موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر السبت، ٢٩ أغسطس / آب ٢٠١٥
الأحد الثالث عشر بعد العنصرة

الأب بطرس ميشيل جنحو - الأردن :

فصل شريف من بشارة القديس متَّى (21: 33–42)

قال الربّ هذا المثل إنسانٌ رب بيتِ غرسَ كرمًا وحوطهُ بسياجٍ وحفر فيهِ معصرةً وبنى بُرجًا وسلَّمهُ الى عملةٍ وسافر * فلما قَربَ أوانُ الثمر ارسلَ عبيدَهُ الى العَمَلة ليأخذوا ثمرهُ * فأخذَ العَمَلةُ عبيدَهُ وجلدوا بعضًا وقتلوا بعضًا ورجَموا بعضًا * فارسل عبيدًا آخرين اكثرَ من الاولين فصنعوا بهم كذلك * وفي الآخِر ارسل اليهم ابنَهُ قائلاً سيهابون ابني * فلما رأَى العَمَلةُ الابنَ قالوا فيما بينهم : هذا هو الوراثُ هلم نقُتلهُ ونستولي على ميراثهِ * فاخذوهُ وأخرجوهُ خارجَ الكرم وقتلوهُ * فمتى جاء رب الكرم فماذا يفعلُ باولئِك العَمَلة * فقالوا لهُ إنهُ يُهلِك اولئِك الاردياءَ اردأُ هلاكٍ ويسِلمُ الكرمَ الى عَمَلةٍ آخرين يؤَدُّون لهُ الثمرَ في أَوانهِ * فقال لهم يسوع أَمَا قرأَتم قطُّ في الكتب إنَّ الحجرَ الذي رذلهُ البنَّاءُونَ هو صار رأسًا للزاوية. من قبلِ الربِ كانَ ذلك وهو عجيبٌ في اعيننا.

1. التأمل الإنجيلي

أيها الأحباء، لقد سرد يسوع في هذا المثل على الشعب المتجمهر حولَهُ في الهيكل تاريخَ بني إسرائيل في خطوطه العريضة، وألحَّ على خيانة الرؤساء الروحيين، وعلى طمعهم الدنيوي، ومقاومتهم لتدبير الله. واستغلالهم للكرْم الذي سلَّمهم الله إيَّاه.

إنَّ الكرْم هو شعب الله. فقد أودعهم الله شعبه ليعلِّموه قواعد دينه ويهذِّبوا أخلاقه، ويقدِّموا لله ثِمار أعماله الصالحة وطاعته وتقواه.

ولكنَّ هؤلاء الرؤساء أهملوا تعليم الشعب وتهذيبه، واستغلُّوه لتحقيق مصالحهم الشخصيَّة من مال وجاه ونفوذ. فأرسل الله إليهم أنبياءَهُ القدِّيسين واحِداً بعد واحد ليحذِّروهم من سوء سلوكهم ويطالبوهم القيام بواجباتهم الدينيَّة نحو شعبه. ولكنَّ الرؤساء، وهم الكهنة والكتبة والفريسيُّون ومعلِّمو الشريعة، قاوموا مَهمَّة الأنبياء مُقاومةً شرِسة، فشتموا بعضهم، وضربوا بعضهم، وجرَّحوا بعضهم. ولم يرتدعوا عن جشعهم وتسلُّطِهم. وأخيراً أرسل الله إليهم يسوع ابنه الحبيب قائلاً في نفسه: "لعلَّهم يهابونه لِما يصنع أمامهم من معجزات وما ينشر بينهم من تعاليم سامية. ولكنَّ الرؤساء الحاقدين الجشعين ائتمروا فيما بينهم على ابن الله، فانقضُّوا عليه وأخرجوه خارج مدينة أورشليم وقتلوه معلِّقين إيَّاه على الصليب.

لمَّا سمع الرؤساء هذا المثل أيقنوا أنَّ يسوع قد عناهم فيه ووصف سلوكهم الشائن وأنذرهم بالإبادة. قال لهم: "ماذا يفعلُ بهِم ربُّ الكَرْم؟ سيأْتي ويُهلِكُ هؤلاءِ الكرَّامين".

انَّ هذا المثل دعوةٌ أيضاً لكُلِّ مسيحي لكي يؤدِّي لله ثمار أعماله الصالحة بسلوك الحياة الفاضلة، والأخلاق القويمة. والقيام بالواجبات الدينيَّة بدقَّةٍ وأمانة طَوالَ أيَّام حياته. إنَّ من قام بواجباته الدينيَّة فأحبَّ الله حُبَّاً صادقاً، وخدم الكنيسة التي أسَّسها يسوع الخِدمة الصالحة. وآزر الآخرين المؤازرة الفعَّالة، لبَّى دعوة الله إلى الأمانة في استثمار كرْمه الروحي، فهناك تكون المكافأة السعيدة التي أعدَّها الله لكُلِّ من كان أميناً لـه في العمل الذي سلَّمه إيَّاه. وهذا ما أوضحه يسوع بجلاء في مثل الوزنات. فكافأ الملكُ العبدَ الصالح الذي استثمر الوزنات التي تسلَّمها من سيِّده.

"فقال لهم يسوع أَمَا قرأَتم قطُّ في الكتب إنَّ الحجرَ الذي رذلهُ البنَّاءُونَ هو صار رأسًا للزاوية. من قبلِ الربِ كانَ ذلك وهو عجيبٌ في اعيننا".

أحبائي أن بولس رسول الأمم يقول عن الكنيسة "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر للزاوية" (أفسس 2: 20). وكان البناؤون قديمًا يختارون أفضل حجر من حيث النوع والحجم والتماسك والصلابة والنقاء لينحتوا منه حجر الزاوية.

حجر الزاوية كان هو أول حجر يوضع في أساسات أي مبنى ويكون كافيًا من حيث الطول والعرض والعلو ليقاس عليه أضلاع كل المبنى. بمعنى أنه كان ذا زوايا قائمة بالضبط في الاتجاهات الثلاثة الرئيسية أي الطول والعرض والارتفاع. وكان الحجر أيضًا مستوى الجوانب ليس فيه أي تعاريج بأسطح ملساء يتم شد الخيط عليها بحيث يلامس الأسطح بدون انبعاج إلى الداخل أو انفراج إلى الخارج.

وضع اليهود مقاييسًا خاصة بهم للمسيح الملك: أرادوه يجلب لهم الغنى المادي، وجاء السيد المسيح فقيرًا ليس له أين يسند رأسه. أرادوه يملك القوة الأرضية والسياسية لتحريرهم من الاستعمار الروماني، وجاء السيد المسيح ينادى بتحرير الإنسان من عبودية الخطيئة وعبودية الشيطان. ولم يقبل مُلكًا أرضيًا ينافس به ملوك العالم، بل قال مملكتي ليست من هذا العالم. أرادوه رئيسًا للحرب، وجاء هو رئيسًا للسلام ينادى بمحبة الأعداء والمغفرة والإحسان إلى المسيئين والمبغضين. أرادوه ناموسيًا يسلك حسب حرفية الناموس، وجاء هو ينادى بشريعة الكمال حيث الحرية من عبودية الحرف إلى حيوية الروح، وقال: "ما جئت لأنقض بل لأكمل" (متى 5: 17).

ونحن أبناء اليوم ما هو الحجر بالنسبة لنا. الحجر هو ذلك المرض، ذلك الالم الجسدي او النفسي، ذلك الفشل، انه الصليب الذي نريد كلنا الهروب منه. هذا الصليب الذي ظهر للبنائين وكانه عائق لبنائهم، لتحقيق سعادتهم، اصبح رأساً للزاوية، أي ان منه ستكون نقطة الانطلاق لبناء تلك السعادة.

فقيامة المسيح هي دليل وعربون لذلك، المسيح الذي ما كان انسانا، لكنه صار انسانا و ليس فقط انسان بل اخذ صورة العبد وحمل ذلك الصليب حتى الموت، رفعه الله واعطاه سلطانا على كل ما في السموات والارض. وأعطى لكل من يؤمن به المقدرة لكي يصير مشاركا له في هذا الميراث.

وما علينا اليوم إلا أن نسير في درب يسوع تاركين هموم العالم الفانية ومتبعين يسوع في كل خطوة نخطوها.

2. الطروباريات والقنداق المختصين بالأحد الثالث عشر

طروبارية القيامة باللحن الرابع:
إن تلميذات الرب تعلمن من الملاك الكرز بالقيامة البهج، وطرحن القضية الجدية وخاطبن الرسل مفتخراتٍ وقائلاتٍ قد سبي الموت وقام المسيح الإله مانحاً العالم الرحمة العظمى.

طروبارية رقاد العذراء باللحن الأول:
في ميلادك حفظت البتولية وصنتها، وفي رقادك ما أهملت العالم، وتركته يا والدة الإله لأنك انتقلت إلى الحياة بما أنك أم الحياة، فبشفاعتك أنقذي من الموت نفوسنا.

طروبارية الكنيسة:
الطروبارية الخاصة بكل كنيسة حسب تسميتها

القنداق لعيد رقاد العذراء باللحن السادس:
إنّ والدة الإله التي لا تغفل في الشفاعات، والرجاءَ غيرَ المردود في النجدات، لم يضبطها قبرٌ ولا موت. لكن، بما أنّها أمُّ الحياة، نقلها إلى الحياة، الذي حلَّ في مستودعها الدائم البتولية.