موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٢ يوليو / تموز ٢٠١٦
الأب لومباردي - ’صوت‘ البابوات دون لجوءه للصراخ أو ’الألعاب النارية‘

بقلم: أندريا تورنييلي ، ترجمة: منير بيوك :

سيحتفل بعيد ميلاده الرابع والسبعين في 29 آب المقبل. وكان بالإمكان إحالته على التقاعد عام 2012. واليوم الموافق11 تموز 2016، يصادف الذكرى السنوية العاشرة لتعيينه في منصب مدير المكتب الصحفي للفاتيكان. ها هو الأب فيديريكو لومباردي يغادر منصبه، بعد أن تميز بأسلوب مميز وخالٍ من أية مصلحة ذاتية، وبفهم عميق للكنيسة وآليات التواصل، حيث رافق تقريبًا كل حبرية بندكتس السادس عشر والسنوات الثلاث الأولى من حبرية فرنسيس. وقد خلفه الصحفي الأمريكي غريج بيرك، البالغ ستة وخمسين عامًا من العمر، وكان يشغل منصب نائب مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي منذ كانون الأول الماضي، بعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات كمستشارٍ للعلاقات الخارجية. أما النائبة الجديدة للمدير فهي الصحفية الإسبانية بالوما غارسيا أوفيخيرو، المراسلة الصحفية في روما لهيئة الإذاعة الكاثوليكية راديو كوبيه.

إن تقاعد الأب لومباردي هو تغيير مصيري يرمي إلى التأثير بحد كبير في نظام الفاتيكان الإخباري. ولد في سالوتسو (كونيو) في العام 1942، وهو ابن شقيق اليسوعي ريكاردو لومباردي المعروف باسم "ميكروفون الله" خلال حبرية البابا باشيلي، فضلًا عن الفقيه الكاثوليكي الشهير غابريو لومباردي. درس الأب اليسوعي فيديريكو لومباردي في بداية أيامه المدرسية في تورينو، وأكمل دراسته المتوسطة في أكاديمية الآباء اليسوعيين "الاجتماعية". التحق عام 1960 بإقليم تورينو في الرهبنة اليسوعية في أفيليانا. وخلال السنوات 1962-1965 أنهى دراسته الفلسفية في معهد الوزيانوم اليسوعي في مدينة غالاراتي، وكان فيما بعد مساعدًا للطلبة في الكلية الجامعية التي يديرها اليسوعيون في تورينو لمدة أربع سنوات. درس في جامعة تورينو، وتخرج بدرجة علمية في الرياضيات. وخلال السنوات من 1969 إلى 1973 درس في كلية القديس غيورغن اليسوعية في فرانكفورت، المتخصصة بتدريس اللاهوت. سيم كاهنًا عام 1973، وبدأ بالعمل محررًا في المجلة اليسوعية الإيطالية "الحضارة الكاثوليكية"، وعيّن عام 1977 نائبًا للمدير العام. وعلى مدى السنوات الست، من 1984 إلى 1990، كان الرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في إيطاليا. وبعد ذلك بعام، تم تعيينه مديرًا للبرامج في إذاعة الفاتيكان. تسلم منصب المدير العام لمركز التلفزة الفاتيكانية عام 2001، بعد الاختفاء الصاخب لسلفه دون أوغو موريتو، الذي قرر ترك الكهنوت ليتزوج صحفية. في نهاية عام 2012، ترك لومباردي منصبه في تلفزيون الفاتيكان لخلفه دون إدواردو فيغانو وذلك عشية الاستقالة التاريخية للبابا بندكتس السادس عشر. وفي آذار 2016 ترك راديو الفاتيكان، لكنه بقي لبضعة أشهر في منصب مدير دار الصحافة. فالتغيير في مناصب المكتب الصحفي هو جزء من إصلاح يرمي إلى توحيد وسائل الإعلام الفاتيكانية الذي صممه ونفذه رئيس الأمانة العامة لوسائل الاتصالات دون داريو فيغانو.

خلال هذه السنوات العشر، واجه الأب لومباردي "عواصف" شديدة في الإعلام، إضافة إلى الأحداث التي هزت الكوريا الرومانية بخصوص قضيتي الفاتيليكس والمحاكمات التي تبعت ذلك. وبأسلوبه المعتدل الذي وصل إلى الحد الأدنى والتزم به، كان الناطق الإعلامي الذي لم يسرق الأضواء من المتحدثين على الساحة. فقد كان "صوت" البابوات دون الحاجة إلى الصراخ أو اللجوء إلى الألعاب النارية. وفي تعاطف تام مع المؤسسة التي كان يمثلها، بعيداً عن أي شكل من "رمز المكانة" أو المحسوبية، فقد جسّد بصورة كاملة مثال الشخص المتعاون مع البابا، أو الشخص الذي اعتاد أن يقدم الخدمات بدون تباهٍ.

وكمدير للدار الصحفية، واجه أيضاً الأزمة التي تلت إزالة الحرمان الكنسي عن أساقفة لوفيفر، والذي كان من بينهم ريتشارد ويليامسون الذي أنكر حدوث هولوكوست غرف الغاز. وكان مفهوم في ذلك الوقت، في الفاتيكان، بأنه كان من الضروري متابعة الشبكة العنكبوتية بصورة يومية لفهم الأخبار التي تنشر عن الكنيسة وخاصة عن البابا والكرسي الرسولي. أما الأزمة الرئيسية الأخرى التي عاشها لومباردي عام 2010، فقد كانت فضيحة التجاوزات بحق الأطفال، والتي رافقها هجمات حادة واستفسارات قانونية تم توجيهيها إلى شخص الحبر الأعظم باعتباره مديراً لمؤسسة متعددة الجنسيات، وبالتالي فهو مسؤول عن أعمال الكهنة حول العالم. ومن خلال راديو الفاتيكان، وبتعليقاته المكبوحة ولكن الدقيقة، إضافة إلى إعداده لمواد إعلامية أعدت على عجل للصحفيين بلغات متعددة، فقد بات الأب فيديريكو مرجعًا لا يمكن استبداله.

واستمر في دعابته البارعة أثناء مرافقته لآلاف من الصحفيين خلال الاجتماعات السرية لانتخاب البابوات عام 2013، وهي الأولى في تاريخ الكنيسة التي تمت مع تنازل البابا عن منصبه بسبب عمره، وصار "فخرياً". وفي حديثه اليومي، الذي لم يخلُ من السخرية، مثلما كانت الحال عندما أجبر على أن يحصي الصفات الكيميائية للذخائر المستعملة للتسبب بدخان أبيض وأسود من مدخنة كنيسة سيستين: "اليوم نقدم هذا البيان حول موضوع لا يمكن تجنبه". هذا ما قاله للصحفيين من أنحاء العالم، أو حينما تحدث إلى الصحفيين مبتسماً: "لا تتصلوا معي طوال الوقت لمعرفة موعد الاجتماع، وإلا فإنني لن أتمكن من أرسل لكم الخبر الصحفي"، أو عندما أجاب أولئك الذين سألوه ’ماذا تناول البابا الفخري من طعام في ذلك اليوم؟‘، وأجابهم قائلاً: "يجب أن تسألوه شخصيًا".

أصيب الناطق الرسمي اليسوعي للفاتيكان بالصدمة عندما تم انتخاب أول بابا يسوعي، حيث أنه لم يكن يعتبر ذلك ضمن الامكانيات المتاحة، كما أنه احتاج لنحو ساعة من الزمن ليستعيد وعيه من هذه الأخبار. كان على الأب لومباردي أن يتأقلم مع أسلوب بيرغوليو الذي كان مختلفًا جدًا عن سلفه، وكان يميل بصورة أكبر إلى تقديم المقابلات والحوارات مع أي شخص كان، وبدون قيود، خلال رحلات العودة أثناء رحلاته.

وبمجيء خليفته، فإن المكتب الصحفي للكرسي الرسولي يعود إلى صحفي علماني كمديرٍ له، وكعضوٍ في الـ"أبوس ديي"، كما كان الحال مع يواكيم نافارو فالس لعدة سنوات: إنه غريغوري جوزيف بورك، المولود من عائلة كاثوليكية في سانت لويس في تشرين الثاني عام 1950. درس في مدرسة يديرها اليسوعيون. وعام 1983 تخرج من جامعة كولومبيا في نيويورك بدرجة علمية في الأدب المقارن. وفي تلك السنوات تعرّف على "أبوس ديي" وصار عضوًا فاعلًا متمسكًا بدعوته في العزوبية. تخصص فيما بعد في الصحافة، وعمل مع وكالة "يونايتد برس انترناشونال" في شيكاغو، ومن ثم في الصحيفة الأسبوعية المتروبوليتان، وأصبح فيما بعد المراسل الصحفي في روما للصحيفة الأسبوعية "ناشونيل كاثوليك ريجيتسر"، كما عمل مع مجلة "تايم" وصار مراسلها الصحفي عام 1994. وبعد سبع سنوات، التحق بالعمل في التلفزيون كمندوب صحفي لـ"فوكس نيوز" في روما، واحتفظ بهذا المنصب حتى تموز 2012 عندما تم استدعاؤه عل عجل خلال عاصفة الفاتيليكس للعمل في قسم الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان، كمستشار للاتصالات. وفي كانون أول عام 2015 تم تعينه نائبًا لمدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، حيث مارس مهامه ابتداءً من الأول من شباط 2016.

البارز أيضًا هو اختيار بالوما غارسيا أوفيخيرو كنائبة له. ولدت في مدريد عام 1975، وتخرجت بدرجة جامعية في الصحافة في اسبانيا، كما حصلت على درجة الماجستير في الاتصالات من جامعة نيويورك، وعملت كمراسلة صحفية في روما لثلاث سنوات لـ"هيئة الإذاعة الكاثوليكية راديو كوبيه". إن الانتقال للعمل الجديد سيسري مفعوله في الأول من آب المقبل، في حين سيرافق الأب فيديريكو لومباردي البابا فرنسيس في رحلته إلى بولندا، أواخر تموز، للمشاركة في الأيام العالمية للشبيبة في كراكوفيا.