موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٩ ابريل / نيسان ٢٠١٦
الأب باولو دالوليو... ألف يوم من الصمت

بقلم: ريكاردو كريستيانو ، ترجمة: منير بيوك :

<p dir="RTL">&quot;لقد كان غياب باولو مؤلماً جداً لأنه رجل مثقف جداً، قدم حياته في خدمة الحوار والسلام، ودافع عن حقوق الإنسان في هذه المنطقة المنكوبة&quot;. بهذه الكلمات تحدث بطريرك الكلدان لويس ساكو عن الكاهن اليسوعي باولو دالوليو، وذلك قبل مرور ذكرى الألف يوم على اختفائه. ولكن لماذا بات الحفاظ على ذكرى الأب دالوليو حية أمراً مهماً، ليس كثيراً بالنسبة لنا، ولكن بالنسبة للسوريين؟ فقصة اليسوعي الإيطالي متصلة بصورة موضوعية باثنين من الأساقفة، وهم أسقف السريان الأرثوذكس مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وأسقف الروم الارثوذكس المطران بولس يازجي اللذين اختطفا قبله في سوريا في 22 نيسان 2013. فليس من المستغرب أن يدعو البابا فرنسيس لإطلاق سراحه مرة أخرى يوم الأحد. وقعت عمليات خطف مثيرة، مثل عمليات الخطف هذه الثلاث، للعديد من السوريين الذين تم اختطافهم أو اختفوا من الوجود في الدوامة السورية المظلمة منذ سنوات. ولعل هذا هو السبب الذي يدفع السوريين إلى تذكر الكاهن الذي صار واحداً منهم حتى النخاع.</p><p dir="RTL">فقبل يوم أو نحو ذلك من 29 تموز 2013، وعلى الرغم من أنه كان على بينة من حقيقة أن مرسوم الطرد الأخير يعني أنه كان تحت مراقبة خاصة، إلا أن الأب دالوليو كان غير قادر على التخلي عن مهمته التي تنطوي على البقاء الى جانب الشعب السوري. كان قراره عفوياً ومفهوماً. في الواقع، أضاف، في رسالته إلى بعض الأصدقاء ملحوظه تقول: &quot;تذكروني في صلاتكم إذا تمكنتم من ذلك&quot;. من يدري ماذا فهموا من هذا: لكنه كان قد فهم كل شيء. لم يقم بمخاطر شخصية كثيرة في حسبانه، فالخطر كان ما يواجهه السوريون في بحثهم عن طريقة حياة تتسم بالديمقراطية في الرقة، وهي المدينة التي سرعان ما سقطت بأيدي الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكان لذلك تداعيات رهيبة جديدة. لقد أصيب العديد بالدهشة, لكن لا أعتقد أنه كان كذلك بالنسبة له.</p><p dir="RTL"><strong>الكنيسة التي تسير للأمام. الشمولية، والحكومة المكونة من الشعب</strong></p><p dir="RTL">يقول ميشيل ويس في مقال نشرته صحيفة ديلي بيست (<span dir="LTR">the Daily Beast</span>) أنه دخل من تركيا. وكان يجتمع بانتظام مع لاجئة مسيحية أرثوذكسية سورية تدعى هند عبود كبوات: &quot;كان يقول لي دائماً:<span dir="LTR">&#39; </span>هند، لا يمكننا أن نجلس ونلقي محاضرات على الآخرين. نحن بحاجة للذهاب إلى الشعب. لأن هذا هو الحرية والديمقراطية، من الشعب وإلى الشعب. هذا هو ما يريده يسوع بالضبط وما قد فعله يسوع. فهو لم يجلس في بيته<span dir="LTR">&#39;</span>.&quot; وقال أنه كان يتحدث مع هذه المرأة عن الكنيسة التي تسير للأمام. وفي إحدى المرات&nbsp; توجه إلى غازي عنتاب، على الحدود التركية السورية، حيث أجرى معه الصحفي السوري رامي جراح مقابله، تم نشرها في الآونة الأخيرة فقط على الشبكة العنكبوتية. ولربما تكون هذه المقابلة قد وصلت إلى جوهر رؤية السير للأمام. تقول المقابلة: &quot;أصدقاء سوريا الأعزاء،إذا أغلق كل فرد منا عقله، واعتقد أن الأمور ستسير كما نريد لها، فإننا سنصاب بخيبة أمل. إلا أنه بهذه الطريقة فإنهم سيسيرون كما يريد الشيطان لهم، وبذلك فإننا سنفقد البلاد، ونفقد الواحد تلو الآخر. أصدقائي الأعزاء، دعونا بدلاً من ذلك نفكر عما يمكننا القيام به لاستعادة البلد مرة أخرى على طريق التفاهم، والتعايش السلمي، والإخاء، والديمقراطية الناضجة&quot;.</p><p dir="RTL">بدأت من هنا الجهود الرامية إلى وضع حد للطرق الإستبدادية، مدركين أن ما جعل ذلك سهلاً هو الخوف من الغير، وبالتالي الدعوة إلى تبني طريق عقلانية، وإلى رؤية كل فريق في المجتمع على أنه إثراء متبادل، بدلاً من أن يكون خطراً. &quot;فوحدتنا الوطنية سقطت من الأعلى، كما هو الحال في الدولة النابليونية. هذا هو الماضي الذي لم يعد يصلح. نحن الآن نريد وحدة من الأسفل إلى الأعلى تبدأ من رغبة المواطنين، وتبشر بعلاقات جيدة مع جميع جيراننا. فالتركمان يقدمون علاقاتهم الخاصة مع تركيا، والأكراد والدروز يقدمون علاقاتهم الخاصة مع إخوانهم في المنطقة، والشيعة يقدمون علاقاتهم الخاصة مع الشيعة الآخرين في جنوب لبنان والعراق وإيران. لما لا؟ كل منا لديه أصوله الخاصة به، أنا كاثوليكي وقد جئت من روما، ما هو الخطأ في ذلك؟ إذا كان الشخص مسيحي أرثوذكسي فإنه سيجلب إلى المقدمة العلاقات الخاصة مع اسطنبول، واليونان، وروسيا&quot;. في سياقات معقدة تميزت بالمعاناة تتحقق الديمقراطية بالشمولية. يبدو أن هذا الرسالة الحقيقية التي رغب اليسوعي أن يمررها عبر قناعته بالحاجة الملحة لتشكيل حكومة من العامة. فكرة &quot;نزيهة&quot;؟ ما هو البديل لهذه &quot;الصراحة&quot;؟ فليس من المستغرب أن المقابلة استمرت على هذا النحو: &quot;نحن بحاجة لوضع كل هذه القوميات في إطار من التفاهم يتميز بالعقائد الدينية. فبعضنا يقول بأن &quot;الدين لله والوطن للجميع&quot;. فليس كل شخص معجب بهذه العبارة التي صاغها فارس الخوري (مؤسس الاستقلال السوري). يعتقدون أنه لا يمكن للوطن أن يخص كل شخص إذا لم نجعل الله خارجه. أنا لا أتنكر لهذا القول الذي يغرم به بدرجة كبيرة السوريون المسيحيون والمسلمون، لكن أريد بلداً تعددياً يتسم بالوفاق، حيث تسود العقائد الدينية، وبعبارة أخرى بلد حيث يحب الناس بعضهم البعض لأنهم بشر ولأنهم خليقة الله، مما يعني أن لديهم حقوق وكرامة تستحق الاحترام. فالعقائد الدينية تعني أن ينظروا إلى بعضهم البعض كما ينظر الله في مخلوقاته. هذا يعيدني إلى التفاؤل والاستعداد لبناء سوريا التي نريد: برلمان، رئاسة، فيدرالية، وسورية موحدة، كما كان في السابق أو بمزيد من الحكم الذاتي الإقليمي... سوف نبنيه كما نريد!&quot; الحقوق والكرامة، وأعني &quot;مواطنة&quot; واحدة ومشتركة.</p><p dir="RTL"><strong>العنصر الحاسم للمواطنة</strong></p><p dir="RTL">وعندما وصل في الرقة، كان في استقباله الحشود &quot;المعتادة&quot; حيث حدد أهدافه: &quot;لقد جئت هنا، بدافع من خبر محزن يتعلق بخطف صديقي أحمد الحاج صالح. لقد رحب بي ترحيباً إبراهيمياً في تل أبيض عندما مررت من هناك في شباط... لقد جئت لأسأل السوريين، وأذكر السوريين بأن أسأل نفسي: في الأساس، أيها السادة، دعونا نفعل شيئاً لاستعادة السلام والتركيز على تحقيق الهدف الصحيح، وهو الحرية لجميع السوريين. والحفاظ عليها! &quot;ربما ذهب لتناول العشاء في منزل صديقة عزيزة عليه هي المرأة المسلمة سعاد نوفل. ولربما خرجا معاً حيث تعودت السير على الأقدام إلى مقر الدولة الإسلامية في العراق والشام المحلي بعد العشاء، والوقوف هناك لابسة سروالاً أسوداً تطالب بحقوقها كإنسان&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>الأخت فرانشيسكا تتحدث</strong></p><p dir="RTL">إن الإختطاف الذي قام به مسلحو الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي لم تعلن فيه الدولة الإسلامية في العراق والشام مسؤوليتها عنه، أدت إلى بروز جميع أنواع التكهنات التي أججت الجروح. قالت الأخت فرانشيسكا دالوليو: &quot;إن هذه الأيام الألف، التي تتسم بالريبة والقلق على مصير باولو، والتي ترافقت مع تدفق الأخبار المتناقضة، تركت أثراً صعباً جداً في نفوسنا جميعاً. ولكن ما نعرفه أيضاً بالتأكيد هو أنه بالنسبة لباولو، كان هذا ما أراده أن يكون، وذلك تمشياً مع &rsquo;دعوته&lsquo; لأن يكون إلى جانب الشعب السوري المدمر الذي يحبه كثيراً، كونه راعياً لخرافه&quot;.</p>