موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
احترام الرأي الآخر والقانون

محمد سويدان :

نعم، نتحدث باستمرار عن الحوار وضرورة الاستمتاع لوجهة النظر الأخرى، وضرورة احترام الاختلاف وضرورة عدم الانصياع نحو الاتهام الجاهز، دون أدلة أو إثباتات، أو الانجرار نحو العنف بأي شكل من الأشكال.
ودائما نطالب بعدم اللجوء إلى النهايات العنيفة، والتعامل بكل حضارية عندما نعترض أو نختلف أو نحاسب، ودائما نؤكد أن القانون هو الحكم في كل قضايانا.

ولكن ذلك، للأسف، لا يحدث، مع أننا جميعا، نتحدث عن ضرورة ضبط النفس، وعدم الانجرار للعواطف أو ردود الفعل المنفعلة، والالتزام بالهدوء والتصرفات والمسلكيات المنضبطة التي لا تضر الآخر، أو تسيء له، والملتزمة بالحوار والقانون.

نتحدث باستمرار، أنه لا يجوز أن نلجأ لأي أساليب عنيفة، عندما نختلف مع الآخرين، ولكننا نتناسى ذلك عندما يحدث معنا ذلك، فنلجأ للعنف.. نتحدث كثيرا حول المفاهيم والديمقراطية والحوار واحترام الآخر، ولكن عند الممارسة لا نفكر بكل ما نقول، وننظر ونمارس ما ننهى عن فعله، وكأنّ ما نقوله فقط للتباهي وللمظاهر، وما نؤمن به عكس ذلك على الإطلاق.

هذا ما نشاهده ونلاحظه في الكثير من الناس والجهات والمؤسسات.. هناك حديث طويل عن الديمقراطية والحوار، ولكن فورا وعند الفعل، تصبح الأمور عنيفة، ولا نقبل الاختلاف، ونبدأ بممارسة عدوانية، تثبت أننا لا نؤمن بما نقول ونتحدث وننظّر.

كيف يمكن تغيير هذا الواقع المرير؟ وكيف تصبح الأقوال والأفعال متطابقة؟ كيف يمكن أن نكون ديمقراطيين في كل الأوقات وليس فقط بالقول؟

هذه أسئلة ليست جديدة بل هي قديمة، وتظهر دائما عندما تقع ممارسات غير ديمقراطية وعنيفة، فنبدأ بالحديث عن هذا التناقض بين الفعل والقول.

أعتقد أن القضية معقدة جدا، ولديها أبعاد وتشعبات عديدة، ولا يمكن حلها، فقط، من خلال تقديم بعض الإجابات، والتأكيد على أهمية الحوار واحترام الآخر مهما اختلفنا معه، ما دامت هناك علاقات وقواعد مشتركة معه. وما دام ليس عدوا، مهما كان اختلافنا معه.

أعتقد أننا يجب أن نعيد النظر في التربية والتعليم، بدءا من الأسرة والحارة والمنطقة، وانتهاء بالمجتمع، هذه الدعوة ليست جديدة، وهي قديمة جدا، ولكن لا نلبيها بالشكل المطلوب.

علينا أن نضغط لتطبيق القانون على الجميع، وفي كل الحالات، وأن لا يكون هناك أي تهاون على هذا الصعيد، فالتهاون بتطبيق القانون، يسمح للمخالفين والمعتدين وغيرهم بالتهرب من العقوبة، ويسمح لهم بالتغول على حقوق الآخرين.

التلكؤ بالتعامل مع هذه الملفات يفاقمها، ويجعل الجميع عرضة للاعتداء والخوف والرعب، ويبعدنا عن المجتمع المدني الملتزم بسيادة القانون.

(الغد)