موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢٤ يناير / كانون الثاني ٢٠١٥
أسبوع الوحدة

,المطران جورج خضر :

نقلاً عن "النهار" اللبنانية

الحديث عن الوحدة المسيحية في هذا الموسم كالحديث عن حريق لم نعطَ معرفة اطفائه. يؤلمنا جداً ونتوق إلى إطفائه والإطفاء بيد الله. والمحزن اننا صادقون في اللوعة والجرح قائم ولا أحد يتمسك بالانقسام كما لا أحد يعرف الدواء. هل الصلاة المشتركة للوحدة دليل عجزنا عن وضع مدماك في بنائها؟ كيف نكف عن الدعاء؟ هل نعطاه في الزمان الحاضر أو القريب إن صلينا كثيراً؟ كل ما في الدين طبعا رجاء ولكن الرجاء ليس عندنا أحلاماً لأنه قائم على الوعد الإلهي.

نطلب الوحدة من الله لأنها رجاء أي لأنها قائمة فيه وليست معطاة في الراهن الكامل. في رؤية تقوم على المحبة هي محققة في المسيح وفي المتقدسين عند كل فريق. الطاهرون يرونها ولو ممزقين أي انها دائما في القلوب تسبق راهنها. ما يعزيني باستمرار ان أرى في هذا البلد الأرثوذكسيين الأتقياء يحبون الكاثوليك وهؤلاء يحبون أولئك. ذلك لأن الأتقياء من كل مذهب يعترفون بالأتقياء من كل صوب، لأن الانقسامات التاريخية ولو عرفها العارفون لا تصل إلى القلوب.

ما يعزيني حتى البكاء ان الطاهرين في كل كنيسة يحبون الطاهرين في الكنائس الأخرى وكل يرى نفسه واحداً مع الفريق الآخر بحيث يحس ان الآخر في قلبه والقلب يشفي فروق العقول. بمعنى حقيقي وعميق لسنا مفترقين لأننا في حسّ المسيح وعقله واحد وهناك السكنى. غالباً ما سنبقى ممزقين حتى نهاية الدهور ومع ذلك يجب ان نجتهد في سبيل وحدتنا.

كل دارس عنده وصفة لحل المشكلة والأقربون من الحل ليسوا بالضرورة أهل السلطة. قد يكون بابا رومية أو أي رئيس آخر صاحب حل ولكن لا تتصوروا انه يستطيع كل شيء في دائرته. المتقاعسون عن التوحيد كثر ولو كان الكثيرون منهم حسني النية. ولكن الكسل يحكم الكنيسة كما يحكم العالم.

في احساسي المجتمعي الراهن ان جرح الانقسام قائم في جسد الكنيسة وان جل ما تستطيعه في الواقع المؤلم ان تشاهد وتبكي. واجب الصلاة من أجل الوحدة قائم على عواتقنا والمحبة في أدنى مستواها ألا تؤذي الآخر بكلام غير مسؤول وجدل تجاوزناه حقاً من زمان. هذا لا يعني انه يجب ان تقبل الراهن. والأهم في الراهن المعيش ان تحب الآخر من كل قلبك على ما هو عليه من جهل وتعصب أحياناً لأن المحبة وحدها الدواء.

المحبة ان كثرت وتعمقت تملي على القلب ما يجب ان يقول. غير انها جدية لأنها تجهل كبرياء الطوائف. ان تنكسر طائفة في ادعائها التاريخي صعب عليها ولكنه خبرة أساسية للخلاص. المحشورون في طوائفهم بعد ان خسروا الرؤية خطرون على الناس وعلى طوائفهم. من قال لك ألا تتمسك ولكن من قال لك ان تخسر الحرارة في محبة الآخرين؟

أنا متأكد كل التأكد ان القداسة ان عظمت في كل فريق منا قادرة على اتمام الوحدة اذ الله يلهم، إذ ذاك على الأذكياء من اللاهوتيين ان يتفاهموا. اللاهوتيون يريدون الوحدة. لا تشكوا بهم. ولكن العقول المثقفة تكون بطيئة أحياناً. ارحموا أصحابها وانصتوا إلى ما هو حق عندها.

صلّوا وثابروا على الصلاة في مسعانا هذا لأنكم ان طهرتم أنفسكم بالأدعية الطيبة يستجيب الرب لكم. أنا ما قلت ان تنسوا الدراسة. صلّوا وادرسوا. هذان توأمان.
لا تنحصر صلاتكم في أسبوع الوحدة ولا تنقطعوا عن الدراسة. هذا يعني بتعبير آخر ان العقل والقلب معاً هما في سعينا إلى الوحدة.

صح ان المستقبل في هذا لله أيضاً ولكن هيئوا المستقبل بالمحبة وتعميق التأمل اللاهوتي.