موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٤
الإعلام العربي بين جبال العقبة والشاطئ المزدحم

د. صبري ربيحات :

صباح اليوم انطلقت فعاليات مؤتمر الإعلاميات العربيات في العقبة الذي أشارك فيه للمرة الثالثة وبالتزام أكبر هذه المرة لأني بصحبة "أم العبد" التي قدمت متحدثي حفل الافتتاح وراعي المؤتمر.

معالي رئيس السلطة رحب بالضيوف من الدول العربية وتحدث عن العقبة وأحلامها التي تشبه جبالها في جمالها وصعوبتها، فالرجل مثل كل المبدعين يملك قدرة هائلة على أن يحلم، ونحن نحب من يحلم عنا ومعنا ونقدر من يحققون الأحلام، فلا زالت بصمات الرجل بادية على إقليم البتراء الذي قاد مجلسه في أيام تأسيسه الأولى.

بعد مراسيم الافتتاح كان اللقاء الأول الذي تشرفت بتيسير فقراته المتعلقة بصدقية الإعلام.. وصناعة التطرف.. إضافة الى شائعات الحرب في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

اكثر من ثلاثين اعلامية عربية اتين من الامارات العربية والعراق وفلسطين وسوريا ومصر وعمان وقطر والجزائر والمغرب ولبنان ومؤسسات وهيئات اعلامية عربية اخرى...

على مدار الساعات الثلاث الأولى شارك الحضور بمناقشات مستفيضة لامست الهم الذي خيم ولا يزال على مهنة المتاعب، وحاول الجميع الإجابة على السؤال الصعب المتعلق بإمكانية توفر الصدق في ضوء هيمنة الدول وأجهزتها الأمنية على الإعلام، وظهور وتوالد المؤسسات الإعلامية المملوكة لأشخاص وعائلات وجهات ذات مصالح تحرص على أن تديرها وتوجهها. ثم تطرقنا إلى مسألة الإعلان وتأثير المعلن على المحتوى الاعلامي. وأخيراً انصب البحث على تحديات المصادر الإخبارية والمعلوماتية وتنوعها وأغراضها وموثوقيتها.

في العرض الأول الذي قدمه أستاذ العلوم السياسية المنشغل منذ سنوات في بحث العلاقة بين الإعلام والسياسة الدكتور جمال الشلبي جرى استعراض للفضاء الإعلامي العربي لبيان كيف تتدخل السياسة في الإعلام وكيفية تطور الإعلام ليصنع السياسة كما ظهر في الحالة القطرية والسعودية.

وعلى محور الإعلام والتطرف أجاب الأب الإعلامي رفعت بدر والذي برع ورفاقه من المهتمين بثقافة السلام في تطوير الحوار الحضاري العربي الأوروبي، مظهرين وحدة المصدر والاتجاه للديانات التوحيدية وداعين اتباعها إلى القرب من الله لإظهار الخير لا لتأطير شرور أنفسهم.

في الأطروحة المتماسكة التي عرضها الأب بدر كان المنحى الإنساني الذي يعظم الكرامة الإنسانية والحب والسلام والحقوق تعلو على كل أوجه ونوازع العداء والغلو والتعصب وإلغاء الآخر تحت عباءة التدين، والذي قد يمثل بشكله هذا أعلى درجات البعد عن الإنسانية وقيمها الفطرية التي هذبها ونظمها الدين.

في الورقة الثالثة التي عرضت لها الصحفية هبة عساف، من وزارة الإعلام الفلسطينية، جرى العرض لكيفية عمل الشائعات المضادة في الحروب ومستوى تأثيرها على الروح المعنوية لأطراف الصراع. في الاعتداء الأخير على غزة كان الإعلام العربي متباين المواقف من الصراع وأطرافه مما أتاح للإسرائيلين فرصة استثمار حالة التصدع في الموقف العربي من الحرب لإنتاج الكثير من القصص التي خدمت الإعلام المعادي وأهدافه. بالمقابل سعى إعلام المقاومة إلى تقديم صورة فيها من الموثوقية ما فاق وسائل الإعلام الغربي، وجعل العالم يتسائل فيما إذا كان ذلك يمثل تحولاً في العقل العربي الذي طالما بالغ في وصف منجزاته وتعظيمها.

الحضور ناقش قضايا الإعلام بأجواء فيها من الود والحميمية ما جعلهم يجسدون شعار الحرية بسقوف أعلى من الطابق الأرضي الذي دارت فيه المناقشات، مستفيدين من الأجواء الإيجابية ومستوى الرعاية الذي حفتهم بها سلطة العقبة ورئيسها المحب.

فقد شارك الجميع في فعاليات المؤتمر رغم قدسية يوم الجمعة الذي اعتاد الناس على استثناء ساعاته من الأنشطة الجادة، ورغم إغراءات السياحة العقباوية. فشكراً لمحاسن اﻻمام وأسرة مركز الاعلاميات العربيات، وشكراً لكوادر سلطة إقليم العقبة ورئيسها المحب الحالم، وكل الأمل في أن يسهم المؤتمر في التعامل مع بعض تحديات الاعلام اللامحدودة في عالم أصبح نصف مواطنيه اعلاميين وناشرين.