موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٧
أذربيجان: الرابطة بين الكاثوليك والمسلمين تمتد لقرن من الزمان

بقلم: كريستينا اوجوشيوني ، ترجمة: منير بيوك :

<p dir="RTL">&quot;آمل بصدق أن تستمر أذربيجان باتباع طريق يؤدي إلى التعاون بين مختلف الثقافات والجماعات الدينية. يوجد لدينا الرغبة في حماية تراث الأديان، وفي الوقت نفسه السعي نحو انفتاح أعمق يحمل ثمارًا أكثر. فعلى سبيل المثال، تجد الكنيسة الكاثوليكية مكانًا لها للعيش في وئام بين الديانات الأخرى التي لديها الكثير من الأتباع، مما يدل بشكل ملموس أن ذلك ليس معارضة ولكنه تعاون يسهم في بناء مجتمعات أفضل وأكثر سلمًا&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>قطيع صغير</strong></p><p dir="RTL">لدى وصول البابا إلى الأراضي الأذربيجانية، كان في استقباله الأب فلاديمير فيكيت، البالغ من العمر 62 عامًا، وهو من الإرسالية السلوفاكية الرسولية لأذربيجان ورئيس بعثة السالزيان في باكو. تضم البعثة ستة كهنة، وثلاثة من العلمانيين المكرسين، واثنتين من بنات مريم لمعونة المسيحيين. وفتحت بعثات خيرية في العاصمة الأذرية أيضًا مركزًا لمساعدة المحتاجين. هؤلاء هم فقط الكهنة والكاثوليك المؤمنون الموجودون في بلد يبلغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة. فقطيع الكاثوليك في باكو صغير. عودة إلى عام 1900، كان هناك حوالي عشرة آلاف كاثوليكي. لكن عندما تسلم النظام الشيوعي السلطة كل شيء تغير. تم تحويل الكنائس إلى ركام، وجرى اضطهاد الكهنة وقتلهم. اليوم هناك فقط ثلاثمئة كاثوليكي يحملون الجنسية الأذرية ونحو ألف كاثوليكي من الأجانب. وفي بقية البلاد لا يوجد سوى أفراد أو أسر.</p><p dir="RTL"><strong>تاريخ طويل من العيش المشترك</strong></p><p dir="RTL">يقول الأب فيكيت: &quot;كان السالزيان متواجدين هنا منذ عام 2000. وقد أرسلهم الكرسي الرسولي بناء على دعوة من الحكومة الأذرية، التي طلبت إرسال كهنة من أجل مرافقة الجماعة الكاثوليكية الصغيرة&quot;. ويضيف: &quot;إن العلاقات بين الكاثوليك والمسلمين جيدة، كما أشار البابا فرنسيس. كانت هذه الأرض مملكة مسيحية لفترة طويلة منذ القرن الأول. وعندما وصل المسلمون، تحول جزء كبير من السكان بصورة تدريجية إلى العقيدة الإسلامية، لكن على مدى قرون كانت هناك دائمًا مجتمعات من المسيحيين واليهود الموجودين حاليًا، كما لم يشكل العيش المشترك مشكلة. يشكل الماضي الجذور الجميلة التي يرعاها الرئيس والحكومة بعناية. فالنشاط السياسي يرمي لدعم العلاقات السلمية والإنتاجية وتشجيعهما. ويتم اعتبار الإسلام بصورة عامة كدين ذات صبغة واحدة، إلا أنه في الوإقع متعدد الأوجه. يتميز المسلمون الأذريون بالإنفتاح والاحترام والتسامح. يتم عقد اجتماعات شهرية مع ممثلي الأديان التقليدية في أذربيجان لسنوات عديدة استمرت لحد الآن مع شيخ من المسلمين في منطقة القوقاز اللهشوكور باشازاده، ورئيس الأساقفة الأرثوذكسي الإسكندر، وممثل عن الديانة اليهودية ميليك يفداييف. فنحن نتبادل الحديث عن حياة إخواننا المؤمنين، ونقدم النصح لبعضنا البعض. إنها فرص مفيدة جدًا لتبادل الخبرات. كما في الغالب نشارك أيضًا في الاجتماعات التي تنظمتها الحكومة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>صوت المسلمين</strong></p><p dir="RTL">يقول احد أصدقاء الأب فيكيت، وهو جوندوز باباييف البالغ من العمر اثنان وخمسون عامًا والمتزوج ولديه ثلاثة أطفال ويرأس إدارة مسلمي القوقاز: &quot;لا يستطيع المؤمنون الحقيقيون تقبل الخوف، بما في ذلك الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا). فيجب أن يكونوا مثالاً يحتذى بتعليم الحب واحترام الآخرين علمًا أن لكل دين صحيح هذا الواجب. في أذربيجان، الانتماء الديني الحقيقي ليس سببًا للإنقسام، فكل شخص يعيش بموجب إيمانه، إنما نؤمن جميعًا بخالق واحد. فأنا شخصيًا لا أجري تمييزًا مبنيًا على الإيمان، إنما احترم أولئك الذين يؤمنون بإله واحد ويسعون لفعل الخير. بلادنا فخورة بالتسامح القائم بين سكانها وأنا مقتنع بأنه يستطيع الكاثوليك أن يسهموا بتعزيز هذا الجانب الفريد من نوعه في أذربيجان&quot;.</p><p dir="RTL">وردد الصحفي قاسم تاليبوف البالغ من العمر ثلاثًا وعشرين عامًا كلمات جوندوز باباييف قائلاً: &quot;يعيش المؤمنون أتباع مختلف الديانات في حالة وفاق ولا يشهدوا أية مشاكل. أعتقد أنه من المهم تعزيز التفاهم المتبادل بحيث يمكننا أن نكون على نحو متزايد أكثر قربًا وانفتاحًا تجاه الآخرين. وكمسلم، فإنني أظهر تسامحًا تجاه كل شخص. وأعتقد أن الكاثوليك يعزيزون التنمية في البلاد من خلال مساعدة كبار السن، والمشردين، والمحتاجين&quot;. أما راسم مسفرالي البالغ من العمر ثمانية وخمسين عامًا، وهو متزوج ولديه ابنتان ويعمل محررًا، فيقول بأنه في حالة وئام مع الكاثوليك. ويضيف: &quot;أعتقد أنه بإمكان المتدينين حقًا (أتباع الديانات المختلفة) الذين يعيشون جنبًا إلى جنب بسلام مساعدة الآخرين على فهم أن هناك إله واحد. برأيي إن التعايش بين المؤمنين في أذربيجان قادر على المساهمة في تقدم البلاد، والمساعدة على تحرير الأراضي المحتلة&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>الحياه في المجتمع الكاثوليكي</strong></p><p dir="RTL">عندما وصل الآباء السالزيان في العام 2000، تمت إقامة كنيسة صغيرة مخصصة للمسيح الفادي. وبعد زيارة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2002، قدمت الحكومة قطعة أرض تم عليها بناء كنيسة الحبل بلا دنس. أما الشيخ، الذي وصفه الأب فيكيت بأنه &quot;رجل منفتح جدًا&quot;، فإنه أراد المساهمة في بنائها من خلال تقدمه شخصية بقيمة عشرة الآف دولار. وعلى مر السنين، تم إضافة إلى الكنيسة مركز راعوي حيث يتم الاحتفال بالقداديس الإلهية بصورة يومية.</p><p dir="RTL"><strong>مشاريع اجتماعية وتربوية</strong></p><p dir="RTL">قال الأب فيكيت: &quot;كما نسعى إلى تطوير مشاريع اجتماعية وتعليمية. فالمجتمع يتفهم ببطء أن الكنيسة الكاثوليكية لا تسعى لمصالح خاصه &quot;لكنها تسعى لخدمة الجميع أينما وجدت جيث أنها تظهر اهتمامًا خاصًا للفئات الأكثر ضعفًا. ونحن نقدم حاليًا المساعدة للفقراء الذين يلجأون إلى بيت الإرساليات الخيرية طلبًا للمساعدة. وتم أيضًا افتتاح مدرسة تأهيل يعمل فيها مدرسون، منهم مسلمون أيضًا، يدرس فيها أربع مئة شاب. كما تم إطلاق برنامج يتم متابعته عن بعد لبنات نساء غير متزوجات أو الأزواج الذين في أمس الحاجة إليها&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>تشجيع البابا فرنسيس</strong></p><p dir="RTL">يتابع الأب فيكيت قائلاً: &quot;جلبت زيارة البابا فرنسيس فرحة كبيرة إلى المؤمنين الكاثوليك الذين سارعوا بغبطة للقائه. كان هناك مستوى عالٍ من الحضور في القداس المهيب. وبأسلوبه البسيط والمحب، شجعنا البابا على المضي قدمًا بالإيمان دون خوف. كانت كلماته حافزًا مهمًا بالنسبة لنا. تحدث راسم مسفرالي بإيجابيه حول نتائج زيارة البابا فرنسيس، في حين ينهي جوندوز باباييف حديثه بالقول إن وجود البابا في أذربيجان كان حدثًا تاريخيًا. فقد زار البابا بلدًا مسلمًا، وخاطب المؤمنين في المسجد. إنه مثال رائع لحوار الأديان&quot;.</p>