة حازمة قائلاً: "لا علينا أن نصاب بالشلل ولا أن نُكَبَّلَ داخل الصراع. يجب علينا أن نقر بالخطر وأيضًا بأن كل أزمة تجلب بالفعل فرصة للمضي قدمًا نحو توليفة ناجحة". ووفقا للبابا فإن "الخطر الشديد هو أن نتبرأ من جيراننا. عندما نفعل ذلك، فإننا نتنكر لإنسانيتهم كما نتنكر لإنسانيتنا دون أن ندرك ذلك. نحن نتنكر لأنفسنا، كما نتنكر لأهم وصايا يسوع. وهنا يكمن الخطر، إنه التجرد من الإنسانية".

يؤكد البابا فرنسيس أن اليوم "تتسارع عملية التجرد من الإنسانية. هنا نجد أيضًا فرصة: إن ضوء محبة القريب قد تضيء الأرض مع السطوع المذهل مثل صاعقة في وسط الظلام".

ويضيف البابا فرنسيس في رسالته: وبذلك، "من خلال مواجهة الإرهاب مع بالحب، فإننا نعمل من أجل السلام. أنني أطلب منكم الوداعة والعزم للدفاع عن هذه المبادئ. إنني أطلب منكم ألا تقايضوا هذه الأمور باستخفاف أو بتطبيقها بشكل سطحي. دعونا نقدم كل شيء من أنفسنا كما فعل القديس فرنسيس الأسيزي، فعندما يكون هناك كراهية، دعونا نبذر بذور الحب، وحيث يوجد هناك ضرر، دعونا نبذر بذور العفو، وعندما يكون هناك خلاف، دعونا نبذر بذور الوحدة، حيث يكون هناك خطأ، دعونا نبذر بذور الحقيقة".

إنها دعوة بابوية أخرى للعمل بجد من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال "بناء الجسور بين الشعوب والأفراد. هذه هي الجسور التي يمكنها التغلب على جدران الإلغاء، واللامبالاة، والعنصرية، وعدم التسامح".

ويسعى البابا فرنسيس "من خلال هذه الرسالة إلى تشجيكم ودعمكم، إضافة إلى تشجيع ودعم منظماتكم، وجميع الذين يسعون معكم من أجل "الأرض، والعمل، والإسكان"، متمنيًا "أن تنتشر هذه الطاقة البناءة إلى كل الأبرشيات، لأنها تبني الجسور بين الشعوب والأفراد".