موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٤
أين الشرق العربي من الشرق الأوسط؟

أ. د. عصام سليمان الموسى :

نقلاً عن "الرأي" الأردنية

حين تأسست الامارة الأردنية عام 1921 على يد المغفور له الملك عبد الله الأول، وبعد ان نالت اعتراف الدولة المنتدبة بريطانيا باستقلالها عام 1923، صدرت ذلك العام أول جريدة مطبوعة شهدتها هذه البلاد تحمل اسم (الشرق العربي). وتوقفت الجريدة عام 1926، وتحولت الى «الجريدة الرسمية» التي لا تزال تصدر وتنشر فيها القوانين. واستمرت هذه التسمية، الشرق العربي، ذات المدلول القومي الكبير معمولا بها في الدوائر الأردنية حتى عام 1928، ثم الغيت بقرار من رئيس الحكومة وقتئذ.

من المؤكد ان هذه التسمية جاءت على يد الرواد الأوائل الذين أسسوا الإمارة معلنة بزوغ فجر جديد في تاريخ النهضة الحديثة، فحين قامت الثورة العربية كانت الرؤية تتحدث عن وطن عربي موحد في آسيا العربية، حدده الشريف الحسين بن علي -طيب الله ثراه- بمراسلاته مع مكماهون. وانطلقت الثورة العربية على أساس ذلك الوعد، وخاض غمار المعركة الحاسمة مائة الف محارب حققوا النصر الذي اختطف منهم.

لقد تحدث الحلم القومي في مطلع القرن الماضي عن شرق عربي موحد يضم كل أقطار العروبة في آسيا العربية. اصداء هذه المرحلة أوجدت فكرا اندماجيا شفافا تعلمناه في الطفولة في كتاب (القراءة العربية) الذي غرس في النفوس النقية كلمات التصقت بالروح تقول: «أنا عربي، قلبي عربي، لساني عربي...»؛ كما وجادت نهضة تلك الأيام بشعر صدحت به حناجرنا الشابة في المدرسة:
بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدان
ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ
فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا
لسان الضَّادِ يجمعُنا بغـسَّانٍ وعـدنانِ

لكن بعد ان تناسى الزمن (الشرق العربي) وانشغلت الأوطان بمعارك جانبية كثيرة، انبثق مصطلح اوجدته دوائر الاستعمار الاستخباراتية، فولد مصطلح (الشرق الأوسط)، الذي لا صلة له بتاريخنا. وتمسكنا به، وكررناه صبحا ومساء، فتجد الأبواق تتحدث عن «صراع الشرق الأوسط»، وعن دول الشرق الأوسط، وعن جامعات وشركات تحمل ذلك الاسم.

ومؤخرا ألغت تلك الدوائر مصطلح «العالم العربي» من سجلاتها، ودشنت مكانه مصطلح «الشرق الأوسط وشمال افريقيا».

والسؤال: هل وصلنا الى نهاية الحكاية؟ أم هل نتحدى القدر الذي تصوغه تلك الدوائر؟ هل نرجع للجذور، ونفتح صفحة جديدة، ونعيد الهوية لمشرق عربي يبزغ منه فجر جديد -كما حاول أجدادنا قبل مائة عام-؟