موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٤
البابا: إذا تكلمت عن الإسكان، الأرض والعمل، فإن البعض يظنون بأني اشتراكي

جاكوبو سكارموتسي، ترجمة: سامح مدانات :

"عندما نتعامل مع مشكلة الفقر المدقع لكثير من الناس: المزارعين، العمال المؤقتين، والمهاجرين، عُمِّال النظافة، والباعة المتجولين، فلا يجوز الاكتفاء "بالوعود الوهمية"، بل علينا أن نحارب الأسباب الهيكلية للفقر، عدم المساواة، البطالة، فقدان الارض، الإسكان، والحقوق الاجتماعية وحقوق العمل". وجه قداسة البابا فرنسيس هذه الكلمات إلى ما يزيد عن مئتي مشارك في اجتماع الحركات الشعبية في العالم، والتي بدأت يوم أمس وتُختتم غداً في روما. وقد استقبل البابا المشاركين في مدينة الفاتيكان اليوم، وتوجه إليهم بخطاب مطول وشخصي متحدثاً باللغة الإسبانية. وقد استنكر فرنسيس في خطابه "عولمة اللامبالاة" و"ثقافة التبديد والهدر" المعاصرة، تعبيران يطيبُ له أن يشير إليهما في كثير من الأحيان. وقد وعد بأن تُعّبِّرَ الرسالة البابوية حول البيئة، والتي هو بصدد كتابتها حالياً، عن هموم الحركات الشعبية، وأن تذكر الحرف الأول (T) من الكلمات الثلاث: "الأرض، الإسكان والعمل" (المعنى الأصلي في اللغة الإسبانية Tierra, Techo, Trabajo) وقد نقل كاتب المقال عن هيلدير كمارا قوله: "وقد لفت قداسة البابا فرنسيس الانتباه بقوله "إنه أمر غريب، ولكن عندما أتكلم عن هذا الأمر، فإن البعض يظنون بأن البابا اشتراكي".

واستطرد البابا قائلاً: "شكراً لتلبية الدعوة لمناقشة عدة مواضيع اجتماعية مهمة يعاني منها العالم اليوم. فأنتم لديكم الخبرة المباشرة في عدم المساواة والحرمان". "ان اجتماع الحركات الشعبية، هو علامة، بل علامة كبيرة. أتيتم لتقفوا أمام الله والكنيسة، لتتحدثوا عن الحقيقة التي غالباً ما يتم إسكاتها. لا يعاني الفقراء من الإجحاف فقط، لكنهم يحاربونه.

وقال البابا: "لا يكتفي الفقراء بالوعود الموهومة، التبريرات أو الأعذار. وهم لا ينتظرون بتقاعس المساعدات من المؤسسات غير الحكومية، المساعدات الخيرية أو الحلول التي لا تأتي أبداً، والتي إن أتت فإنها تخَدِّر أو تُهَدئ المشكلة مؤقتاً فقط". وتابع قداسته قائلاً: "ويسوع يسمِّي هذه المواقف "نفاقية". وأضاف البابا قائلاً: "إلا أن الفقراء يرغبون بأن يكونوا في المقدمة، فإنهم يسعون، يدرسون، يعملون، يحتجُّون وفوق كل شيء يُظهرون التضامن الذي نراه بين المتألمين. إنه التضامن الذي طالما ينساه مجتمعنا ويصل به المطاف بأن يدعوه "كلمة القسَمْ" لذلك فانه من الضروري أن نحارب الأسباب الهيكلية للفقر، عدم المساواة والبطالة وفقدان الأرض، الإسكان، الحقوق الاجتماعية وحقوق العمل".

واسترسل البابا مقتبساً من تعاليم الكنيسة الاجتماعية ورسالته :"فرح الانجيل مستعرضاً ثلاث نقاط رئيسية تم التعرض لها في الاجتماع: الأرض، الإسكان والعمل. وأضاف: "إنه لأمر غريب، ولكن عندما أتكلم عن هذا الأمر، فإن البعض يظنون بأن البابا اشتراكي". "لكن محبة الفقير في قلب الإنجيل".

ولدى تحدثه عن الأرض، فقد تكلم البابا ضد "فضيحة" تألم ملايين البشر الذي يتضورون جوعاً "بينما تتحكم جهات اختلاس المال بأسعار الغذاء، معاملين إياه كأي سلعة أخرى". ثم تحدث فرنسيس عن "السقف" (استعمل الكلمة الإسبانية "سقف" وهو يقصد بها البيت): "لقد قلتُها في السابق، وسوف أقولها مرة اخرى، يجب أن يكون هناك منزل لكل عائلة. وقد أشار إلى أنه يوجد في هذا العالم الجائر وغير العادل كل أنواع العبارات المنمقة التي تحلق هنا وهناك. فالفرد الذي يعيش في الفقر يُدعى "شخصٌ بدون مسكن ثابت". ولكن هذه العبارة المنمقة تخفي في ثناياها جريمة"، فالبابا فرنسيس وريث التقشف اليسوعي أشاد "بالتكامل العمراني" والذين يعملون بجد من أجل تأمين مسكنٍ لكل عائلة، وتأمين بنية تحتية مناسبة (الصرف الصحي، الكهرباء، الغاز، الطرق المعبدة، المدارس، المستشفيات، خدمات الحوادث والطوارئ، المراكز الرياضية، والحصول على العناية الصحية والتعليم والأمن، وكل ما يخلق تعاون ويوحد الأفراد).

وتابع فرنسيس خطابه بالمقارنة بين الرابط بين هذه المشاكل الثلاثة والرابط بين السلام والبيئة. يوجد في الوقت الراهن حربٌ عالمية ثالثة، ولكنها بعدة أقسام: نظام اقتصادي متمركز حول المال، يستغل الطبيعة من أجل "الحفاظ على الإيقاع المحموم للاستهلاك" وله تأثير سلبي على تغير المناخ والتصحر، وأضاف البابا مؤكداً لأعضاء الحركات الشعبية، بأن همومهم سوف تذكر في رسالته البابوية القادمة حول البيئة. واختتم قداسة البابا خطابه بالتأكيد على دعوته ضد "عولمة اللامبالاة" ومسلطاً الضوء على حقيقة أن الحركات الشعبية قد أعربت عن حاجتها الملحة إلى إعادة إحياء ديموقراطيتنا والتي تم اختطافها من عدة جهات".

وقد وجه البابا حديثه إلى الحركات الشعبية باللغة الإسبانية، لأن الكثيرين منهم هم من أمريكا اللاتينية. وكان خورخي ماريو بيرجوليو قد عرفهم عندما كان رئيس أساقفة بيونوس ايريس. وحسب المتحدث الرسمي للفاتيكان، الأب فيديريكو لومباردي، فإن البابا كان "مرتاحاً معهم" في لقائه الصباحي اليوم. وقد أُعِدَّ الاجتماعُ مِنْ قبل مستشار الأكاديمية البابوية للعلوم، المونسينيور مارسيلو سانشيز سوروندو، ورئيس المجلس البابوي للعدل والسلام، والكاردينال بيتر توركسون، والأرجنتيني خوان غرابويس، وهو رئيس اتحاد عمال الاقتصاد الشعبي، وكان سابقاً محامي عمال النظافة، والباعة المتجولين الذين يجوبون مدن أمريكا الجنوبية يجمعون الورق لإعادة تدويره واستعماله مرة اخرى. وقد ذكره البابا عندما قال أنه يجب أن نجد هيكلة اجتماعية بديلة، بالشجاعة وأيضاً بالذكاء. وكان رئيس دولة بوليفيا، ايفو موراليس، حاضراً أيضاً في هذا الاجتماع. وهذه زيارته الثانية للفاتيكان، لكنه حضر هذه المرة بصفته الرئيس السابق للمزارعين البولفيين الأصليين.

وقد أفاد الأب لومباردي في تصريح له: "لم يتم الإعداد لهذه الزيارة عن طريق الاوساط الدوبلوماسية، فإن هذا الاجتماع خاص وغير رسمي بين قداسة البابا والرئيس، والذي سوف يتم هذا المساء". وأضاف قائلاً: "إنها لفتة عطف وتضامن مع الكنيسة البوليفية وتهدف أيضاً إلى تحسين العلاقات بين السلطات والكنيسة في بوليفيا". وبعد الانتهاء من إلقاء خطابه استمع البابا إلى اثني عشرة اقتراحاً قدمتها له الحركات الشعبية.