موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٩ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٦
البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي بمناسبة الاحتفال باليوبيل المريمي

الفاتيكان – إذاعة الفاتيكان :

ترأس البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال باليوبيل المريمي وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها يدعونا إنجيل هذا الأحد لنتعرّف بدهشة وامتنان على عطايا الله. على الدرب التي تقوده إلى الموت والقيامة، التقى يسوع بعشرة برص جاؤوا إلى لقائه فَوَقَفوا عَن بُعد، وَرَفَعوا أَصواتَهُم وَقالوا لذلك الرجل الذي رأى فيه إيمانهم مخلّصًا: "رُحماكَ يا يَسوع، أَيُّها ٱلمُعَلِّم!" (الآية ١٣). هم مرضى ويبحثون عن شخص يشفيهم. وإذ أجابهم يسوع قال لهم بأن يذهبوا ويروا أنفسهم للكهنة الذين، وبحسب الشريعة، كان لديهم المهمّة بأن يتأكدوا من كل شفاء يتمّ. بهذه الطريقة لا يَعِدَهم وحسب بل يمتحن إيمانهم أيضًا. وفي الواقع لم يشفوا في تلك اللحظة وإنما استعادوا عافيتهم خلال مسيرتهم بعد أن أطاعوا كلمة يسوع. وإذ كانوا يفيضون بالفرح أروا أنفسهم للكهنة وتابعوا مسيرتهم ونسوا المُعطي أي الآب الذي شفاهم بواسطة يسوع ابنه الذي صار إنسانًا.

تابع الأب الأقدس يقول واحد فقط شكّل استثناء: سامري وغريب يعيش على هامش الشعب المختار وهو ووثني! هذا الرجل لم يكتفِ بأنه نال الشفاء من خلال إيمانه ولكنه جعل هذا الشفاء يبلغ ملؤه بعودته إلى يسوع وتعبيره عن امتنانه للعطية التي نالها معترفًا بأن يسوع هو الكاهن الحقيقي الذي وبعد أن رفعه وخلصه يمكنه أن يضعه في مسيرة ويقبله بين تلاميذه.

أضاف الحبر الأعظم يقول كم هو مهم أن نعرف كيف نشكر وكيف نسبّح على ما يصنعه الرب لنا. ولذلك يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل نحن قادرين على قول كلمة شكرًا؟ كم مرة نشكر بعضنا البعض في العائلة أو في الجماعة أو في الكنيسة؟ كم من مرة نشكر من يساعدنا ومن يكون قريب منا ومن يرافقنا في الحياة؟ غالبًا ما نعتبر أن كل شيء هو واجب! وهذا الأمر يحصل أيضًا مع الله. من السهل علينا أن نذهب إلى الرب لنطلب منه ولكن ليس من السهل علينا أن نعود لنشكره... لذلك يشدّد يسوع بقوة على غياب البرص التسعة الناكرين للجميل: "أَلَيسَ ٱلعَشَرَةُ قَد بَرِئوا؟ فَأَينَ ٱلتِّسعَة؟ أَما كانَ فيهِم مَن يَرجِعُ وَيُمَجِّدُ ٱللهَ سِوى هَذا ٱلغَريب؟" (لوقا ١٧، ١٧- ١٨).

تابع البابا فرنسيس يقول يُقدَّم لنا في هذا اليوم اليوبيلي مثالاً، لا بل المثال الذي ينبغي علينا أن ننظر إليه: مريم أمّنا. هي التي وبعد أن نالت بشارة الملاك تركت نشيد التسبيح والشكران لله ينبثق من قلبها: "تعظّم نفسي الرب...". لنطلب من العذراء أن تساعدنا كي نفهم أن كل شيء هو عطيّة من الله ونعرف كيف نشكره ليصبح فرحنا كاملاً.

أضاف الأب الأقدس يقول كي نعرف كيف نشكر نحن بحاجة أيضًا للتواضع. لقد أصغينا في القراءة الأولى إلى القصة الفريدة لنعمان، قائدُ جيشِ مَلِكِ آرامَ. مصاب بالبرص ولكي يشفى قَبِل اقتراح خادمة فقيرة وأوكل بنفسه إلى عناية النبي أليشاع الذي هو عدوه. لقد كان نعمان مستعدًا ليذل نفسه ولكن أليشاع لم يطلب منه شيئًا بل أمره أن ينغمس في نهر الأردن. لقد ترك هذا الطلب نعمان حائرًا لا بل مُغتاظًا أيضًا: هل يُعقل لإله حقيقي أن يطلب أمورًا سخيفة بهذا الشكل؟ وأراد أن يعود أدراجه ولكنه بعدها قبل أن ينغمس في الأردن وشُفي على الفور.

تابع الحبر الأعظم يقول إن قلب مريم، أكثر من أي قلب آخر، هو قلب متواضع قادر على قبول عطايا الله. والله لكي يصبح إنسانًا، اختارها هي، فتاة بسيطة من الناصرة لم تكن تقيم في قصور السلطة والغنى ولم تقم بأي انجازات عجيبة. لنسأل أنفسنا إن كنا مستعدين لقبول عطايا الله، أم أننا نفضّل أن ننغلق في الضمانات المادية والفكرية أو في ضمانات مشاريعنا.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول إنه لأمر بالغ الأهمية بأن يكون نعمان والسامري شخصين غريبين. كم من الغرباء أيضًا أو أشخاص من ديانات أخرى يعطوننا مثال قيم قد نسيناها أحيانًا أو أهملناها. إن الذي يعيش بقربنا، مُحتقَر ربما أو حتى مُهمَّش لأنّه غريب، يمكنه أن يعلّمنا المسيرة على الدرب التي يريدها الرب. إن أمَّ الله أيضًا برفقة خطّيبها يوسف قد اختبرت البعد عن أرضها، ولفترة طويلة كانت غريبة في مصر بعيدة عن الأهل والأصدقاء، لكنّ وبالرغم من هذا عرف إيمانها كيف يتغلّب على الصعوبات. لنتمسّك بإيمان القديسة مريم والدة الله البسيط هذا ولنطلب منها أن نعرف كيف نعود دائمًا إلى يسوع لنشكره على عطايا رحمته الكثيرة.