موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٦ مايو / أيار ٢٠١٨
البابا فرنسيس: معادلة الإرهاب بالإسلام.. ’كذبة تتسم بالحماقة‘

بقلم: أندريا تورنيلي ، ترجمة: منير بيوك :

"قد يكون هذا الأمر على شفاه كثيرين، لكن هذه المعادلة هي كذبة تتسم بالحماقة"، هكذا أوضح البابا فرنسيس المعادلة التي يقرنها الكثيرون بين المسلمين والإرهابيين. قال ذلك في مقابلة مطولة مع مدير صحيفة "إيكو أوف بيرغامو"، جرى نشرها في الرابع والعشرين من أيار 2018، بمناسبة حج ذخائر البابا يوحنا الثالث والعشرين إلى منطقة برغامو الإيطالية. كما شدد برغوليو بأن أهم دور للأديان هو "تعزيز ثقافة اللقاء، إلى جانب تعزيز التعليم الحقيقي في السلوك المسؤول عن العناية بالخليقة".

استذكر فرنسيس "البابا الطيب" الذي أعلن قداسته، ووصفه بأنه "رجل وقديس" لا يعرف كلمة "عدو". وأضاف أنه كان "مدركًا أن الكنيسة مدعوّة إلى خدمة الإنسان، لا الكاثوليك وحسب، إضافة إلى الدفاع أولا وقبل كل شيء عن حقوق الإنسان بحيث لا يقتصر فقط على حقوق الكنيسة الكاثوليكية، ووعيه بأنه يجب على البابا أن يبني الجسور".

في المقابلة، تحدث البابا مرة أخرى عن الهجرة. لا يمكن "للترحيب الحقيقي الذي يكلف التضحيات أن يكون فاترًا. إن الوضع الدولي معقد، كما نعرف، ولكنني على أية حال مقتنع بأن الجدران ترتفع بتأثير الخوف، بغرض عدم رؤية معاناة إخواننا وأخواتنا التي قد تسبب الإزعاج. إنها الجدار التي يرتفع لحماية ما ينبغي أن يكون مشتركًا".

وأضاف الحبر الأعظم: "إن رفع جدار ما يغلق قلب المرء ويقفله مثل القبر. هذا ليس بخصوص الكرم أو التضامن، هناك الكثير من العمل الواجب القيام به. نحن بحاجة إلى إنشاء ثقافة جديدة، وعقلية جديدة، وتعليم الأجيال الجديدة على التفكير، والتفكير بأنفسهم كأسرة بشرية واحدة، مجتمع يخلو من الحدود".

كما أجاب فرنسيس عن أسئلة حول العمل والبطالة، موضحًا أن "ثقافة العمل الحقيقية لا تعني فقط معرفة كيفية الإنتاج، بل تتعلق بنماذج الاستهلاك المستدام. فهل نقايض العمل بالاستهلاك؟". وأوضح: "بهذه الطريقة، فإننا مع العمل سنقايض جميع الكلمات المرادفة وهي الكرامة، والاحترام، والشرف، والحرية".

وفقًا لبرغوليو فإن "البطالة بين الشباب هي بالواقع خطيئة اجتماعية، والمجتمع هو المسؤول عن ذلك. الكنيسة تفعل ما بوسعها. "بالتأكيد هناك إمكانية لعمل المزيد لأن المجتمع، كما هو الحال بالكنيسة يحتاج إلى الشباب"، ولهذا السبب تقرر عقد سينودس للشباب، وهو ما أمله البابا، "من أنه يجب أن يكون تمرينًا عظيمًا للاستماع الكنسي: الاستماع إلى قصص الشباب. لنفهم أيضًا كيف نجدد أنفسنا ككنيسة في أن نكون قريبين منهم دون التظاهر بأنه لم يتغير شيء منذ أجيال وأجيال".

وعلى المستوى العالمي، أضاف الحبر الأعظم: "أنا قلق بشأن الاختلالات التي ترتبط دائمًا بالاستغلال المتهور للموارد البشرية والطبيعية. إلا أن المهمة الحقيقية للكنيسة لا تتمثل في تغيير الحكومات، بل بإضفاء منطق الإنجيل على تفكير أولئك الذين يحكمون وعلى أعمالهم. "إنها كلمات لفهم موقف الكرسي الرسولي تجاه الحكومات في العالم.

إنها كلمات قيلت في حوار مع الكاردينال جيم أورتيغا ألامينو، الذي كان في حينه رئيس أساقفة هافانا في كوبا. جرت المحادثه قبل بضعة أشهر من استقالة البابا راتزينغر، الذي أوضح إلى الكاردينال الكوبي الطريق إلى الحوار، واصفًا إياها "بالطريق الوحيد". وأضاف: "إن الكنيسة ليست موجودة في العالم لتغيير الحكومات، ولكن لتحوّل من خلال الإنجيل قلوب الناس، وسوف يغير هؤلاء الناس العالم وفقا لما تقره العناية الإلهية".

وحول موضوع السلام، أوضح فرنسيس أنه "لا ينبغي ربطه بغياب الحرب، بل بالتنمية المتكاملة للأفراد والشعوب. يجب أن يتم فهمه على أنه التزام المجموعات الاجتماعية والدول بالعيش في علاقات عدالة وتضامن لا يمكن أن تكون مجرد كلمات". إنها، في جوهرها، رسالة يوحنا الثالث والعشرين "السلام على الأرض" (Pacem in terris)، وأنه "لا يوجد تناغم، ولا نظام حقيقي إذا لم نعمل من أجل مجتمع أكثر عدلاً وأكثر اتحادًا. وهذا ما يتطلب من الجميع التغلب على جميع أشكال الأنانية، والفردية، والمصالح الجماعيه على جميع المستويات".

ولم تفتقر المقابلة عن إجابات مخصصة للأخبار المزيفة وعلى التزام الصحفيين بالدفاع عن الحقيقة. "الأمر متروك دائمًا للأشخاص ولمسؤولياتهم الحرة الذين يستطيعون تحويل الكلمات، والتواصل، وإلى تفاهم أو مواجهة أو معارضة، أو حرب بين الأشقاء. ويحدث أن أولئك الذين يستسلمون إلى كبريائهم وأنانيتهم يستطيعون أن يشوهوا أيضًا استخدام قدراتهم على التواصل، أو خداع القارئ، أو التلاعب به بطريقة خادعة وغير منطقية"، هذا ما قاله البابا فرنسيس نقلاً عن رسالته بمناسبة اليوم العالمي لوسائل للاتصالات الاجتماعية.

يستطيع ذلك أن يسبب "بربرية المجتمع". ويضيف البابا أيضًا أنه "حتى في الكنيسة، عندما لا نعيش منطق الشراكة إنما منطق المؤسسة، فإنه قد يحدث أننا نتبع استراتيجيات حقيقية للحرب ضد الغير للحصول على السلطة، التي يتم التعبير عنها أحيانًا من الناحية الاقتصادية، وأحيانًا من حيث الأدوار. لهذا السبب فإن الناس،وليس الاستراتيجيات هي الترياق للأكاذيب. إنني أتحدث عن أشخاص مستعدين للاستماع، مستعدين للنضال للوصول إلى الفهم والحوار، وليس لديهم انقسام أو استياء في قلوبهم، كما يعرفون كيف يستخدمون الإعلام بطريقة مسؤولة وقادرة على تحقيق رؤى عظيمة".

كما قال: "إنني أدرك أن الأمر ليس سهلاً لأن هناك دائمًا أولئك الذين ينظرون إلى الوراء بدلاً من النظر للأمام، مثل رعاة الكنائس الذين يخافون من مواجهة التحديات الجديدة التي تواجه الكنيسة، وأولئك الذين أطلق عليهم البابا يوحنا ’أنبياء الموت‘".

وعندما سئل البابا أخيرًا عن مستقبل المسيحية في الغرب، اعترف بأنه هناك "أسباب كثيرة تدعو للقلق"، من أسباب تدعو للأمل"، وأن "التعريف المطلق للمسيحية بالثقافة الغربية لم يعد منطقيًا. إن ما يسمى بحالة ما بعد الحداثة، وهي المرحلة الأخيرة أو شبه النهائية من الرحلة الغربية، تعيد إلى الذاكرة قليلاً فكرة الرحلة التي انتهت بحطام سفينة، في حين يحاول أصحاب السفينة المحطمة بناء طوافة".

واختتم البابا برغوليو قوله: "أعتقد أن المفكرين واللاهوتيين لا يخطئون حين يقولون أن المسيحية في المستقبل إما ستكون كاثوليكية بشكل واضح، أو عالمية، أو كنسية بالكامل، أو أنها تحترم ثقافات إفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، أو أنها تخاطر بعدم ارتبطها فيما يتعلق برسالة الإنجيل وخلاص العالم. أعتقد أنهم لا يخطئون عندما يقولون أنه يجب أن يكون هناك المزيد من الأولوية للأعمال الخيرية، أو الالتزام بالعدالة، أو بالسلام، أو أنه لن يكون هناك أي شيء".