موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٦ أغسطس / آب ٢٠١٣
البابا فرنسيس يكرس العالم لمريم سيدة فاطمة في تشرين أول المقبل

اندريا تورنيللي- مدينة الفاتيكان :

ترجمة سامح المدانات - كاليفورنيا

في الثالث عشر من تشرين الأول (اكتوبر) سيقوم قداسة البابا فرنسيس بتكريس العالم كله الى العذراء مريم، وذلك كجزء من مبادرة سنة الايمان. وليس هذا إلَّا استمرارا للعمل الذي قام به اسلافه من البابوات السابقين، منذ البابا بيوس الثاني عشر الى يوحنا بولس الثاني، وهي ايضا اظهار لحُبِّ البابا فرنسيس العميق للعذراء مريم.

سيصل التثمال الاصلي لسيدة فاطمة (البرتغال)، مع احدى الرصاصات التي اصابت قداسة البابا الراحل الطوباوي يوحنا بولس الثاني (يوم محاولة اغتياله في 13 من ايار (مايو) من عام 1981، والتي تم وضعها في التاج الذي يعلو رأس تمثال مريم العذراء، سيدة فاطمة، سيصل التمثال الى ساحة القديس بطرس في روما بعد ظهيرة يوم السبت الموافق 12 تشرين الاول (اكتوبر)، وسيكون قداسة البابا فرنسيس هناك لاستقباله. وهذه هي المرة العاشرة فقط في اقل من قرن من الزمان بقليل التي يترك فيها هذا التمثال المريمي كنيسة الظهور في مدينة فاطمة – البرتغال. وفي المساء سينُقل التمثال الى كنيسة سيدة المحبة الإلهية في روما، حيث ستُقام هناك صلاة مسائية.

وفي صبيحة يوم الاحد الموافق 13 تشرين الاول (اكتوبر) سيعود التمثال الى ساحة القديس بطرس في الفاتيكان حيث سيقوم قداسة البابا بالاحتفال بالقداس الالهي بعد تلاوة المسبحة الوردية وسيقوم بتكريس العالم لقلب مريم الطاهر.

وكان اول تكريس قد تم خلال حبرية البابا بيوس الثاني عشر، في الحادي والثلاثين من تشرين الاول (اكتوبر) من عام 1942، اثناء الحرب العالمية الثانية، فقد قام قداسة البابا بيوس الثاني عشر بتكريس العالم لقلب مريم الطاهر عبر الاذاعة على الاثير مباشرة باللغة البرتغالية، ذاكرا بشكل خاص روسيا، حسب التعليمات التي تسلمها الرعاة الثلاثة (الاطفال) خلال ظهور العذراء لهم في فاطمة. اما التكريس الآخر فقد تم من قِبل قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني وذلك في الخامس والعشرين من شهر آذار (مارس) من عام 1984، حين كانت الامور متوترة بشكل عالٍ بسبب ازمة الصواريخ الاوروبية آنذاك.

وقد أُحضِر التمثالُ الاصلي الى الفاتيكان في الثامن من تشرين الاول (اكتوبر) من عام 2000، حين كَّرس البابا لراحل يوحنا بولس الثاني الألفية الثانية الى مريم العذراء بحضور 1500 اسقف من سائر انحاء العالم. ولم يفهم احدٌ كلماته التي تلفظ بها آنذاك - قبل احدى عشىر شهرا من هجوم الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)- حين قال: "إنَّ العالم يقفُ الآن على مفرق طرقٍ، فإمَّا أن يُحوِّلَ نفسه الى حدائقٍ خضراء، او الى أكوامٍ من الانقاض".

وقد ذكر قداسة البابا فرنسيس تمثال سيدة فاطمة في "صلاة االتبشير الملائكي" الأولى له (الصلاة التي يتلوها كل يوم أحد الساعة 12 ظهرا من شباك شقته المُطلة على ساحة القديس بطرس في الفاتيكان) وذلك يوم الاحد الموافق 17 اذار (مارس)، فقد قال مشيرا الى إحدى النسخ التي عُملت عن التمثال الاصلي وكانت تجوب العالم: "اني أذكر، عندما كنتُ قد اصبحت للتو اسقفا في عام 1992، حين وصل تمثال سيدة فاطمة الى بوينوس ايريس، وأقيم احتفال كبير بالذبيحة الالهية عن نية المرضى. وقد ذهبتُ للإستماع الى الاعترافات".

ويروى قصة عن سيدة طاعنة في السن جاءته في كرسي الاعتراف وفاجأته ببساطة ايمانها قائلة: "لو لم يكن الله يغفر كل شيء، لزال العالم من الوجود". وبعد مُضي شهر، اعلن الكاردينال "خوزيه بوليكاربو" والذي كان في السابق بطريرك مدينة ليشبونة ان البابا فرنسيس طلب منه ان يكرسَ حبريته الى مريم العذراء سيدة فاطمة، قائلا: "لقد طلب مني البابا فرنسيس مرتين اذا كان بامكاني ان اكرس حبريته الجديدة الى سيدة فاطمة".

وقد وافق الكاردينال بوليكاربو وتم التكريس في الثالث عشر من ايار (مايو) الماضي.

"ايتها العذراء الكلية القداسة، ها نحن عند قدميك لنقوم بتنفيذ الطلب الذي تقدم به بكل وضوح البابا فرنسيس، بان يكرِّس لك رسالته كأسقفِ روما وراعيَ للعالم باسره"، هذه هي الكلمات التي تلفظ بها الكاردينال بوليكاربو في الذكرى التاسعة والستين لظهورات العذراء مريم للرعاة الاطفال الثلاثة.

وقد اظهر قداسة البابا فرنسيس بكل وضوح حبه وتكريمة لعذراء مريم سيدة فاطمة، حيث قام بزيارة كاثدرائية مريم العذراء والصلاة فيها خمس مرات. وكانت اول زيارة له يوم 14 اذار (مارس) مباشرة بعد انتخابه حبرا اعظم. ووضع باقة من الورود اما ايقونة للعذراء مريم تُعرف باسم:" مخلصة الشعب الروماني"، وطلب من العذراء مريم ان تحمي مدينة روما.

وعاد قداسة البابا هناك مرة ثانية يوم الرابع من ايار (مايو) لتلاوة المسبحة الوردية وكررها في عيد القربان الاقدس بعد الدورة التي سار فيها الى الكاثدرائية. كما عاد للصلاة امام ايقونة: "مخلصة الشعب الروماني"

قبل ان يغادر في رحلته الي ريو، وذلك ليستودع "اليوم العالمي للشبيبة" الى عناية مريم العذراء. ثم عاد لزيارة الكاثدرائية مرة اخرى حال هبوطه في مطار شامبينو في 29 تموز( يوليو) المنصرم قبل ان يعود الى الفاتيكان، للصلاة وشكر مريم العذراء.

ومن احبِّ رياضات تكريم مريم العذراء لدى البابا فرنسيس هي تلك المخصصة لسيدتنا مريم العذراء "حلَّالَة العُقد"((Maria Knotenlöserin),)وهي صلاة تكريم للعذراء ساعد البابا على نشرها في الارجنتين قبل ان يصبح الحبر الاعظم. وهي مستوحاة أصلا من صورة من بافاريا تعود الى القرن الثامن عشر، وتوجد حاليا في كنيسة القديس "بيتر آم بيرلاخ" في مدينة اوسبيرج في المانيا.

وكان الاب بيرجوليو (قبل ان يصبح البابا) قد اكتشف صلاة التكريم هذه خلال احدى سفراته الدراسية التي قام بها، وبدأ في نشرها في الارجنتين. وعندما عُيِّنَ رئيس اساقفة بوينوس ايريس، خصص مزارا خاصا "لمريم العذراء حلَّالَة العُقد " في العاصمة، وأمر بطباعة صلاة على ظهر صورة لمريم العذراء وكان يرفقها مع كل رسالة تخرج من مكتبه. وتقول بعض كلمات الصلاة: "لم يتمكن الشيطان ابدا من الايقاع بكِ في حباله الشريرة والمُضلة... ونطلب شفاعتك وشفاعة ابنك، لتساعدينا خلال الصعوبات التي نواجهها في حياتنا، وقد قدَّمْتِ لنا بكل بساطة وصبر، مثالا عن كيفية التخلص من الصعوبات والمعوقات التني نواجهها في حياتنا".