موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٤ يونيو / حزيران ٢٠١٩
الإعلامية محاسن حدارة تكتب: الحيّة والإعلام

محاسن حدارة :

كان سقراط يقول لتلاميذه ميّزوا يا أبنائي بين الأمور: هنالك الضروري، وهنالك المهم، وهنالك المُفيد، وهنالك المُسلّي. مشكلتنا اليوم أن الإعلام وضع المُسلّي على أعلى القمة بينما الضروري في الأسفل. أول من نقل الأخبار في التاريخ هي الحيّة، وأعطت آدم وحواء أخبارًا مزيّفة: "صحيح أنه كذا وكذا، ولكن لا تخافوا، ستصبحون مثل آلهة عارفي الخير والشرّ". فدخل الغرور عقل الإنسان وأصغى الانسان إلى الأخبار المزيّفة والإشاعة، والأخبار المفبركة والمُشوَّهة والمُشوِهة، والمبتذلة والجزئية، والمحتكرة والمموّلة، والمباعة والمشتراة، والمرتشية والقائمة أحيانًا على الفساد.

كلمات اقتطفتها من جعبة مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، الأب رفعت بدر خلال مؤتمر "الإعلام ودوره في الدفاع عن الحقيقة" بتنظيم من المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، ومجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، ومنصة الحوار والتعاون بين المؤسسات والقيادات الدينية المتنوعة في العالم العربي التابعة للمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات "كايسيد" الذي انعقد منتصف الأسبوع الفائت على مدار يومين على أرض النشامى والرسالة في الأردن.

أين الإعلام من دفاعه عن الحقيقة؟ وهل دور الإعلام الدفاع عن الحقيقة أم نشرها؟ كيف واجه الإعلام التطرف والإرهاب الداعشي؟ كيف يتعامل مع خطاب الكراهية؟ ما دور الدين في الإعلام والسياسة؟ أين الإعلام من رسالته الأم تنوير المجتمعات ونهضتها؟ لماذا أصبح الإعلام شريكًا في الفساد؟ لماذا يُحرّض الإعلام للكراهية؟ هل تُواجَه مادة الكراهية بمثلها؟ هل مصطلح "خطاب الكراهية" صحيح أم الأجدى القول "حالة كراهية"؟ هل خرج الإعلام الرقمي عن مساره؟ هل مواقع التواصل الاجتماعي مصدر ثقة بين المجتمعات؟ هل المسّ بكرامات وأعراض الناس هي مادة إعلامية؟ من يعتلي المنابر الإعلامية اليوم؟ هل الإعلام يقود مسيرة الحوار بين أبناء الوطن الواحد والشعوب الأخرى تحت راية المواطنة والإنسانية؟

باب النقاش والحوار فُتِح على مصراعيه بين الخبراء والأكاديميين وأهل الإعلام ورجال الدين، فتعددت الإجابات والمضمون واحد أن الإعلام هو الداء والدواء، ويتحمل مسؤولية تحرير المجتمعات من قيود كراهية الشعوب لبعضها، وشريك رئيسي في نهضة الدول، وعلى الجميع التكاتف لاستعادة رسالة الإعلام الحقة وتذكير بمهمة الإنسان الأولى عمارة الأرض. وبالتالي، التكاتف يكمن بتضافر الجهود بين كافة أبناء المجتمع، لأن كل فرد أصبح صانع مادة إعلامية نتيجة التطور الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

الحيّة كما ذكرنا أعلاه أغوت الإنسان الأول وأخرجته من الحياة إلى الموت، من النعيم إلى الجحيم، ومن الحرية إلى العبودية، ألا ينطبق هذا المشهد على الإعلام الذي يُغوينا ولا يُحررنا، يُسلينا كي يؤذينا، يُلهينا كي يُنسينا ضرورات عيشنا ومهامنا؟.

النبي موسى عليه السلام حوَّل عصاه إلى حيّة كي يُثبت لفرعون صدق رسالته من الله تعالى، فهل نتجرأ في عصرنا هذا أن نستخدم الحيّة لصدق الرسالة ونشر ثقافة الحياة الحقيقية من أجل نهضة فكرية وحضارية ترتقي بنا وترفعنا من القعر إلى القمم؟!

‏مؤتمر "دور الإعلام في الدفاع عن الحقيقة" أصدر مدونة الإعلام الأخلاقية، نحن وقعنا عليها والتزمنا بها من أجل حاضر ومستقبل أفضل بين الشعوب، فهل تقبلون الالتزام معنا؟

الوصايا العشرة للمدونة:

1. ألتزم في عملي الإعلامي بأن أبرز دائمًا روابط التقارب والتواد بين الناس أجمعين.

2. ألتزم بالابتعاد عما يثير النعرات العنصرية أو الطائفية وما يفرّق.

3. ألتزم بدعم المناخ الذي يعمل على تعزيز العلاقة التشاركية لتطوير مفهوم الوطن النموذج الذي يتساوى وينعم فيه الجميع بمواطنة صالحة، تتمتع بذات الحقوق والواجبات.

4. ألتزم باحترام حقوق الفرد والعائلة في سرية شؤونهم الخاصة وكرامتهم الإنسانية.

5. ألتزم من خلال أداء الرسالة الإعلامية، سواء عبر قنوات الإعلام التقليدي أو السوشال ميديا، أن أسهم في الارتقاء بالذوق العام واحترام حقوق الإنسان والمرأة والأسرة والطفولة.

6. ألتزم بمحاربة الإشاعة المغرضة وباعتماد الصدقية بالرجوع الى المصادر الموثوقة، لأن من حق الشعب معرفة الحقيقة.

7. ألتزم باحترام كرامة الأديان والرموز الدينية.

8. ألتزم بالابتعاد عن الحقائق المشوّهة والمزيّفة Fake Newsوأن تكون الحقيقة هي مصدري وهدفي.

9. أدعم الابتعاد عن خطاب الكراهية لأي إنسان أو جماعة بشرية، لا على أساس ديني ولا قومي ولا طائفي ولا إثني.

10. أدعم التعاون مع الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة من أجل خدمة الحقيقة والدفاع عنها.

(جريدة اللواء اللبنانية)