موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الأربعاء، ١٠ مايو / أيار ٢٠١٧
الإنفاق على كبار السن استثمارًا وليس مصروفًا

جمعية معهد تضامن النساء الأردني :

مع إزدياد معدلات العمر المتوقع للحياة عالمياً ومحلياً (في الأردن 72.9 سنة للذكور و 74.3 سنة للإناث)، فإن إعادة التفكير في كيفية توزيع مراحل الحياة التقليدية (مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة الدراسة ومرحلة العمل ومرحلة التقاعد) أصبحت ضرورة ملحة، فلا يجوز فقط إضافة المزيد من سنوات العمر الى مرحلة التقاعد، وإنما يجب إستثمار هذه السنوات بوسائل مختلفة كبدء العمل في سن متأخرة أو قضاء فترات أطول في بناء الأسرة.

وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن التقرير العالمي حول "التشيخ والصحة" والصادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2015، يؤكد على أن التصورات والإفتراضات الشائعة حول كبار السن ذكوراً وإناثاً ترتكز على معتقدات نمطية بالية، مدعومة بعدة مفاهيم خاطئة حول المسنين لا بد من تجاوزها لغايات تطوير إستجابات شاملة لشيخوخة السكان.

وتضيف المنظمة في تقريرها على أنه لا يوجد شيء إسمه "مسن نموذجي"، فبعض المسنين يتمتعون بقدرات بدنية أفضل ممن هم في سن العشرين، لذا لا بد من كسر المعيقات التي تحد من المشاركة الإجتماعية للمسنين ومساهماتهم في مجالات تخصصاتهم المتنوعة. كما أن "التنوع في الشيخوخة ليس عشوائيًا"، والذي يعود في أغلبه الى البيئة الطبيعية والإجتماعية التي يعيش فيها كبار السن، مما يؤثر على الصحة مباشرة، أو يشكل عوائق أو حوافز لفرصهم وقراراتهم وسلوكهم.

كذلك فإن "التقدم في العمر لا يعني بالضرورة الإعتماد"، حيث ينظر المجتمع الى كبار السن بصورة مغلوطة تؤدي الى التمييز بناءً على العمر، وهو ما يسمى بالتمييز العمري. ومن هذه الصور إعتبار أن كبار السن عالة على المجتمع ويعتمدون على غيرهم إعتماداً تاماً، وأن الإنفاق عليهم من قبل الأفراد أو الدولة ما هو إلا إستنزافاً للإقتصاد. وقد أثبتت الدراسات في بريطانيا أن مساهمات المسنين بلغت 40 مليار جنية إسترليني من خلال الضرائب والإنفاق الإستهلاكي والنشاطات ذات القيمة الإقتصادية بعد خصم تكاليف الرواتب التقاعدية والرعاية الإجتماعية والصحية. وعليه يمكن إعتبار الإنفاق على كبار السن إستثماراً وليس مصروفاً كما هو سائد.

إضافة الى ذلك، اعتبر التقرير أن "الشيخوخة ستزيد من تكاليف الرعاية الصحية" أمرًا ليس صحيحًا، وأن تكاليف الرعاية الصحية العالية تتم خلال آخر سنتين من حياة الإنسان بغض النظر عن عمره. كما أنه يجب النظر "الى المستقبل لا الى الماضي" حيث ستختلف الشيخوخة في الوقت الحالي عن الشيخوخة في المستقبل، بفضل التحضر والعولمة اللذين قد يخلقا فرصًا جديدة لكبار السن الذين لديهم المهارات المطلوبة والقدرة المالية.

كبيرات السن الأردنيات

وبحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 في الأردن فإن عدد سكان الأردن 9.532 مليون نسمة، يشكل كبار السن (+60) ما نسبته 5.4% وبعدد 514 ألف مسن ومسنة (أردنيين وغير أردنيين). كما أن عدد كبيرات السن الأردنيات في المملكة (+65 عاماً) بلغ حوالي 135 ألف إمرأة وتقريباً نصفهن أرامل (48.8%) بينما 7.5% من الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً هم أرامل.

ومن جهة ثانية فإن الأمية بين كبيرات السن الأردنيات مرتفعة مقابل الأمية بين كبار السن من الأردنيين، فقد أشار التعداد الى أن نسبة الأمية بين الذكور (+60 عاماً) بلغت 17.9% بينما نسبة الأمية بين الإناث (+60 عاماً) تصل الى 48.9%.

ومن حيث التأمينات الإجتماعية فقد بين التقرير الإحصائي السنوي لعام 2014 بأن عدد العاملات الأردنيات المؤمن عليهن إجتماعياً (الضمان الإجتماعي) وأعمارهن +61 عاماً لا يتجاوز 68 عاملة مقابل 2284 مؤمن عليه من الذكور لنفس الفئة العمرية.

وتشدد "تضامن" على أن النساء كبيرات السن يتعرضن أكثر من الرجال إلى العنف والتهميش والإساءة نظراً للتمييز السائد ضد النساء ولقلة مواردهن المالية وضعف مكانتهن في الأسرة والمجتمع كما أن كبار السن رجالاً ونساءاً يستحقون التمتع بشيخوخة آمنة مستقرة من خلال تقديم المزيد من الخدمات الصحية والتقاعدية والإيوائية، وأنه لا بد من مجابهة كافة أشكال العنف الذي يتعرضون له. فإذا كان عالمنا يتجه نحو إطالة عمر الإنسان، فلا بد وأن يترافق ذلك مع إحترام كامل لكرامة وحقوق كبار السن الإنسانية، كما لا بد من التعامل معهم كمصدر للخبرة والمعرفة التي تتناقلها الأجيال . وأن المستقبل الذي نريد عام 2030 هو المستقبل الذي تراعى فيه أولويات كبار السن بشكل عام وكبيرات السن بشكل خاص.

ويعاني العديد من كبار السن في الأردن من مشكلات وإنتهاكات متعددة وعلى رأسها العنف الأسري والفقر بما فيه التخلي عن الرعاية والإيواء وعدم تمتع نصفهم بأي مظلة للتأمين الصحي ، مما يؤثر على صحتهم وحالتهم النفسية وعلى إمكانيات المساهمة في صياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم. إذ على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه الأردن في مجال رعاية كبار السن إلا أن ذلك لم يمنع إستمرار معاناة الكثيرين منهم خاصة في المناطق الحضرية.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه "تضامن" على أن المجتمع الأردني هو مجتمع شاب بالنظر الى تدني نسبة المسنين من عدد السكان الإجمالي، إلا أن ذلك يجب أن يكون حافزاً لجعل كبار السن الفئة الأكثر رعاية وإهتماماً ، وتوفير فرص الإستفادة من خبراتهم وتجاربهم ومعارفهم لرسم صورة المستقبل بطريقة مثلى لا تنغصها معاناة يمكن تفاديها بتضافر جهود المؤسسات والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.