موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٨ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
الأب ألبير هشام نعّوم يكتب: التطوّع عملٌ إلزامي في المسيحية!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

<p dir="RTL">فقد الجانب التطوعي أهميته في عالم اليوم الذي طغت عليه المصالح، ولكنّه يبقى ضروريًا لعيش الإيمان المسيحي. والإيمان بالمقابل مهم لنعيش التطوّع بصورته السامية. هناك من لا يهمّه جانب الإيمان بتاتًا وهناك من فهموه خطًأ! وذلك بسبب الهوة العميقة الموجودة بين إيمانهم وواقعهم، فيعيشون الإيمان داخل الكنيسة فقط، ويعيشون الواقع بعيدًا عن الله. ولهذا السبب لم يستطيعوا أن يتطوعوا! لنفهم أولاً ما هو طبيعة العمل التطوعي؟</p><p dir="RTL">إن صعوبة واقع حياتنا اليوم تتمثل بثقل المسؤوليات الملقاة علينا، وبكثرة القوانين والشرائع والـ&quot;يجب&quot; المفروضة علينا. ولكننا نشعر في الكثير من الأحيان بأن <strong>قيمة حياتنا لا تتوقف على قدر ما قمنا بما هو مفروض أو واجب علينا</strong>، بل بقدر <strong>الأفعال التي نبعت من داخلنا</strong>، من قلبنا، وبحريتنا دون أن تدفعنا إليها شريعة أو واجب أو قانون أو مجتمع. ففعل المحبة الذي نقوم به بكل حرية دون ضغوط خارجية، هو أسمى بكثير من كل أعمال المحبة التي نقوم بها لأنها مطلوبة منّا من قِبل الآخرين (<strong>بطريقة مباشرة أو غير مباشرة</strong>). <strong>الفرح الداخلي هو مقياس حياتنا</strong>.</p><p dir="RTL">والجانب الإيماني، في هذا المجال، لا ينفصل أبدًا عن الجانب الإنساني، بل ينطلق منه ويوجِّه الإنسان إليه. فالمؤمن هو إنسان قبل كل شيء، والإيمان الذي لا يزرع الإنسانية في قلب الإنسان، فهو إيمان باطل. والعكس صحيح؛ إن الإنسانية تسمو لتصل إلى مستوى الإيمان، فيصبح العمل التطوعي مسيحيًا أيضًا!</p><p dir="RTL">إحدى صفات العمل التطوعي &quot;الإنساني الإيماني&quot; أنه &quot;<strong>شامل</strong>&quot;، أي يشمل جميع الناس مهما اختلفوا عنّا في ديننا أو طائفتنا، إذ يتجاوز المتطوع كل هذه الحدود في سبيل الخير الأسمى وهو خدمة كل إنسان &quot;قريب&quot;. ومن الصفات الأخرى أنّه <strong>مجّاني</strong> &quot;مجانًا أخذتم، مجانًا أعطوا&quot;، المجّانية ليست فقط في الإعطاء دون مقابل مادّي، وإنما القبول أيضًا بأن نختفي ولا يظهر اسمنا ويشتهر بسبب عمل الخير الذي قمنا به. وبهذا المعنى، <strong>العمل التطوعي في المسيحية هو عمل إلزامي. </strong></p><p dir="RTL">أمّا روحانية العالم اليوم مختلفة، <strong>فالبطل اليوم ليس من يقوم بعمل الخير بل من يقتل وينهب</strong>. ووسائل الإعلام تتهافت على نقل أعمال الشرّ ولا تلتفت إلى أعمال الخير. وحتّى روحانيتنا نحنُ، نركز فيها في مظاهر الإيمان وليس على العمل ذاته. التطوّع يطهّر مسيحيتنا من هذه المظاهر ويجعلنا نعيش إيماننا في الواقع.</p>