موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٩ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٤
إعلان قداسة جوفاني أنطونيو فارينا.. "المحبة تصبر"

نقلته إلى العربية الأخت رانيا خوري :

بقلم: دومينيكو أغاسو - تورينو

هو قديس عاش في القرن التاسع عشر، وقضى معظم ذلك القرن (1803- 1888)، بين ترفيزو Treviso وفيشنزا Vicenza؛ هي حقبة جمعت الكثير من القديسين مثل دون بوسكو، كوتولينجو، وفتاة لورد الصغيرة برناديت سوبيرو، أنطونيو روزميني، خوري آرس يوحنا ماريا فيانيه، رائد الإرساليات في إفريقيا دانيال كومبوني والطوباوي البابا بيوس التاسع الذي ملك طويلاً على عرش بطرس. جاء هذا الإزهار المفاجئ للقداسة، بعد مرور بضعة أعوام على الثورة الفرنسية التي أودت بحياة العديد من الكهنة والراهبات الذين لقوا حتفهم بمقصلة الثّوار. هو أيضاً قرن الحروب والثورات، وقد أدى إلى ولادة دولة جديدة هي "إيطاليا الموحدة"، كما شهد ذلك القرن أيضاً نهاية السلطة الزمنية للبابا. كانت إذن مائة عام من الدم والقداسة والفقر.

في تلك الحقبة التاريخية الصعبة التي عاصرها، قام جوفاني أنطونيو فارينا ببناء قداسته الشخصية وذلك من خلال اختياره المبكر للكهنوت، وكذلك من خلال تأسيس رهبنة نسائية جديدة - راهبات القديسة دوروتيا المعلمات، بنات القلبين الأٌقدسين – المكرسة لرعاية وتنمية الأطفال والفتيات الفقيرات والمتروكات والصم والعمي، والتي أخذت تعنى فيما بعد بالمرضى وكبار السن ايضاً. وفي نهاية المطاف سيم أسقفاً لأبرشية Treviso ثم أبرشية Vicenza ليقود شعب الله.

حياة طويلة في خدمة الفقراء والكنيسة، لكنها تميزت أيضاً بلحظات المعاناة والوحدة والتعب وسوء الفهم التي سببها له حسد كهنته وضغينتهم. عانى كثيراً من الهجمات الشرسة التي قام بها المعادين لرجال الدين، غير أن ما آلمه بالأكثر الاتهامات والتمرد والإهانات التي طالته من قبل رجال الكنيسة أنفسهم، أولئك الذين كان ينتظر منهم عوناً، لدرجة أن رجال الكنيسة هؤلاء قاموا بمنع راهباته من رؤيته لحظة الموت ومرافقة جنازته!.

إن جوفاني أنطونيو فارينا بالإضافة لمحبته وأعمال الخير، قام بممارسة الصبر المسيحي بطريقة رفيعة وعجيبة. فقد تحمّل التجارب الرهيبة، وكان يرد على الشر دوماً بالخير وفقاً لمبدأ الإنجيل. كان على مثال الأب الرحيم، دائم، الاستعداد للانتظار الصبور والاستقبال ومنح الغفران للأبناء الضالين الذين يعودون إلى البيت تائبين. لم يرد أن يفقد أحد ممن منحه الله إياهم. بل كعبد الرب المطيع لم يستر وجهه عن التعييرات والبصاق، عالماً بأن الله لن يرذله. هو العبد الذي لا يرفع صوته، لا يطفئ الفتيلة المدخنة ولا يكسر القصبة المرضوضة.

كان فارينا أسقفاً وفق قلب البابا فرنسيس، القادم من أقاصي العالم ليعلن قداسته: راع تعبق منه رائحة الخراف، صبور، رحيم دائم القدرة على منح غفران الله، هو أيضاً راع فقير لكنيسة فقيرة، دائم الانحناء على جراح الحياة على مثال السامري الرحيم. هذا هو جوفاني أنطونيو فارينا المؤسس والأسقف. هو بكلمة واحدة، قديس.