موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
افتتاح دورة مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان العادية الـ53

بكركي – أبونا :

افتتح البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، صباح اليوم الاثنين، الدورة العادية الـ53 لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان.

وتتناول الدورة موضوع: "الكنيسة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي"، بالإضافة إلى الشؤون الإدارية المختصة بالمجلس.

وألقى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي كلمته، جاء فيها: "تتزامن دورتنا مع مستجداتٍ جذريةٍ على مستوى شباب لبنان وشعبه الذين انتفضوا، بعد طول صمتٍ، وربما لإحباطٍ أو إهمال، إنتفاضة تاريخية، تجاوزوا فيها الانتماء الطائفي والمذهبي والحزبي، واصطفوا تحت راية الوطن، وها هم في يومهم السادس والعشرين. وهكذا بينوا للجميع أن الانتماء بالمواطنة يفوق كل انتماء آخر، وعادوا بنا، بعد مئة سنةٍ، إلى القاعدة الأساسية التي قام عليها النظام اللبناني وهي الانتماء بالمواطنة لا الانتماء بالدين. فكان لبنان إستثناء لجميع البلدان المحيطة ونموذجا. ويتناول موضوع دورتنا لغة شباب اليوم، وهي ’وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي‘، بكل تقنياتها الجديدة. إننا ككنيسة مدعوون لنخاطب أجيالنا الجديدة الطالعة بلغتها هذه التي هي اليوم الأريوباغس الجديد، والمنبر الجديد، والمذبح الجديد".

وأضاف: "بهذه اللغة تحتضن الكنيسة شبابها، تخاطبهم، تصغي إليهم، تحاورهم، تستمع إلى همومهم، تقدر رأيهم؛ فعليهم، كما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني: ’تعول الكنيسة لإعطاء الحياة الكنسية والحياة الاجتماعية إنطلاقة جديدة‘ (رجاء جديد للبنان، 51). فلا بد من تهيئة كوادرهم لهذه الغاية. بواسطة وسائل التواصل الرقمي هذه ’تنقل الكنيسة إليهم وإلى جميع الناس الحقيقة، أساس كل كرامةٍ بشريةٍ، وتنشر معها القيم الروحية والخلقية التي تتيح لكل واحدٍ وواحدةٍ منهم أن يتصرف يوميا باستقامة، وينمي شخصيته في مختلف أبعادها‘ (المرجع نفسه، عدد 111). على هذه الأسس ينبغي بناء كوادر المستقبل. لقد قال الشباب والشعب كلمتهم بشكلٍ حضاريٍ وبصوتٍ واحدٍ: إنهم فقدوا الثقة بالقادة السياسيين، ويريدون وجوها نظيفة معروفة بأخلاقيتها وقدراتها وكفاءاتها وإنجازاتها، لإخراج البلاد من أزمتها الإقتصادية والمالية المنذرة بالانهيار. طالبوا بحكومةٍ حياديةٍ متحررةٍ من السياسيين والأحزاب، لكي تستطيع إجراء ما يلزم من إصلاحاتٍ في الهيكليات والبنى، ومكافحة الفساد وضبط المال العام. ومن المؤسف جدا أن هناك من لا يعنيه صوت الشباب والشعب وانهيار الدولة فيعرقل مسيرة النهوض لأهدافٍ وأغراضٍ ومكاسب خاصةٍ. فنقول لهم بإسم الشباب والشعب: لا يحق على الإطلاق رهن مصير الدولة، بكيانها وشعبها ومقدراتها، لمصلحة شخصٍ أو فئة، مهما توهموا أنهم أقوياء وراسخون. فلا أحد أقوى من الشعب وشبابه ليزدري بهما".

وتابع: "مئات الألوف من الشباب يهيئون مستقبلهم على مقاعد مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا الفنية. إنهم جزءٌ من أسرنا التربوية. فينبغي أن يشعروا بدفء محبة الكنيسة وعنايتها بهم، وهمها بواقعهم ومستقبلهم في الوطن اللبناني الذي من أجله يناضلون في هذه الأيام. فلتبق الكنيسة من خلال مؤسساتها ملاذهم، لكي يلجأوا إليها كأمٍ حنون. أظهرت بالأرقام في رسالتي الراعوية العامة: ’خدمة المحبة الاجتماعية‘ (25 آذار 2017) مدى اهتمام الكنيسة بأبنائها وبناتها. واليوم بالرغم من الضائقة الاقتصادية والمالية الخانقة، تجد الكنيسة نفسها أمام واجب إذكاء شعلة الرجاء في قلوبهم بالمزيد من احتضانهم ومساعدتهم من خلال مؤسساتها التربوية والصحية والاجتماعية، ومنظماتها الاجتماعية، ولاسيما رابطة كاريتاس لبنان التي هي الجهاز الراعوي الاجتماعي الرسمي للكنيسة في لبنان. وإذ ندرك ما تمر به المدارس والجامعات من صعوباتٍ ماليةٍ بسبب فقر شعبنا، فإنها مدعوةٌ لترشيد الإنفاق والابتعاد عما هو كمالي، ولو كان ضروريا، ولتجميد الأقساط هذه السنة، ومطالبة الدولة بدعم الأهالي في تحمل جزءٍ من الأقساط صونا لحرية التعليم. إننا نقدر كل التقدير حجم المساعدات المالية التي تقدمها مؤسساتنا الكنسية على هذا الصعيد".

وقال البطريرك الراعي: "في إطار موضوع التواصل، الذي يشكل الوسيلة الفعالة للتواصل مع الأجيال الرقمية، ترانا ككنائس، ذات تراثاتٍ مختلفة، نؤلف جسدا واحدا متنوع الأعضاء والمواهب والخدم. فبمقدار ما نعيش التواصل فيما بيننا، نستطيع أن نتواصل مع أبناء كنائسنا وبناتها عامة، ومع الشباب المعاصر على اختلاف دينه وثقافته وانتمائه ولونه. عندما نقول تواصلا إنما نعني أيضًا ’شركة‘ مع الآخر و’انفتاحا‘ عليه، وبالتالي مشاركة وتقاسما للتراث والقيم المشتركة. هذا هو في آن غنى تقنيات التواصل الاجتماعي، والتحدي الناتج عنها، والكنيسة مدعوةٌ لاستثمار هذا الغنى، ولرفع هذا التحدي"، آملاً "من خلال المداخلات والنقاشات التوصل إلى رسم خطةٍ تعتمدها الكنيسة في راعوية وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والرقمي".