موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٦
البابا فرنسيس: العنف ليس السبيل لحل الصراع

بقلم: جاكومو سكاراموتزي ، ترجمة: منير بيوك :

"يجب أن يتم نبذ العنف كوسيلة للتعامل مع النزاعات ولتسويتها بدلاً من الضرورة اللجوء إلى الحوار والمفاوضات." هذا ما قاله البابا في كلمته التي ألقاها أمام السفراء الجدد المعتمدين لدى الكرسي الرسولي من بوروندي، وفيجي، وموريشيوس، ومولدافيا، والسويد، وتونس عند تقديم أوراق اعتمادهم.

وكرر البابا ما قاله في رسالته ليوم السلام العالمي، الواقع في الأول من كانون الثاني، المخصصة حول "نبذ العنف"، وإلى حث الدول على إتباع طريق السلام. إنه ليس السلام الذي يتم الإعلان عنه بالكلمات، ولكنه ذلك السلام الذي ينفي بالواقع اتباع استراتيجيات الهيمنة التي تدعمها النفقات الفاضحة على الأسلحة، في وقت يفتقر الكثير من الناس لضروريات الحياة".

وأكد البابا قائلاً: "لقد جئتم من مناطق بعيدة ومختلفة جدًا من العالم. يوجد دائما هنا في روما مصدر للإرتياح، لأن أفق الكرسي الرسولي هو عالمي في جوهره، حيث يعود ذلك إلى دعوته التي كلفها الله لخليفة الرسول بطرس وإلى رسالته. فهي مهمة دينية في الأساس، ولكن في مسار التاريخ تطورت أيضًا إلى علاقات مع دول ومع رعايا تلك الدول. فالكنيسة الكاثوليكية، التي يقع مركز وحدتها وتوجهها، كما كانت دائمًا، في الكرسي الرسولي، مدعوة إلى الشهادة إلى تلك القيم الروحية والأخلاقية القائمة في طبيعة البشر والمجتمع وإلى نشرها. فعلى هذا النحو، تكون مشتركة مع جميع الأطراف الملتزمة بالسعي لتحقيق الصالح العام".

"فما هو بارز، من بين كل هذه القيم، هو السلام. وكما رأينا في حقيقة الأمر أن البابوات على مدى خمسين عامًا ولحتى هذا اليوم، اليوم الأول من كانون الثاني، للسلام، حيث يقومون بتوجيه رسالة خاصة إلى السلطات المدنية والدينية في العالم، وإلى جميع الرجال والنساء ذوي النوايا الحسنة. كما أن عنوان الرسالة بمناسبة اليوم العالمي للسلام القادم، التي نشرت قبل ثلاثة أيام فقط، هو "اللاعنف: أسلوب سياسي من أجل السلام".

وقال البابا أن اللاعنف "هو مثال نموذجي لقيمة عالمية تتحقق في إنجيل المسيح، كما تشكل جزءًا من تقاليد روحية أخرى نبيلة وقديمة. وفي عالم مثل عالمنا، تتميز للأسف بحروب وصراعات عديدة، ناهيك عن انتشار العنف الواضح في طرق مختلفة من الحياة اليومية. فاختيار اللاعنف كأسلوب للحياة مطلوب على نحو متزايد في ممارسة المسؤولية في كل مستوى يبدأ من التربية الأسرية، إلى الالتزام الاجتماعي والمدني، إضافة إلى النشاط السياسي والعلاقات الدولية".

وأكد البابا فرنسيس أنه "في كل حالة، يعني ذلك نبذ العنف كوسيلة للتعامل مع النزاعات ولتسويتها بدلاً من اللجوء إلى الحوار والمفاوضات. بطريقة معينة، إن أولئك الذين يشغلون وظائف عامة على الصعيدين الوطني والدولي مدعوون لتطوير أسلوب اللاعنف في ضمائرهم وفي ممارسة واجباتهم. وذلك ليس ضعفًا أو سلبية نفسهما، وإنما يشمل الحزم، والشجاعة، والقدرة على مواجهة القضايا والنزاعات بأمانة فكرية، تسعى حقًا إلى تحقيق الصالح العام فوق كل المصالح الحزبية، سواء كانت عقائدية، أو اقتصادية، أو سياسية".

وأكمل البابا حديثه بالقول: "شابت القرن الماضي الحروب والإبادة الجماعية بنسب لم نسمع عنها من قبل. إلا أننا شهدنا، على الرغم من ذلك، أمثلة بارزة توضح كيف أن ممارسة اللاعنف باستمرار وبقناعة تستطيع أن تسفر عن نتائج ملموسة أيضًا على المستويين الاجتماعي والسياسي. وتقديرًا لجهود قادة ينبذون العنف، تمكنت بعض الشعوب -وبالتأكيد أمم برمتها- من تحقق أهداف الحرية والعدالة بصورة سلمية. هذا هو السبيل الواجب سلوكه في الحاضر والمستقبل. إنه الطريق الى السلم. فهو ليس السلام الذي يتم الإعلان عنه بالكلمات، لكنه ذلك السلام الذي ينفي بالواقع اتباع استراتيجيات الهيمنة التي تدعمها النفقات الفاضحة على الأسلحة، في وقت يفتقر الكثير من الناس لضروريات الحياة".