موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٩ مارس / آذار ٢٠١٣
البابا فرنسيس يترأس الذبيحة الإلهية مفتتحاً حبريته
الفاتيكان - إذاعة الفاتيكان :

ترأس قداسة البابا فرنسيس في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم الثلاثاء في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان قداسا احتفاليا افتتح فيه حبريته بعد انتخابه حبرا أعظم خلفا لبندكتس السادس عشر يوم الأربعاء الماضي.

وقد تم الاحتفال بالذبيحة الإلهية في عيد القديس يوسف، شفيع الكنيسة الجامعة، بحضور وفود رسمية من مختلف البلدان ضمت عددا من رؤساء الدول والحكومات بالإضافة إلى السفراء والدبلوماسيين ورجال الدين المسيحيين وغير المسيحيين، وقد غصت الساحة الفاتيكانية وشارع المصالحة بأكثر من مائة وخمسين ألف مؤمن، وفقا لتقديرات مدير دار الصحافة الفاتيكانية الأب فدريكو لومباردي، قدموا من إيطاليا ومختلف أنحاء العالم للمشاركة في هذا المناسبة السعيدة. وقبل بداية الاحتفال المهيب تسلم قداسة البابا من الكاردينال الشماس الأول جان لوي توران درع التثبيت، قبل أن ينال من يد عميد مجمع الكرادلة الكاردينال أنجيلو سودانو خاتم البابوية.

تخللت القداس الإلهي عظة لقداسة البابا فرنسيس قال فيها: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء. أشكر الله على فرصة الاحتفال بهذا القداس الإلهي في بداية خدمتي البطرسية، في يوم عيد القديس يوسف، زوج العذراء مريم، وشفيع الكنيسة الجامعة: إنها صدفة غنية جدا بالمعاني، خصوصا وأن سلفي المكرم يحمل اسم يوسف: إننا قريبون منه بواسطة الصلاة المفعمة بالمودة وعرفان الجميل. بعدها حيا البابا جميع الكرادلة والأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والمؤمنين كما شكر ممثلي الكنائس والجماعات الكنسية الأخرى وباقي الأديان على حضورهم، خاصا بالذكر الجالية اليهودية. كما حيا البابا أيضا رؤساء الدول والحكومات، والوفود الرسمية القادمة من مختلف أنحاء العالم بالإضافة إلى أعضاء السلك الدبلوماسي.

تابع الأب الأقدس عظته يقول: لقد أصغينا إلى الإنجيل الذي أكد أن "يوسف فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته" (متى 1،24). تتضمن هذه الكلمات الرسالة التي أوكلها الله إلى القديس يوسف، ألا وهي أن يكون حافظا. حافظا لمن؟ لمريم ويسوع، لكن هذه المهمة تمتد لتشمل أيضا الكنيسة الجامعة كما أكد الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني. بعدها تساءل البابا: كيف يمارس القديس يوسف هذه المهمة؟ لقد قام بها بتحفظ ووداعة وصمت لكن من خلال حضور دائم ومستمر وأمانة تامة، حتى عندما لم يفهم بعض الأمور. لقد وقف إلى جانب مريم في كل مراحل الحياة، رافقها في الرحلة إلى بيت لحم وفي ساعات الولادة، خلال الهرب إلى مصر، والبحث عن الابن في الهيكل. ثم رافقها في الحياة اليومية البيتية في الناصرة وفي مشغله حيث علم مهنته ليسوع. مضى الحبر الأعظم متسائلا: كيف يعيش يوسف دعوته كحافظ لمريم وليسوع والكنيسة؟ من خلال التنبه المستمر حيال الله، والانفتاح على علاماته، والرضوخ لمخططه. هذا ما طلبه الله من داود، كما استمعنا في القراءة الأولى: الله لا يريد بيتا يبنيه الإنسان، بل يريد الأمانة لكلمته، لمخططه؛ والله نفسه يبني البيت مستخدما حجارة حية مطبوعة بروحه. عرف القديس يوسف كيف يصغي إلى الله، وكيف يعمل بمشيئته، ولهذا السبب ينظر بشعور مرهف إلى الأشخاص الموكلين إلى رعايته، يتبنه لكل ما يحيط به، ويعرف كيف يتخذ الخيارات الحكيمة.

تابع البابا يقول: في القديس يوسف، أيها الأصدقاء الأعزاء، نرى كيف يُستجاب إلى دعوة الله من خلال الاستعداد التام، ونرى أيضا أين يوجد مركز الدعوة المسيحية: المسيح! فلنحفظ المسيح في حياتنا، لنحفظ الآخرين ولنحفظ الخلق! وأكد الأب الأقدس أن هذه الدعوة تنطبق أيضا على العائلات والأزواج والبنين مشيرا إلى أن غياب الاعتناء بالآخرين وبالخلق يترك فسحة أمام الدمار وتصلّب قلب الإنسان. تابع البابا قائلا: أود أن أطلب إلى كل من يشغلون مناصب مسؤولة في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وإلى جميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة أن يتذكروا أن علينا أن نحفظ الخلق، ومخطط الله المكتوب في الطبيعة، علينا أن نحفظ الآخر والبيئة. دعونا لا نترك علامات الدمار والموت ترافق مسيرة عالمنا هذا! ولنتذكر أن الحقد والحسد والغرور أمور تشوه الحياة. يجب ألا نخاف من الطيبة والرقة! إن عمل الاعتناء بالآخر ـ مضى الحبر الأعظم إلى القول ـ يتطلب طيبة. في الأناجيل يظهر القديس يوسف بمظهر الرجل القوي والشجاع والعامل، لكنه يتميز أيضا بالرقة والحنان، وهذا ما يمكّنه من الانفتاح على الآخر ومحبة الآخر.

تابع البابا قائلا: اليوم، وفي عيد القديس يوسف، نحتفل معا ببداية خدمة أسقف روما الجديد، خليفة بطرس، الذي يمارس أيضا السلطة. لقد منح يسوع المسيح القديس بطرس السلطة. لكن ما هي هذه السلطة؟ بعد أن طرح المسيح على بطرس ثلاثة أسئلة (حول ما إذا كان يحبه) وجه له الدعوة التالية ثلاث مرات: ارع خرافي، ارع حملاني. دعونا لا ننسى أبدا أن السلطة الحقيقية هي الخدمة، وعلى البابا أيضا أن يدخل في منطق الخدمة إذا أراد أن يمارس هذه السلطة، هذه الخدمة ذروتها الصليب. على البابا أن ينظر إلى الخدمة المتواضعة والمفعمة بالإيمان التي أداها القديس يوسف، ويتعين عليه أن يفتح ذراعيه ليحفظ شعب الله كله، ويقبل بعطف وحنان البشرية كلها، لاسيما الأشخاص الأشد فقرا وضعفا! في ختام عظته ذكّر البابا فرنسيس بأنه اليوم وإزاء السماء الملبدة بالغيوم، نحتاج لرؤية نور الرجاء، وأن نمنح أنفسنا الرجاء. وهذا الرجاء الذي نحمله نحن كمسيحيين، على غرار إبراهيم والقديس يوسف، ينفتح أفقه على الله، الذي انفتح علينا بواسطة المسيح، وهذا الرجاء يرتكز على صخرة وهذه الصخرة هي الله.

ختاما قال قداسته أطلب شفاعة العذراء مريم والقديس يوسف، والقديسين بطرس وبولس والقديس فرنسيس كي يرافق الروح القدس خدمتي، وأقول لكم جميعا صلوا من أجلي! آمين.