موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٩ فبراير / شباط ٢٠٢٠
الأب ماريو كورنيولي يتكلّم عن خدمته في الأرض المقدسة
إن إمكانية عيش خدمتي الكهنوتية في الأرض المقدسة هي هبة من عند الرب

مكتب إعلام البطريركية اللاتينية :

 

الأب ماريو كورنيولي، وهو من كهنة "هبة الايمان" (Fidei Donum)، الذي يخدم في أبرشية البطريركية اللاتينية المقدسية، وتحديدًا في رعية القديس يوسف في جبل عمّان. وافق على الحديث مع مكتب إعلام البطريركية اللاتينية عن خدمته في الأرض المقدسة وعن نشاطات وفعاليات مؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا" (Habibi Valtiberina) التي أسسها في عام ٢٠١٣.

 

عند اطلاعنا على الموقع الإلكتروني لمؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا"، نقرأ بأنها تُعنى "بتعزيز مبادرات التضامن الاجتماعي والتعاون الدولي من أجل التنمية والسلام". هل باستطاعتك أن تُحدّثنا عن هذه المبادرات؟ وما هي الأماكن التي تعملون فيها؟

 

تم تأسيس مؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا" في عام ٢٠١٣ عقب زيارة حج إلى الأرض المقدسة برفقة مجموعة من أصدقائي من فالتيبيرينا (إيطاليا)، وهو الوادي الجميل الذي وُلدت فيه قبل ٤٨ عامًا. في ذلك الوقت، كنت أعمل في مدينة بيت جالا على بناء علاقات بين البطريركية اللاتينية وإيطاليا، فضلًا عن عملي مع مجموعات الحجاج الإيطاليين وأطفال ذوي الإعاقة في مركز الطفل الإلهي، الذي تديره رهبنة الكلمة المتجسد في مدينة بيت لحم. وإبان زيارة بعض من أصدقائي كما ذكرت سابقًا، قررنا تأسيس هذه المؤسسة في إيطاليا من أجل تنسيق الدعم ومساعدة هذا المركز. وعبر هذه السنين، ساعدت مؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا" هذا المركز من خلال دعمها لبعض الحملات التي هدفت إلى تحقيق هذا المشروع.

 

حينما انتقلت إلى الأردن في عام ٢٠١٥، مدت مؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا" يد المساعدة أيضًا أثناء خدمتي الجديدة لصالح اللاجئين العراقيين. منذ أكثر من عام تقريبًا، اعترفت وزارة التنمية الاجتماعية في الأردن رسميًا بالمؤسسة، إذ مكنتنا هذه الخطوة من الوصول إلى مصادر تمويل هامة للمشاريع المختلفة. يأتي التمويل الرئيسي من إيطاليا وذلك بفضل صندوق "الثمانية بالألف"* العائد للكنيسة الكاثوليكية. وبفضل هذه المساهمات، تم عقد عدد من ورشات العمل التي فتحت المجال للاجئين لتعلّم مهنة جديدة وكسب بعض المال من أجل مساعدة عائلاتهم. ويشارك في الوقت الحاضر حوالي ١٣٠ لاجئًا وامرأة أردنية في مشاريعنا المختلفة، والتي تشمل ورشات صناعة جبن البيكورينو والريكوتا والموتزاريلا والمعجنات الطازجة والصلصة والمربى والتارت والبيتزا والمثلجات. كما ونعقد ورشات عمل الفسيفساء والخزف والصناعات الجلدية. أضف إلى ذلك مشروع "الرافدَيْن" والذي لاقت منتجاته رواجًا لدى المغتربين في عمّان.

 

هل بوسعك أن تُخبرنا عن مشروع "الرافدَيْن"؟

 

مشروع "الرافدَيْن" هو قصة معجزة بدأت قبل ٤ سنوات حينما عرضت صديقتي روزاريا مساعدتي في خدمة اللاجئين. قمنا بتنظيم أول درس في الحياكة لـ١٥ لاجئة عراقية كُنّ قد وصلن إلى الأردن بعد أن طردتهن قوات الدولة الإسلامية "داعش" من قراهن. وقد قامت اللاجئات باختيار اسم الرافدين في إشارة إلى أرضهن، بلاد الرافدَيْن.

 

"الرافدَيْن" هو مشروع يُمكّن هؤلاء الفتيات من تعلم مهنة تعود لهن بالنفع في المستقبل. كما ويجمع هذا المشروع الفتيات في مكان هادئ يقضين فيه وقتهن على نحو مثمر بعيدًا عن هواتفهن المحمولة. الأمر الأهم من ذلك بالنسبة لي هو إعادة رسم الضحكة على وجوههن.

 

منذ البداية، أدركت أن مساعدة اللاجئين لا تتمثل في تقديم الطعام والدواء لهم فحسب بل تتعدى ذلك إلى ضرورة إيجاد برنامج يُمضون فيه وقتهم بطريقة تعود لهم بالفائدة. وعليه، وُلد هذا المشروع في رعية القديس يوسف في جبل عمّان.

 

واجهنا صعوبات في السنوات الأولى للمشروع واستطعنا دعمه بمساعدة بعض الأصدقاء حتى تمكّنا في تشرين الأول ٢٠١٨ من إقامة ورشة عمل في مركز مار يوسف الرعوي، بالتعاون مع جمعية الأرض المقدسة (ATS) وبمساهمة صندوق "الثمانية بالألف" (وهي نسبة يختار دافع الضرائب في إيطاليا تخصيصها من دخله لصالح جهة من بين ١٢ جهة مسيحية ويهودية وبوذية وهندوسية، بالإضافة إلى الدولة الإيطالية).

 

على مدى ٤ سنوات، استطاعت قرابة الستون فتاة تعلّم فن الحياكة، واليوم بفضل مساعدة سفارة فرنسا في عمّان، تعمل ٢٠ فتاة في الورشة كل يوم من الساعة التاسعة صباحًا حتى الساعة الرابعة بعد الظهر ما عدا يوم الأحد، يوم الرب.

 

وماذا تستطيع أن تحدّثنا عن مشروع "بيتزا مار يوسف"؟

 

هذا المشروع هو قصة حلم أصبح حقيقة. عندما عيّنني المطران بيتسابالا في رعية القديس يوسف في جبل عمّان مع الأب وسام منصور، عملنا سويًّا على جعل المركز الرعوي القديم أكثر جمالًا وترحابًا. أردنا تأسيس مكان نستطيع فيه تنظيم تدريب مهني للطهاة والنُدُل الناشئين. وبفضل ما ساهم به كل من الدير المقدس للقديس فرنسيس الأسيزي والاتحاد الإيطالي للحرفيين والتعاون الإيطالي استطعنا مساعدة اللاجئين بكرامة، إذ عبّروا لنا عن رغبتهم في العمل واستغلال وقتهم بطريقة بنّاءة بدلًا من بقائهم في منازلهم.

 

قمنا بتدشين مشروع "بيتزا مار يوسف" في ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٧ والذي يعمل فيه حاليًا ٢٨ لاجئًا. وقد تتطور المشروع ليشمل صناعة المعجنات الطازجة والأكلات الإيطالية بالإضافة إلى ورشة عمل لصناعة جبن الموتزاريلا، ومنذ شهر أيلول الماضي صناعة المثلجات وهو مشروع تموّله اليونيسف.

 

إلى جانب الأردن، تعمل مؤسسة "حبيبي فالتيبيرينا" في فلسطين في مدينة بيت لحم حيث تساعد منذ سنوات عديدة أطفال مركز الطفل الإلهي الذي تديره رهبنة الكلمة المتجسد. هل تستطيع التحدث عن عمل المؤسسة مع هذا المركز؟

 

إن مركز الطفل الإلهي في بيت لحم هو أول مكان وقعت بالحب به إذ شعرت فيه كما لو أني في بيتي. منذ عام ٢٠٠٥، أمضيت معظم وقتي هناك برفقة راهبتين و٣ أطفال. لقد ساعدت مؤسسة حبيبي المركز من خلال توفير المستلزمات المختلفة فضلًا عن جلب المتطوعين للعناية بالأطفال. في كل عام، خلال عيد الميلاد، قمنا بإطلاق حملات لإصلاح قسم ما من المركز أو لشراء حافلات صغيرة. في الوقت الحاضر لا أتواجد دائمًا في المركز وذلك لصعوبة التنقل بين فلسطين والأردن إلا أنني حاضر بطريقة مختلفة.

 

ما هي خططك للمستقبل؟

 

 أتمنى أن أواصل خدمتي على أفضل وجه في البطريركية اللاتينية. أنا أعمل فقط لتحقيق إرادة الله. إن إمكانية عيش خدمتي الكهنوتية في الأرض المقدسة هي هبة من الرب آمل أن أستمر بالقيام بها لسنوات عديدة.

 

إن رسالتنا ككهنة هي الخدمة المجانية، ومحاولة بناء الجسور أولًا مع السماء، ثم مع الأخوة والأخوات الذي يرسلهم الرب في حياتنا. لقد أثّر بي أطفال بيت لحم واللاجئون العراقيون والعائلات الأردنية والجماعة الإيطالية في عمّان. هؤلاء هم الأشخاص الذين يجب أن أحب إذ وكّلني الله أن أكون أبًا وابنًا لهم.

 

بالنسبة للمشاريع، سيتم توسيع معمل الألبان من أجل صناعة جبن البيكورينو والريكوتا إذ ستقوم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتمويل المشروع الذي سيسمح لاثني عشرة امرأة أردنية تعلّم فن صناعة الجبن. كما ولدينا العديد من الأفكار التي نعهدها للرب، ونأمل أن نستطيع الحديث عنها في المستقبل القريب.