موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الخميس، ٢٧ أغسطس / آب ٢٠١٥
الاتجار بالبشر.. جرح مفتوح في جسد المجتمع المعاصر

بقلم: فرانشيسكو بيلوزو ، ترجمة: سامح المدانات :

وفقاً لتقرير اعدته منظمة العمل الدولية (ILO)، فان حوالي 21 مليون شخص في العالم يقعون ضحايا الاتجار بالبشر، وهي الظاهرة التي تتزايد باستمرار وتتحول الى واحدة من اكبر الاعمال في العالم. وقد تم الكشف عن هذا من خلال التقرير الذي نشرته مؤخراً منظمة خدمة المهاجرين الإسبانية اليسوعية(SJM) تحت عنوان: "الاتجار بالبشر". ويقول التقرير إن أحد هذه المشاكل الأساسية في الوقت الراهن، هو عدم وجود إحصاءات عن هذه الظاهرة والتي ينبغي أن تُجمع من قبل جميع الدول منفردة. لم يتم رصد المشكلة بكفاءة على المستوى المحلي رغم أنه في الوقت نفسه هناك العديد من التحقيقات التي تقوم بها الوكالات الدولية، والتي إذا جمعناها سوية تعطينا صورة مقلقة جداً للوضع.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة فإن الاتجار الغير شرعي بالبشر عبر الحدود يطال 4 ملايين شخصاً على الأقل ويعطي مردوداً مالياً يقدر بين 7 إلى 10 ملايين دولاراً أمريكياً سنوياً. لكن وفقاً للإنتربول (منظمة الشرطة الدولية) فإن هذه الأرقام كبيرة إذا أضفنا إليها الأرباح المرتبطة بالاتجار نفسه لمصالح المسؤولين عن هذه النشاطات والتي تتحكم في الاتجار بالمهاجرين: في الواقع يُقال أن مجموع ما يُجنى من الأرباح من الاتجار بالبشر يقارب 39$ مليار دولار أمريكي. وهذه الأرقام، تشبه إلى حد بعيد الارقام التي تُنسب إلى الاتجار بالمخدرات وتهريب الأسلحة. فإنه ليس من قبيل الصدفة إذن أن يقوم الكرسي الرسولي بالتشديد مراراً وتكراراً، في الأشهر الماضية، على الروابط القائمة بين هذه الظواهر. الظواهر التي غالباً ما تدار من قبل المنظمات الإجرامية نفسها أو من قبل الجماعات التي هي على اتصال مع بعضها البعض.

وكان البابا فرنسس قد صرّح في شهر نيسان المنصرم قائلاً: "من جهتي، لقد أعلنت مرات عديدة أن هذه الأشكال الجديدة للرق؛ الاتجار بالبشر والتسخير في العمل والدعارة وتجارة الأعضاء، هي جرائم خطيرة للغاية، "جُرحٌ مفتوح في جسد المجتمع المعاصر". وقد ذهب البابا إلى أبعد من ذلك حيث دعى إلى تشريعات كافية لمكافحة هذه الظاهرة، "من أجل أن تكون قادرة على ضمان أن يُقَدَّم المهربون إلى العدالة وأن تُسَخَّر أرباحهم إلى إعادة تأهيل الضحايا".

وقد تمخض عن هذا التقرير الذي أعدته منظمة الخدمة الإسبانية اليسوعية للمهاجرين سؤال وجيه: يظهر تحليلاً دقيقاً للبيانات المتعلقة بالاتجار أن 79٪ منها مرتبط بالاستغلال الجنسي. يجب أن نضع في الاعتبار أنه في كل عام، يأتي إلى أوروبا حوالي نصف مليون امرأة من البلدان الفقيرة من جميع أنحاء العالم، ويتم استغلالهن في الاقتصاد الإجرامي القائم على الجنس. السوق السوداء للعمل، والتسخير في العمل هي الجوانب التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بكل من الهجرة والاتجار بالبشر. وبناء عليه فإن الدراسة التي أجرتها منظمة الخدمة الاسبانية اليسوعية للهجرة تتحدث عن تأنيث الاتجار بالبشر؛ إن 55٪ من مجموع ضحايا الاستغلال في العمل هم من النساء أو الأطفال. ويؤكد هذا الجانب من خلال البيانات الأخرى ذات الأهمية العالمية. وفي الواقع ووفقاً للأمم المتحدة فإن الغالبية العظمى من المليار ونصف شخص الذين يعيشون على دخل مقداره دولار واحد في اليوم هم من النساء.

وعلاوة على ذلك، تظهر الوثيقة أن أولئك الذين يقومون على إدارة توظيف الشابات، يقومون بذلك عن طريق تقديم وعود كاذبة لهن عن الوظائف المتوقعة في البلدان الغنية، في مجالات مثل أعمال عرض الأزياء أو أعمال السكرتارية. ومع ذلك، يؤكد التقرير أيضاً أن بعضاً منهن يدركن جيداً حقيقة أنه يتم إرسالهن لأعمال الدعارة وذلك بموافقة أهاليهم (الذين ابتزوا بوعود لمساعدتهم مالياً). ثم يذكر التقرير بعض الطرق المختارة من قبل تجار الرق الجنسي الحديث؛ من مينامار والصين وكمبوديا إلى تايلاند. أو تلك التي تمتد من روسيا إلى دولة الإمارات. أو الطريق الذي يمر من الفلبين وكولومبيا إلى اليابان أو من البرازيل وباراغواي ونيجيريا إلى إسبانيا. وتشير الوثيقة اليسوعية إلى أنه "منذ سقوط الستار الحديدي، فإن الآلاف من النساء والفتيات تم "تصديرهن" من روسيا وأوكرانيا ومولدوفا ورومانيا ليتم استغلالهن في مدن في أوروبا الغربية واليابان".

وأخيراً، يوضّح التقرير أن هناك مجموعة أخرى ضعيفة جداً من الناس التي تقع ضحية لتجارة الجنس: القُصَّر (من هم تحت السن القانوني). فوفقاً لمنظمة اليونيسف، فقد أُجْبِرَ ما يقارب المليوني طفل على ممارسة الدعارة في تجارة الجنس العالمية. ولكن الأطفال يواجهون أيضاً مصائر رهيبة أخرى. التبني الغير الشرعية للقاصرين الأجانب؛ الاتجار بالأعضاء، واختطاف الأطفال الذين يتم استخدامها في الصراعات المسلحة (الجنود الأطفال) أو في التسول، وهو نشاط غالباً ما يرتبط بنشاطات جنائية.

(ترجمة خاصة للمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأردن)