موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٩ يناير / كانون الثاني ٢٠١٥
إبراهيم غرايبة يكتب: "حجّة إسلام"

إبراهيم غرايبة – الغد الأردنية :

أن تصدر جهة رسمية وثيقة تثبت أن المواطن فلان مسلم، هي مسألة تحتاج إلى توقف! لماذا حجة الإسلام؟ ماذا تضيف إلى عقيدة الشخص أو تنقص منها وثيقة تؤكد أنه مسلم؟ ماذا يضير المواطن أو يمنعه أن يكون مسلما أو مسيحيا أو بوذيا أو ما شاء من الأديان والمذاهب والملل والنحل، وفي الوقت نفسه تشير بطاقته الشخصية إلى أنه مسلم أو مسيحي أو "=" (إشارة توضع في بطاقات من هم ليسوا مسلمين ولا مسيحيين)؟

لنواجه أنفسنا بصراحة: أيهما أفضل؛ أن يكون الشاب متطرفا منتميا إلى "القاعدة" و"داعش"، أم يكون مسيحيا؟ أو مسلما معتدلا في إطار الاستيعاب الثقافي والاجتماعي للكنيسة؟

الكنيسة يمكن أن تساعد في مواجهة الكراهية والتطرف والتخفيف منها، ويمكن أن تساعد في الاستيعاب الاجتماعي والتأهيلي لفئات من الشباب المحتاجين لذلك. أو على الأقل، لم لا تكون هناك خيارات متعددة أمام الشباب، فلا تكون جماعات التطرف والكراهية هي المتاحة فقط؟

طبعا، هناك ردّ بأمثلة وحالات صحيحة عن الكراهية المسيحية، لكنها حالات وأمثلة غير أردنية. ولا خوف ظاهرا أو متوقعا من جماعات مسيحية متطرفة في الأردن، بل العكس تماما؛ فالمتوقع في السلوك والاتجاه المسيحي الأردني هو السلام والتعايش والمحبة، وللمسيحيين الأردنيين مصلحة في التسامح والاعتدال، ولا مصلحة لهم ولا رغبة في التطرف والكراهية.

سوف يردّ مسيحيون بأنهم لا يفضلون ذلك، ولا يريدون أن يفتحوا بابا للصراع والكراهية، وأنهم يفضلون ألا يتحول مسلم إلى المسيحية؛ ويؤيدون بدلا من ذلك سياسات للتعايش وعدم الاستهداف، بمعنى ألا يستهدف المسلمون تحويل المسيحيين والعكس أيضا.. وأن تعالج الحالات الفردية بهدوء وتسامح وواقعية. ولهذا الردّ مبرراته الوجيهة، وقد يكون بطبيعة الحال هو الخيار المفضل.

تبقى مسائل الميراث والحضانة والزواج المختلط. وأظن أن هناك مجالا لحل بسيط وواقعي؛ أن يترك لمن تزيد أعمارهم على 21 عاما حرية الزواج من بعضهم بغض النظر عن دينهم. ويمكن إلغاء الإشارة إلى الدين في وثائق الزواج والعائلة، فليس ثمة قانون يلزم بذلك. أما الذين تقل أعمارهم عن 21 عاما، فيكون ذلك بموافقة والدي الشاب والفتاة. والدولة تمنح المواطنين المتزوجين الوثائق والشهادات التي يحتاجونها من دون حاجة للتنسيق مع المؤسسات الدينية، فالدولة صاحبة ولاية تتخطى المؤسسة الدينية؛ إسلامية كانت أم مسيحية، وتنظم علاقتها بالمواطنين وخدماتها التي تقدمها لهم وفق الدستور والقوانين، ولا تحتاج في ذلك إلى المؤسسة الدينية. وطبعا، إذا كان التنسيق والانسجام ممكنا مع المؤسسة الدينية؛ الإسلامية والمسيحية والبهائية وغيرها من الأديان المتبعة لدى المواطنين والمقيمين، فهذا خير وبركة، وإن لم يحدث ذلك فالدولة صاحبة ولاية.

ولا يعقل أبدا أن يكون هناك تمييز ديني في الميراث والحضانة. هاتان مسألتان ليستا دينيتين، ولكنهما من حقوق المواطنين الأساسية التي لا يجوز المساس بها، ولا يجوز حرمانهم منهما بسبب الدين.

وفي جميع الأحوال، فإن استفزاز المسيحيين وغير المسلمين بعامة من المواطنين والمقيمين والزوار، والتعدي على كرامتهم، لا يفيد الفكرة التي يدعو إليها المسلمون. ومن المعيب والمخجل أن تستقوي الأغلبية على الأقلية أو تستفزها؛ ففي الثقافة السوية، تمنح الأقلية تمييزا إيجابيا، وتُترك لها فرص قد لا تعطى للأغلبية، فيكفي الأغلبية أنها أغلبية!