موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٨ يناير / كانون الثاني ٢٠١٤
البابا فرنسيس يزيد من زخم ثورته "الشعبية" ويفرض أسلوبه

الفاتيكان - أ ف ب :

يعزز البابا فرنسيس الذي يستمد قوته من شعبيته المتنامية في الكنيسة، ثورته "الشعبية"، فعين كرادلة من أساقفة كانوا مستبعدين عن السلطة المركزية، مهاجماً كل المظاهر الدنيوية.

ومنذ بداية السنة، اتخذ البابا عدداً من التدابير وأصدر تعليمات تثبت أنه بات واثقاً من نفسه ولا يخشى قول معارضيه أن أسلوبه المباشر يثير الازعاج في الفاتيكان.

وأعلن البابا عن تعيين أوائل الكرادلة في حبريته، فاختار أساقفة من أبرشيات غير معروفة، أتوا مما يرغب في تسميته "الضواحي". وهم رجال يعايشون هموم الناس، ومعروفون بأنهم رعاة حقيقيون وليسوا محسوبين على الإدارة الفاتيكانية. وتقول مصادر قريبة من الفاتيكان أن عدداً من الاساقفة لم يعربوا عن استيائهم لأنهم استبعدوا عن منحهم رتبة الكاردينالية.

وتنطوي على رمزية كبيرة التوجيهات التي أعطيت إلى هؤلاء الكرادلة الجدد: لا مظاهر دنيوية للاحتفال باختياركم إلى رتبة الكاردينالية.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أكد الخبير الفاتيكاني أندريا تورنيلي الذي يعرف شخصياً البابا فرنسيس وأجرى معه مقابلة لصحيفة لا ستامبا أن "هذا الاختيار يثبت بوضوح ومن دون التسبب في ثورات، معياراً مهماً. فكل خطب هذا البابا وتعاليمه تشدد على كنيسة مع رجال دين لا يعتبرون أنفسهم "طائفة" لا علاقة لها بالناس، لكنها تعيش في الشعب ومع الشعب وبالشعب".

ويؤكد الكاهن اليسوعي الهندي جوزف كزافييه أن البابا فرنسيس "يفضل كنيسة متحركة كشعب الله، شعب نشط وليس سلبياً".

ويريد البابا الأرجنتيني أن ينقذ رجال الدين من خطر ما يسميه "الضمير المنعزل".

ويتابع من جهة أخرى تدابيره التي تستهدف المظاهر الدنيوية والامتيازات. فألقاب "مونسنيور" قد باتت محدودة، وأقرت لتوها لائحة بالتعرفات للحد من نفقات احتفالات التطويب والتشجيع على تقديم قضايا المرشحين الفقراء لبلوغ مراتب القداسة.

ويدعو البابا فرنسيس رجال الدين الى ألا يتقيدوا "بحرفية القوانين". ولإقران القول بالفعل، عمد في كنيسة السيستين طفلاً من ابوين غير متزوجين، وآخر كانت والدته التي طلبت رأيه في رسالة، تنوي إجهاضه.

وفي عظاته اليومية بمقر إقامته في دير القديسة مرتا، حدد البابا فرنسيس في صيغ غير مألوفة كل ما لا يريده في الكنيسة. فقد انتقد "إيمان الببغاوات" و"الكهنة الطائشين الذين تتسم تصرفاتهم بالغرور" و"الكهنة المتملقين المعجبين بذواتهم".

ويبدي موقفاً حازماً من بعض المسائل البالغة الأهمية، حتى أنه يجري عكس التيار. فهو يعرب عن "الرعب" الذي يثيره الاجهاض في أعماق نفسه.

ويصف استعباد الناس بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وينتقد "العار" الناجم عن فضائح التحرش بالأطفال التي جعلت من الكنيسة موضوع "سخرية".

وهذه الأقوال التي لا تخرج عن مسار العقيدة، وتضع الشهادة قبل القاعدة، والأصالة قبل واجب الاحترام، تحمل قسماً من الكنيسة المؤسسية على الشعور بالقلق. فمنتقدوه يصفونه بـ"الغوغائية" ويأخذون عليه بث شكوك في العقائد وحمل المؤمنين على التراخي.

ورد اندريا تورنيلي "لا نحتاج إلى إيضاح أي شيء. فالناس والمؤمنون العاديون يدركون ويجدون في البابا شاهداً يصدقونه ويعيش ما يبشر به وينشر الإنجيل بالأفعال أكثر مما ينشره بالأقوال".

ويقول المراقبون أن وضع قيم الاخوة والعدالة الاجتماعية على قدم المساواة مع الدفاع عن الحياة والأخلاق الجنسية يعتبر تطوراً ملحوظاً في الكنيسة.

وتتحقق الثورة بطريقة سلسة عبر الاقالات والتعيينات. فقد جدد البابا لجنة الإشراف على مؤسسة الاعمال الدينية (بنك الفاتيكان) التي عينها بندكتس السادس عشر لمدة خمس سنوات مطلع 2012. واستبعد من المناصب الأساسية الكاردينالين الايطالي ماورو بياتشينسا والأميركي رايموند بورك اللذين كانا حتى الفترة الاخيرة واسعي النفوذ. فهو يريد أن يكون حر التصرف قبل الاجتماعات الحاسمة في شباط لمستشاريه الثمانية الكبار والمجلس الكنسي.